لا يفوت رجال الأعمال في المغرب، أية فرصة من أجل الشكوى من قانون العمل، الذي يضع قيوداً أمام تسريح العمال أو ربط ديمومة فرص العمل التي تتيحها الشركات بالمكاسب التي تحصل عليها، غير أن مطالب رجال الأعمال الرامية إلى المرونة في سوق الشغل، تدفع مراقبين إلى التخوف من تكريس هشاشة وضعية العمال.
ويتطلع رجال الأعمال إلى تعديل قانون العمل، حيث يرون أنه يجب مراعاة تنافسية الشركات والاستقرار الوظيفي الذي يرنو إليه العمال. فالاتحاد العام لمقاولات المغرب يعتبر أن المرونة ستتيح للمقاولات تحقيق نوع من التوازن بين العرض والطلب والأخذ بالاعتبار التقلبات التي تشهدها الأسواق.
ويتصور الاتحاد، الذي رفع إلى الحكومة كتاباً بمطالب يراها مستحضرة لأهداف النموذج التنموي الجديد، أنه يجب التوجه نحو استحضار طرق العمل الجديدة، مثل العمل عن بعد والعمل بدوام جزئي، بما لها من تأثير بالنشاط الاقتصادي والحماية الاجتماعية والتقاعد والانتقال الوظيفي.
وشرع الاتحاد مع الأزمة الصحية، بما كان لها من تداعيات على أداء العديد من القطاعات، في التشديد على ضرورة إصلاح قانون العمل بهدف اعتماد المرونة، من أجل استيعاب وضعيات مثل تلك التي نجمت عن الأزمة الصحية.
ويتصور أن المرونة في القانون الحالي مشروطة بالعديد من المبررات الصارمة، بل إن الاتحاد يشير إلى أن القانون الحالي لم ينظم كيفية التعاطي مع 950 ألفاً من العمال الذين فقدوا فرص عملهم في الأشهر الأولى من انتشار فيروس كورونا.
ويتصورالقيادي في الاتحاد العمالي الفلاحي، محمد الهاكش، في تصريح لـ"العربي الجديد" أن المرونة في سوق الشغل التي ترنو إليها الشركات المنضوية تحت لواء الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أضحت واقعاً في ظل الجائحة التي عرفت تسريحات وتقليص الأجور.
وشدد على أن المرونة لن تفضي إلا إلى الزيادة في الهشاشة التي يعاني منها العمال، خاصة أن حوالى مليون شخص يصنفون في البيانات الرسمية ضمن الذين يمارسون أعمالاً ناقصة، التي تحيل على عدد ساعات عمل محدودة أو عدم ملاءمة العمل الممارس مع قدرات الشخصية الفنية.
يتصورالقيادي في الاتحاد العمالي الفلاحي، محمد الهاكش، أن المرونة في سوق الشغل التي ترنو إليها الشركات، أضحت واقعاً في ظل الجائحة التي عرفت تسريحات وتقليص الأجور
ويرى أن التوجه نحو المرونة في سوق الشغل من شأنه أن يعمّق البطالة، علماً أن معدلها ارتفع كثيراً في ظل الجائحة حيث وصل إلى 11.8 في المائة، أي 1.44 مليون شخص، علماً أن ذلك المعدل يصل إلى حوالى 30 في المائة وسط الشباب.
ومن جانبه، يتصور الاقتصادي رضوان الطويل، أن المرونة باعتماد عقود مؤقتة وتقليص حماية العمل، كما يرنو إلى ذلك دعاة المرونة، لن يؤدي إلى تحفيز النشاط الاقتصادي أو تطوير التحفيزات للابتكار.
ويشدد على أن المرونة التي تعتبر واقعاً تعكسه بيانات الشغل والبطالة التي تصدرها المندوبية السامية للتخطيط، تفضي إلى شيوع الأجور المتدنية، ما ينعكس سلباً على الإنتاجية، خاصة أن إطلاق يد الشركات كي تسرح العاملين لا يؤدي إلى استثمار في الكفاءات وتطوير الإنتاجية.
وقد عاد الاتحاد العام لمقاولات المغرب، لطرح موضوع تعديل قانون الشغل، أول من أمس، على لسان نائب رئيس الاتحاد، المهدي التازي، حيث أشار إلى أنه في ظل النقص المسجل على مستوى رقائق السيارات، وما كان له من تأثير من القطاع، فإن حجم البطالة الجزئية يصل إلى حوالى 30 في المائة في ذلك القطاع.