المغرب: تكاليف السفر تخيف السياحة أكثر من جدري القرود

26 مايو 2022
المغرب يعوّل على المغتربين العائدين صيفاً لإنعاش السياحة (Getty)
+ الخط -

لا يقلق الفاعلون في قطاع السياحة المغربي كثيراً على موسم الصيف، خاصة بعد ثبوت سلبية ثلاث حالات جرى الاشتباه في إصابتها بجدري القرود في الدولة، وإنما يخشون بشكل لافت تداعيات ارتفاع تكاليف السفر على معدلات الزائرين، لاسيما من المغتربين المغاربة الذين يقضون عطلاتهم السنوية في بلدهم ويؤثرون بشكل كبير في إنعاش القطاع وإيراداته.

وما إن جرى الإعلان عن ظهور إصابات بجدري القرود في العديد من الدول ومنها المغرب، حتى تجددت المخاوف من فرض قيود جديدة خاصة في ما يتعلق بالسفر والسياحة، إذ يستحضر كثيرون التداعيات التي ترتبت على ظهور فيروس كورونا قبل نحو عامين ونصف.

لكنّ مختصين في القطاع الصحي في المغرب أشاروا إلى أنّ جدري القرود لا يستدعي حجراً صحياً أو تدابير عند السفر أو إغلاق المطارات، لافتين إلى أنّ ذلك الفيروس كان معروفاً منذ خمسين عاماً وطرق الوقاية منه معلومة.

وفي مقابل التقليل من تأثيرات الفيروس على موسم السياحة في الصيف الحالي الذي يعول عليه العاملون في القطاع بعد ركود استمر عامين، يقول رئيس الفيدرالية الوطنية للصناعة الفندقية، لحسن زلماط، إن ما يقلق أكثر هو ارتفاع أسعار تذاكر الطيران والبواخر، مشيرا إلى ضرورة إيجاد حلول لهذه المشكلة بهدف جذب السياح.

ويضيف زلماط في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ ارتفاع تكاليف السفر يمكن أن يدفع بعض الزوار إلى العزوف عن الحلول بالمملكة في الصيف، موضحاً أنّ أسعار تذاكر الرحلات الجوية تضاعفت في الفترة الأخيرة، ويمكن أن ترتفع أكثر في ذروة موسم عودة المغتربين المغاربة والسياح في الفترة بين يوليو/ تموز وسبتمبر أيلول.

كما أثيرت في الفترة الأخيرة مسألة ارتفاع أسعار النقل البحري، الذي يستخدمه المغتربون المغاربة الآتون من أوروبا، وسط توقعات بأن ترتفع أسعار التذاكر وتكاليف عبور السيارات على متن البواخر إلى مستويات غير مسبوقة حتى سبتمبر/ أيلول.

وتأتي زيادات الأسعار في الوقت الذي تسعى شركات النقل بمختلف أنواعها إلى تعويض بعض من الخسائر التي تكبدتها في العامين الأخيرين بسبب قيود كورونا، فضلاً عن تحميل المسافرين أعباء ارتفاع أسعار الكيروسين للطائرات وتكاليف الخدمات في الموانئ في الأشهر الأخيرة.

ويشدد رئيس الفيدرالية الوطنية للصناعة الفندقية على ضرورة ألّا تكون أسعار تذاكر السفر عاملاً حاسماً في التأثير على قرار السياح، إذ ينبغي النظر في المصاريف الأخرى التي سينفقونها عندما يحلون بالمدن المغربية.

وكان رئيس الحكومة عزيز أخنوش ترأس في نهاية الأسبوع الماضي، اجتماعاً للوقوف على التدابير المتخذة لإنعاش القطاع السياحي بعد سنتين من تداعيات الأزمة الصحية العالمية، خاصة مع تسجيل بعض المؤشرات الإيجابية التي يمكن استثمارها من أجل استقبال موسم جيد.

وقدمت وزيرة السياحة نادية فتاح علوي، الرؤية التي يراد من ورائها إنعاش القطاع السياحي، إذ جرى التأكيد على تأمين أكبر عدد من المقاعد للسياح الوافدين إلى البلاد مع شركات الطيران، وتطوير الإنعاش السياحي، وإنجاز حملات ترويجية، وملاءمة العرض مع الطلب.

ويؤكد زلماط أنّ الطلب عاد في الفترة الأخيرة على المنتج السياحي المغربي، خاصة في ظل الحملات الترويجية التي يقوم بها المكتب الوطني للسياحة في العديد من البلدان، مشيرا إلى أن العودة إلى المستوى الذي بلغته المملكة قبل الجائحة، يمكن أن يتحقق في العام المقبل.

ويراهن المهنيون على تحقيق قفزة في القطاع خلال الصيف، في حال لم تقع تطورات غير مرغوبة على المستوى الصحي، إذ سيعزز ذلك ثقة السياح في وجهة المغرب، علما أن المنافسة ستكون قوية مع وجهات مماثلة للمغرب، خاصة في البحر الأبيض المتوسط.

وأفضت الرغبة في إنعاش القطاع إلى إطلاق المكتب الوطني المغربي للسياحة حملة دولية للترويج للمنتج السياحي المغربي، تحت شعار "المغرب أرض الأنوار" وهي تستهدف حوالي عشرين دولة في أوروبا وأميركا والشرق الأوسط وأفريقيا.

واستؤنفت الرحلات البحرية في الفترة الأخيرة بين المغرب وإسبانيا، حيث ستعود عملية عبور المغتربين المغاربة في هذا العام بعدما توقفت في العامين الماضيين في سياق الأزمة الصحية وتوتر العلاقات بين البلدين.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وجرى الشروع في تنظيم حملة "مرحبا" المرتبطة بعودة حوالي 3 ملايين من المغاربة المقيمين في أوروبا ومناطق أخرى من العالم، ما يساهم في تنشيط الموسم السياحي.

ووفق بيانات صادرة عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية المغربية، في مارس/آذار الماضي، فإنّ عدد السياح الوافدين ارتفع بنسبة 34% على أساس سنوي في 2021، مسجلين أكثر من 3.7 ملايين سائح، بسبب زيادة عدد الوافدين من المغاربة المقيمين بالخارج بنسبة 77.9%، مقابل انخفاض عدد الأجانب بنسبة 8.8%.

وسيُجرى التعويل على الخطوط الملكية المغربية من أجل تنشيط القطاع السياحي، علماً أنّ الناقلة تراهن على استعادة جزء كبير من عافيتها في الصيف المقبل، عبر خطة لتوفير ستة ملايين مقعد لتأمين رحلات نحو ثمانين خطاً جوياً في مختلف أنحاء العالم.

وأعلنت الناقلة الوطنية أنها تنوي تغطية 90% من شبكة الوجهات التي كانت تؤمنها في 2019، قبل أن تعيق جائحة فيروس كورونا تطورها وتوقفها عن التحليق بسبب إغلاق الحدود الجوية.

كما شرعت شركات نقل جوي في الإعلان عن خططها تجاه المغرب في الفترة المقبلة، فقد أعلنت شركة ريان إير الأيرلندية عن تسخير قدرة استيعابية بمليوني مقعد في الصيف المقبل للمغرب، بزيادة بلغت نسبتها 54% مقارنة بعام 2019.

المساهمون