يتجه المغرب لمنح حوافز إضافية للشركات التي تنجز استثمارات في المناطق النائية، بهدف تحقيق هدف التنمية المتوازنة على مستوى المملكة، خصوصاً في ظل تركز الاستثمارات في أربع جهات دون غيرها.
في هذا الإطار، طالب نواب يوم الاثنين، بالعدالة المناطقية من أجل تسهيل الاستثمار في بعض الجهات التي ترزح تحت الفقر، معتبرين أن أربع جهات فقط تستفيد من نصيب الأسد من الاستثمارات.
ويتطلع النواب إلى إنجاز مشاريع في البنية التحتية وأخرى منتجة بهدف توفير فرص عمل في تلك المناطق، حيث يراهنون على الصفقات التي تتيحها الاستثمارات العامة ومساهمة القطاع الخاص.
وتفضي الفوارق المناطقية إلى تفاوت في التعليم والصحة والتوظيف، فالقصور المسجل في هذه المجالات، قد ينعكس على استعدادات الأشخاص وقدرتهم على النجاح في الحركية الاجتماعية.
ودأبت الحكومة على تأكيد أن الحد من الفوارق المناطقية والاجتماعية يستدعي توظيف الاستثمارات العمومية لتعزيز جاذبية الجهات وتنافسيتها، مؤكدة أن تقليص تلك الفوارق لا يرتبط فقط بتحويل المزيد من الاستثمارات، بل يقتضي استعمال تلك الأموال لتأهيل الجهات لاستقبال الاستثمارات وتحسين جاذبيتها.
ويشمل الاستثمار العمومي الاستثمارات عبر الميزانية والجماعات المحلية ومقاولات الدولة، حيث توقعت الحكومة عبر قانون مالية العام الحالي أن يصل إلى 30 مليار دولار، صعوداً من 25 مليار دولار في العام الماضي.
ولاحظ النموذج التنموي الجديد للمغرب أن الاستثمار يمثل 30% من الناتج الداخلي الصافي، وهو مستوى مرتفع مقارنة ببلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، حيث يصل إلى 25%.
غير أن الملاحظ أن غالبية الاستثمارات في المغرب تنجزها الدولة في حدود الثلثين عبر الموازنة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية، وهو ما يؤشر عليه الرقم المسجل عبر قانون مالية العام الحالي، الذي يتوقع أن يبلغ 30 مليار دولار.
وتمثل الاستثمارات التي تنجزها الدولة عبر الموازنة والجماعات المحلية وشركات الدولة فرصة للشركات الخاصة للاستفادة من الصفقات العمومية في إطار الأفضلية الوطنية، علماً أن استثمارات الدولة تحرك الاقتصاد رغم النقاش السائد حول ضعف مردوديتها.
وقد أكد وزير الموازنة فوزي لقجع، أن الاستثمار العمومي كان خياراً استراتجياً لدفع عجلة النمو عبر تعزيز الطلب الداخلي الذي لن يتأتى إلا عبر الاستهلاك والاستثمار العمومي.
وأضاف أن الاستثمار العمومي يُنتظر أن يصل في العام الحالي، بمساهمة صندوق محمد السادس للاستثمار، إلى 30 مليار دولار، غير أنه يلاحظ أن الجهات لا تستفيد كلها بالمستوى نفسه، معتبراً أن ذلك يمكن معالجته عبر التحفيزات التي يوفرها "ميثاق الاستثمار".
وذهب الوزير لقجع لدى مثوله أمام مجلس النواب أمس، إلى أنه عندما تشدد الدولة عبر ميثاق الاستثمار على توفير تحفيزات إضافية للمستثمرين الذين ينجزون مشاريع في مناطق صعبة، فإن ذلك ستكون له تأثيرات إيجابية على مستوى تقليص الفوارق في الاستثمارات.
ويعتبر أن إعطاء اللامركزية الإدارية والجهوية معناها الحقيقي، من شأنه أن يفضي إلى تقليص الفوارق على مستوى الاستثمارات بين المناطق في المغرب، مشدداً على ضرورة تجاوز هذا الوضع عبر تلك المقاربة.
ويلاحظ الاقتصادي رضوان الطويل، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الاستثمار العمومي المحدد في 30 مليار دولار، يبقى رهيناً باستثمارات شركات الدولة التي تناهز 14 مليار دولار، وهي شركات لا ترتبط بالموازنة العامة إلا على مستوى الضمانات التي تحظى بها اقتراضاتها من قبل الدولة.
ويرى أن الاستثمارات العمومية المعلنة عبر الموازنة تخضع أحياناً لبرمجة تتعدى السنة الواحدة، عكس نفقات التسيير التي تُلتزَم على مدار العام، مؤكداً أن إنجاز الاستثمارات يبقى رهيناً كذلك بسعي الدولة التي تتطلع إلى حصر العجز الموازني في مستوى لا يتعدى 3% كهدف أمثل.