المغرب: قلق حكومي من انفلات المديونية

23 نوفمبر 2021
مطالب بتمويل مشاريع لها تأثير إيجابي على النمو الاقتصادي (فرانس برس)
+ الخط -

لم يُخفِ مسؤولون وخبراء اقتصاد مغاربة تخوفهم من المستوى الذي بلغته المديونية في العامين الأخيرين، تحت تأثير الأزمة الصحية، التي أفضت إلى ارتفاع الإنفاق العمومي، في وقت تراجعت الإيرادات الجبائية، خاصة في العام الماضي بسبب تداعيات فيروس كورونا على مختلف القطاعات.
وعند تناول موضوع التحديات الكبرى للمالية العمومية للقرن الواحد والعشرين، في المؤتمر الدولي الذي شهدته الرباط بداية الأسبوع الجاري، بدا انشغال المسؤولين الحكوميين والخبراء المغاربة طاغيا بمستوى المديونية، وإن كانوا يؤكدون أنها في مستويات متحكم فيها.
ويتوقع البنك المركزي أن تصل مديونية الخزانة في العام الحالي إلى 77.3 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، مقابل 76.4 في المائة في العام الماضي، وهي مديونية يرتقب أن تقفز إلى 79.6 في المائة خلال العام المقبل. وعند النظر إلى بنية المديونية يتجلى هيمنة الدين الداخلي الذي سيمثل 60.3 في المائة ضمن مجمل مديونية الخزانة بزيادة بحوالي 9.5% مقارنة بعام 2019.

سد الحاجات التمويلية

وينتظر سد الحاجيات التمويلية لموازنة الدولة في العام المقبل، عبر اقتراض 11 مليار دولار، موزعة بين 6.8 مليارات دولار من السوق الداخلي و4.2 مليارات دولار من السوق الخارجي.

غير أن وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح علوي، تشدد على التوجه كذلك نحو تعبئة آليات تمويل مبتكرة للحصول على 1.2 مليار دولار، معبرة في الآن ذاته عن رفض طبع العملة لتمويل الموازنة.
وفي هذا السياق، يتصور الاقتصادي المغربي، رضوان طويل، أنه من أجل مواجهة انتشار الفيروس وتجاوز وضعية الانكماش الاقتصادي الذي نجم عنه، تم اللجوء في العديد من البلدان إلى التخفف من السقف الذي يراد التقيد به على مستوى العجز في الموازنة والمديونية.
ويؤكد طويل في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن الدعوة إلى التحكم في الإنفاق بهدف عدم تفادي عجز الموازنة، يراد منه الاستجابة لطلبات المؤسسات المالية الدائنة، غير أنه يقول إنه لا توجد ضوابط أو قواعد تسمح بالتحكم في عجز الموازنة وحتي سقف المديونية في الحدود المرغوبة من قبل الحكومة في ظل التطورات الجديدة المترتبة على تداعيات الجائحة الصحية.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويتخوف مسؤولون في المغرب أكثر من المديونية الخارجية، حيث يستحضرون ما حدث في الثمانينيات من القرن الماضي، عندما قفزت من 12.9 في المائة من الناتج المحلى الاجمالي في 1974 إلى 43.8 في المائة في عام 1982.
ووجد المغرب نفسه في حينها في وضعية عجز عن السداد جراء مديونيته المرتفعة جدا وتوسع عجز الموازنة غير المسبوق، ما أفضى إلى تبني برنامج للتقويم الهيكلي وإعادة جدولة الدين الخارجي.

قلق حكومي

وأكدت مديرة الخزانة والمالية الخارجية بوزارة الاقتصاد والمالية، فوزية زعبول، السبت الماضي، ضرورة توفير تمويلات من خلال المديونية، لإنجاز مشاريع لها تأثير إيجابي على النمو الاقتصادي.
ودعت إلى التحلي باليقظة، "إذ رغم كون المغرب ما زال يتوفر على هامش لتحميل عبء المديونية"، إلا أنها تؤكد أنه تم تجاوز السقف المسموح به قياسا بالناتج الإجمالي المحلي، مطالبة في الوقت نفسه، بخفض تكلفة الديون مع العمل على تعبئة الادخار الطويل الأجل.
وذهبت زعبول إلى أنه يتوجب التوجه في سبيل التخفيف من الاستدانة، إلى تسخير الإمكانيات المالية الكامنة، حيث تؤكد دور الجباية في هذا المجال، من خلال توسيع الوعاء الجبائي والعمل على عقلنة الإعفاءات والتحفيزات الجبائية.
غير أنها تشدد على أن تحمل حجم المديونية يرتبط بالعمل على سياسة الإنفاق عبر الموازنة، حيث يفترض في النفقات أن تتسم بالنجاعة، خاصة من خلال تمويل مشاريع يكون لها تأثير على النمو الاقتصادي.

المساهمون