المغرب: مشاورات حول قانون الإضراب وسط مخاوف عمالية من التقييد

15 سبتمبر 2024
تظاهرة للنقابات ضد الظروف المعيشية، الدار البيضاء 6 إبريل 2024 (فاضل سينا/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أطلقت الحكومة المغربية مشاورات حول مشروع قانون الإضراب، وسط مخاوف من تقييد الحق والانحياز لرجال الأعمال. دعا الحسين اليماني إلى احترام الدستور والمعايير الدولية.
- رفض اتحاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل مشروع القانون، معتبراً أنه يقيّد حق الإضراب ويقلص مجالاته، بينما يرى رجال الأعمال أن تنظيم الإضراب ضروري لجذب الاستثمار.
- أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتشاور واسع وتوازن بين حق الإضراب وحرية العمل، مع مراعاة الدستور والمعايير الدولية.

أطلقت الحكومة المغربية مشاورات مع الاتحادات العمالية ورجال الإعمال حول مشروع قانون الإضراب وسط مخاوف عمالية من تقييد ذلك الحق والانحياز لمطالب رجال الأعمال. ودعا عضو اتحاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل الحسين اليماني في تصريح لـ"العربي الجديد "، إلى ضرورة احترام مشروع قانون الإضراب الدستور والمعايير الدولية، مشيراً إلى أن الإضرابات تحدث في غالب الأحيان، نتيجة رفض أرباب العمل تطبيق قانون العمل والامتثال للقوانين ذات الصلة بالحماية الاجتماعية، ما يفضي إلى نوع من الاحتقان الذي يتسبب في احتجاجات. 

ووفق رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي جاء بطلب من مجلس النواب، وهو الرأي الذي يؤكد أن الإضرابات في العقود الأخيرة تجد مبررها في الدفاع عن الحقوق والمكتسبات، حيث يورد أن الإضرابات في القطاع الخاص في 2022، كانت بسبب التأخر في أداء الأجور بنسبة 26%، وغياب عقد العمل بنسبة 18% وعدم التسجيل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بنسبة 17%. ورفض اليماني أن يفضي مشروع قانون خاص بتنظيم الإضراب إلى "سنّ تدابير إجرائية من شأنها محاصرة ممارسة ذلك الحق، خصوصاً في ظل شيوع ممارسات تؤدي إلى التضييق على العمال".

وبادر اتحاد الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إلى التعبير عن رفضه لمشروع القانون التنظيمي للإضراب، معتبراً أنه "قيّد بشكل كامل ممارسة حق الإضراب وقلص مجالاته وجعله محدوداً ومن دون تأثير، بل منع العديد من أشكال الإضراب إما صراحة أو قطعاً أو بشكل ضمني، وأسس لمسطرة تعجيزية ومعقدة لقرار الإعلان عن الإضراب، ما سيجعله من دون أثر". وأكد الاتحاد في بيان أن "ذلك الموقف عبّر عنه الاتحاد بجلسات الحوار مع الحكومة وكذلك خلال جلسة الاستماع بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي"، مشدداً على أن "مشروع القانون التنظيمي للإضراب يجب أن يكون موضوع حوار مجتمعي متعدد الأطراف. وأكد أن "حق الإضراب ركيزة أساسية للحرية النقابية وضرورة مجتمعية لمحاربة الاستغلال والفساد وفرض احترام القانون الاجتماعي وآلية ضرورية للتضامن الاجتماعي والعمالي، كذلك فإنه يشكل أحياناً مبادرة وطنية للدفاع عن قضايا دولية ووطنية".

وجاء الحوار الذي بدأ الجمعة، غداة صدور رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي يدعو إلى توافقات بناءة تراعي مبادئ الدستور والاتفاقيات الدولية. وجاءت المشاورات التي ترأسها وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس سكوري، في سياق جولة جديدة من الحوار الاجتماعي، الذي ينتظر أن يثير فيها مشروع قانون تنظيم الإضراب خلافات بين الحكومة ورجال الأعمال والاتحادات العمالية، في ظل تخوف هذه الأخيرة من التضييق على ممارسة الحق في الإضراب.

وكان مجلس النواب في سياق الخلاف حول ذلك الملف، قد أحال مشروع القانون الخاص بتنظيم قانون الإضراب على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ملتمساً رأي تلك المؤسسة الدستورية، بينما تعبّر الحكومة عن الرغبة في حسم ذلك المشروع الذي يواجه برفض اتحادات عمالية. ونصّت جميع الدساتير التي عرفها المغرب منذ أكثر من ستة عقود على وضع قانون تنظيمي للإضراب دون ترجمة ذلك في نص تشريعي، إلى أن صدّقت الحكومة على المشروع في 2016، وأحالته على مكتب مجلس النواب، غير أنه قوبل باعتراض الاتحادات العمالية التي ترى أنه لا ينسجم مع الدستور والمعايير الدولية ذات الصلة بممارسة حق الإضراب.

وطرحت مسألة مشروع القانون في الحوارات الاجتماعية التي تضم الحكومة والاتحادات العمالية ورجال الأعمال، إلى أن تم الاتفاق بمناسبة عيد العمال الأخير على بلورة منهجية للحوار تفضي إلى التوافق على النقاط الخلافية. ويتصور رجال الأعمال أن جذب الاستثمار وتحقيق النمو، يحتاجان للسلم الاجتماعي، الذي يساهم فيه تنظيم حق الإضراب، حيث يرون أنه لا بد من تقييد ذلك الحق عبر وضع شروط لا تلغي ممارسة الإضراب وتضمن حرية العمل في الوقت نفسه. كذلك يؤكدون ضرورة مراجعة قانون العمل بهدف إضفاء المرونة في سوق العمل.

ويرى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن "تقنين ممارسة حق الإضراب يفترض أن يعد مشروعاً مجتمعياً يستوجب التشاور الواسع والتوصل إلى توافقات بناءة، مع إشراك جميع الأطراف المعنية بهدف ضمان أن يعكس القانون مصالح جميع الفئات في المجتمع". ويوصي بأن "يحقق مشروع القانون التوازن بين حق الإضراب وحرية العمل"، مؤكداً "ضرورة السماح بتنظيم جميع أشكال الإضراب التى تشهدها الساحة الوطنية دون إقصاء أوتمييز، وإعطاء الأولوية للحوار والتفاوض".

ويشدد المجلس على مسألة "تفادي التنصيص على العقوبات السالبة للحرية مع تناسبية الغرامات المالية بين أرباب العمل والعاملين"، ويؤكد "ضرورة التشديد على المبادئ العامة والتوجهات الأساسية والقواعد الضرورية من حيث شروط وممارسة حق الإضراب دون الدخول في التفاصيل الإجرائية الخلافية التي قد تغذي التصادم بدل التوافق بين الفرقاء". ويدعو إلى "تبني مشروع قانون تنظيمي للإضراب يراعي المرجعية الدستورية والالتزامات والمعايير الدولية ويضمن الأمن القانوني ويضمن توازن المصالح لخلق بيئة سليمة ومستقرة تقلّ فيها المنازعات ويسهل فيها الاحتكام إلى القانون والقضاء".

المساهمون