تحسم الحكومة، بعد غد الخميس، في تفعيل الزيادة في الحد الأدنى للأجور في سياق متسم بارتفاع أسعار السلع والخدمات إلى مستويات دفعت التضخم إلى مستوى قياسي.
وسيعرض في مجلس الحكومة الأسبوعي مرسوم من أجل الدراسة والمصادقة عليه، حيث ينتظر أن تتم إجازته ونشره في الجريدة الرسمية كي تسري الزيادة في الحد الأدنى للأجور اعتبارا من سبتمبر/أيلول القادم.
وسيأتي ذلك تفعيلا لقرار اتخذ في نهاية إبريل/نيسان الماضي بمناسبة عيد العمال، حيث اتفقت الحكومة والاتحادات العمالية والاتحاد العام لمقاولات المغرب على زيادة الحد الأدنى للأجور بنسبة 10% في الصناعة والتجارة والمهن الحرة.
وستفتح الباب أمام توحيد الحد الأدنى للأجور في القطاع الزراعي مع الحد الأدنى في الصناعة والتجارة والمهن الحرة، وهو تدبير سبق الاتفاق عليه في 2011 من دون أن يطبق.
ويبلغ صافي الحد الأدنى للأجور في الصناعة والتجارة والخدمات والمهن الحرة 2638 درهما (250.4 دولارا)، صافية من الضرائب، بينما يصل في الزراعة إلى حوالي 2031 درهما (192.79 دولارا)، ما يستدعي التوحيد في تصور الاتحادات العمالية التي تنادي بذلك منذ سنوات. (الدولار = 10.5347 دراهم).
وينتظر أن تكرس الحكومة في مجلسها الأسبوعي، الخميس، الزيادة في الحد الأدنى في الصناعة والخدمات والمهن الحرة بنسبة 5% في سبتمبر المقبل و5% في سبتمبر 2023.
وستصادق الحكومة في المرسوم الذي ستنظر فيه في اجتماعها الأسبوعي على زيادة الحد الأدنى للأجور في القطاع الزراعي بنسبة 10%.
وسيكون ذلك بداية مسلسل توحيد ذلك الحد الأدنى المطبق في الزراعة مع الحد الأدنى في الصناعة والتجارة والمهن الحرة، بحيث سيتساويان في عام 2028، حسب ما التزم به من قبل الحكومة والاتحادات والكونفدرالية المغربية للزراعة والتنمية القروية.
وكان العمال وأصحاب الشركات يترقبون إصدار مرسوم حكومي من أجل ترجمة القرار الذي اتخذ في نهاية إبريل الماضي، حيث إنه يتوجب على الشركات ملاءمة نظام حساب الأجور مع الزيادة الجديدة.
ويأتي تفعيل هذا القرار في سياق متسم بالارتفاع المطرد للتضخم منذ إبريل عند اتخاذه، حيث وصل إلى 7.7% في يوليو/تموز، حسب تقرير المندوبية السامية للتخطيط.
ودأبت الحكومة على التأكيد على أن بلوغ التضخم مستويات مرتفعة مرده إلى أسعار الواردات، التي تتكون بشكل خاص من الوقود والقمح والزيوت.
في السياق، يعتبر الاقتصادي علي بوطيبة أن الزيادة في الحد الأدنى للأجور التي تقررت في إبريل/نيسان والتي ستتم على دفعتين، لن تعطي الأثر المتوخى بالنظر لمستوى التضخم الذي زاد منذ الإعلان عن الاتفاق إلى مستوى جد مرتفع.
ويلاحظ أن عدد الذين سيستفيدون من الزيادة في الحد الأدنى للأجور في الصناعة والتجارة والخدمات والمهن الحرة والفلاحة لن يكون كبيرا، حتى قياسا بعدد المصرح عنهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي البالغ عددهم 3.5 ملايين، علما أن عدد النشيطين يتجاوز الـ10 ملايين.
ويشدد على أنه بالنظر إلى أن عدد الشركات المهيكلة التي تتوفر الإدارة على معطيات حولها قليل مقارنة بتلك العاملة في القطاع غير الرسمي، وعليه فإن الزيادة في الحد الأدنى للأجور قد لا يستفيد منها جميع المستحقين.
وتتزامن الزيادة في الحد الأدنى مع الدخول المدرسي الذي يقتضي إنفاقا كبيرا، علما أن 79.2% من الأسر صرحت في البحث الفصلي للمندوبية السامية للتخطيط بتدهور مستوى معيشتها في الاثني عشر شهرا الماضية، وهو تدهور تترقب 46.8% من الأسر استمراره في الـ12 شهرا المقبلة.
وأكدت نسبة 52% من الأسر أن مداخيلها تغطي مصاريفها، فيما استنزفت 45.4% مدخراتها أو عمدت إلى الاقتراض في الـ12 شهرا الماضية، فيما تصرح 54.3% منها عن تدهور وضعيتها المالية في تلك الفترة.
وعبّرت نسبة 88.6% من الأسر عن عدم قدرتها على الادخار في الـ12 شهرا المقبلة، مقابل 11.4% صرحت بإمكانية ذلك، بحسب دراسة أجرتها المندوبية السامية للتخطيط.
وتعتبر 99.2% من الأسر المستطلعة أن أسعار السلع الغذائية سجلت ارتفاعا في الـ12 شهرا الأخيرة، وهي أسعار تترقب 77.3% من الأسر أن تواصل ارتفاعها في الـ12 شهرا المقبلة.