المغرب في هدنة من غلاء القمح... انخفاض الأسعار عالمياً يكبح فاتورة الاستيراد

10 يناير 2024
محصول الحبوب لم يتجاوز 5.51 ملايين طن العام الماضي بسبب الجفاف (Getty)
+ الخط -

ساعد انخفاض أسعار القمح في السوق الدولية خلال الأشهر الماضية على خفض فاتورة مشتريات المغرب من هذه السلعة الرئيسية العام الماضي، بينما تأتي فاتورة الاستيراد أكثر إزعاجاً في وقت تعاني فيه البلاد من تراجع محصول الحبوب المحلي بفعل الجفاف.

وتفيد بيانات مكتب الصرف (حكومي)، بأن فاتورة القمح تراجعت بحوالي 600 مليون دولار في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لتبلغ نحو 1.78 مليار دولار خلال الأشهر الـ11 الأولى من 2023، مقابل 2.4 مليار دولار في الفترة نفسها من 2022.

ويأتي انخفاض فاتورة هذه الواردات رغم استقرار الكميات المشتراة في المستوى نفسه، حيث بقيت إلى غاية نوفمبر/ تشرين الثاني في حدود 5.42 ملايين طن، مقابل 5.53 ملايين طن في الفترة نفسها من 2022، وهو ما يرجع إلى انخفاض الأسعار في السوق الدولية العام الماضي.

وكانت منظمة الأغذية والزراعة بالأمم المتحدة قد أكدت في موجزها الشهري الصادر في ديسمبر/ كانون الأول الماضي عن إمدادات الحبوب والطلب عليها، أن توقعات الإنتاج العالمي للحبوب في عام 2023 ارتفعت بمقدار 3.6 ملايين طن، ما يعكس تحسن التوقعات بشأن القمح.

وتراجع مؤشر أسعار الحبوب بنسبة 15.4% على أساس سنوي، وهو ما يعكس المخزون الكبير في الأسواق العالمية، حسب المنظمة الدولية.

وقال مولاي عبد القادر العلوي، رئيس أرباب المطاحن في المغرب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن واردات القمح استفادت من انخفاض الأسعار في السوق الدولية العام الماضي، مقارنة بالعام السابق له، الذي سجلت خلاله ارتفاعاً كبيراً على خلفية الحرب الروسية في أوكرانيا.

وأوضح العلوي أن سعر الكلفة بالنسبة للقمح اللين المستورد إلى الموانئ تراجع بنسبة 50% العام الماضي، كي يصل إلى 30 دولاراً للقنطار الواحد (القنطار يعادل 100 كيلوغرام)، بينما انخفض سعر القمح الصلب بنسبة 30%.

وأشار إلى أن المستوردين يحاولون دائما تأمين مخزون من القمح اللين يغطي ثلاثة أشهر من الاستهلاك، علما أن المغرب يعمد إلى تنويع الأسواق التي يستورد منها حاجياته من القمح.

ومن جانبها، سجلت المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، في تقريرها حول الوضع الاقتصادي للربع الأخير من العام الماضي وآفاق الربع الأول من العام الجاري، انخفاض أسعار الحبوب في السوق الدولية بنسبة 30%.

وكانت الحكومة قد راهنت على استيراد 25 مليون قنطار (2.5 مليون طن)، من القمح اللين لغاية نهاية العام الماضي، عندما ينخفض سعره إلى 27 دولاراً للنقطار الواحد.

وسعى المغرب إلى تكثيف اللجوء إلى الاستيراد من أجل تأمين مخزون استراتيجي، في سياق متسم بتأثير الجفاف على محصول الحبوب الذي بلغ 5.51 ملايين طن في العام الماضي، مقابل 3.4 ملايين طن في عام 2022، بينما كان قد بلغ 10.3 ملايين طن في 2021.

وأثر شح الأمطار على إنتاج جميع أنواع الحبوب في العام الماضي، حيث لم يتجاوز إنتاج القمح اللين 2.98 مليون طن، والقمح الصلب 1.18 مليون طن، والشعير 1.35 مليون طن.

وجاء محصول الحبوب في العام الماضي دون توقعات الحكومة التي كانت تتطلع إلى 7.5 ملايين طن، ما يعني أن انخفاض المحصول أفضى إلى مواصلة استيراد الحبوب على غرار ما حدث في 2022، حيث وصلت مشتريات القمح إلى 6 ملايين طن، مقابل 4.66 ملايين طن في 2021.

كان المستوى القياسي الذي بلغه سعر القمح اللين في 2022 في سياق ضعف المحصول وتداعيات الحرب في أوكرانيا، قد دفع الحكومة إلى تخصيص دعم جزافي تجاوز 250 دولاراً للطن، علما أن السعر في السوق الدولية تجاوز 500 دولار للطن.

وتترقب الحكومة والمزارعون على حد سواء مستويات تساقط الأمطار في الأشهر الثلاثة المقبلة، التي ستكون حاسمة للموسم الزراعي الذي يؤثر بشكل كبير في معدل النمو الاقتصادي للدولة.

ويدفع تأخر هطول الأمطار المندوبية السامية للتخطيط إلى توقع تراجع النمو الاقتصادي إلى 2.4% في الربع الأول من العام الجاري (من يناير/ كانون الثاني حتى مارس/ آذار)، بعدما كان في الفترة نفسها من العام الماضي في حدود 3.3%.

وانخفضت التساقطات المطرية منذ بداية الموسم الزراعي قبل أربعة أشهر بنسبة 67%، كما تراجع مخزون المياه في السدود بنسبة 75%.

ويتوقع أن يكون هذا الموسم صعباً إذا ما تأخر الغيث في الأشهر الثلاثة المقبلة، خاصة بعد موسمين جافين شهدهما المغرب، ما أثر سلبا على المحاصيل الزراعية ومخزون المياه الذي كان يمكن أن يسعف لتوفير مياه السقي للمزارعين الذين مُنع عنهم الري في بعض الأحواض المائية.

المساهمون