- استطلاعات الرأي تكشف أن 82.5% من الأسر تشعر بتدهور مستوى المعيشة خلال العام الماضي، مع توقع 76.3% منها لارتفاع أسعار السلع الغذائية في المستقبل.
- الحوار الاجتماعي بين الحكومة والاتحادات العمالية يُعد محورًا لمعالجة قضايا القدرة الشرائية، مع مخاوف من تقليص الحكومة لنفقات الدعم مما قد يزيد من الضغوط المعيشية.
يسود قلق لدى الأسر في المغرب من ارتفاع أسعار السلع الغذائية ومخاوف حول الأوضاع المعيشية رغم الأرقام الصادرة اليوم الاثنين، والتي تشير إلى انخفاض التضخم في مارس/ آذار الماضي، إلى أدنى مستوى له منذ أغسطس/ آب 2021. وأفادت المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، في تقرير الرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك، أنّ معدل التضخم السنوي تباطأ إلى 0.9%، مقارنة بالمستوى الذي بلغه في الشهر نفسه من العام 2023، حين قفز إلى 8.2%.
ونتج مستوى التضخم في مارس الماضي، عن تباطؤ ارتفاع أسعار السلع الغذائية إلى 0.9% والسلع غير الغذائية بنسبة 1.1%، وهي زيادات وصلت على التوالي في مارس 2023 إلى 16.1% و3% على التوالي.
وكانت المندوبية توقعت أن تشكل أسعار المواد الغذائية، التي ارتفعت بشكل كبير خلال السنة الماضية، المحرك الرئيسي لانخفاض التضخم، وذلك بفضل انخفاض أسعار المنتجات الطازجة، لا سيما أسعار الخضروات الطازجة والحوامض. وذهبت المندوبية في آخر تقرير لها حول أداء الاقتصاد في الربع الأول من العام الجاري، أن زيادة توافر المنتجات في السوق، الناجم جزئياً عن تناوب دورة إنتاج بعض المحاصيل وزيادة الواردات، أدتا إلى تهدئة التوترات على أسعارها.
وتراجع معدل التضخم في المغرب خلال العام الماضي إلى 6.1%، بعدما قفز في العام الذي قبله إلى 6.6%، غير أنّ بنك المغرب (البنك المركزي) يترقب، بحسب بيانات أصدرها في مارس الماضي، أن ينخفض في العام الحالي كي يستقر عند 2.2%.
قلق أسر المغرب من الأسعار
غير أن تباطؤ ارتفاع التضخم لم يستأصل بشكل كبير قلق الأسر، ففي بحث الظرفية الذي أجرته المندوبية السامية للتخطيط حول أوضاع الأسر ونشرت نتائجه، يوم الجمعة الماضي، عبّرت 82.5% من تلك الأسر عن إحساسها بتدهور مستوى معيشتها في الاثني عشر شهراً الماضية، وهي نسبة تصل إلى 56.9% عند سؤال الأسر حول توقعها لتطور مستوى معيشتها في الاثني عشر شهراً المقبلة. وصرّحت حوالي 56% من الأسر المستطلعة آراؤها بأنّ إيراداتها تغطي إنفاقها، فيما استنفدت 42.4% من الأسر مدخراتها أو لجأت إلى الاقتراض.
ورغم تباطؤ مؤشر ارتفاع السلع الغذائية، إلا أنّ 96.9% من الأسر المشاركة في البحث، صرحت في الربع الأول من العام الجاري، بكون تلك السلع سجلت ارتفاعاً في الاثني عشر شهراً الماضية. وهو هاجس يشغل الأسر كذلك في الاثني عشر شهراً المقبلة، حيث إنّ 76.3% من الأسر تترقب ارتفاعها. ويلاحظ البنك الدولي في تقريره بعنوان "من القدرة على الصمود إلى الرخاء المشترك" الصادر العام الماضي، أنّ الإحصائيات الإجمالية تخفي حقيقة أنّ تضخم أسعار الغذاء في المغرب، يؤثر بشكل غير متناسب على الفقراء والفئات الأكثر احتياجاً.
ويتجلى أنّ القدرة الشرائية للأسر ستكون حاضرة بقوة في الحوار الاجتماعي بين الاتحادات العمالية والحكومة ورجال الأعمال، حيث أكد الحسين اليماني، الكاتب (الأمين) العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز، ضرورة إقرار تعويض للأجراء في القطاعين العام والخاص ولمن لا يتوفرون على دخل.
وأكد اليماني، في تصريحات إعلامية، أن ذلك التعويض يجد مبرره في الارتفاع الكبير للأسعار وتراجع المجانية في بعض الخدمات العمومية مثل الصحة والتعليم، حيث الحوار الاجتماعي يجب في تصوره أن يتجاوز التركيز على الزيادة في الأجور فقط. وأشار إلى الزيادات التي شهدها السولار منذ تحرير أسعاره في متمم 2015، حيث انتقل من ثمانية دراهم إلى أكثر من 13 درهماً حالياً، ما يؤثر على تكاليف نقل المسافرين والسلع، بما لذلك من انعكاس على القدرة الشرائية للأسر.
وتتعاظم التخوفات من التوجه الرامي من قبل الحكومة في العام الحالي إلى تقليص نفقات الدعم، حيث سيشرع في الزيادة في سعر قنينة الغاز بحوالي دولار، وهي زيادات يرتقب أن تطبق كذلك في الأعوام المقبلة. وتبرر الحكومة التوجه نحو تفكيك المقاصة والزيادة في سعر غاز الطهو بالرغبة في توجيه الدعم لمستحقيه، ما دام أن الدعم تستفيد منه الأسر الفقيرة والغنية على حد سواء، ما يرفع نفقات الدعم ويفضي إلى توسيع عجز الموازنة.
(الدولار = 10.12 دراهم)