ازدادت التحويلات المالية من المغتربين المغاربة إلى أقاربهم منذ بداية العام الحالي، رغم الصعوبات التي قد يواجهونها في بلدان الإقامة التي تأثرت بتداعيات الجائحة الصحية، فخفضت الرواتب وسرّحت موظفين، للحد من الأزمات المالية.
وتفيد بيانات صادرة عن مكتب الصرف التابع لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، بأن تحويلات المغتربين المغاربة ارتفعت في الشهرين الأولين من العام الحالي بنسبة 22.5 في المائة. وتشير بيانات مكتب الصرف، الصادرة يوم الجمعة الماضي، إلى أن تلك التحويلات بلغت في الشهرين الأولين من العام الحالي 1.36 مليار دولار، بعدما وصلت في الفترة نفسها من العام الماضي إلى 1.1 في الفترة نفسها من العام الماضي. وبلغت تلك التحويلات أعلى مستوى لها، رغم الظرفية المرتبطة بالأزمة الصحية في مختلف بلدان استقبال العمالة المغربية، مقارنة بالفترة نفسها خلال الخمسة أعوام الأخيرة. وفي هذا السياق، يرى مدير مؤسسة "ريميساس" التي تتبع تحويلات المغتربين، إنييغو موري، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن سلوك المغاربة يؤكد ذلك التضامن الذي يبدونه تجاه أسرهم في المغرب منذ بداية الأزمة الصحية، خاصة أن جزءاً كبيراً من التحويلات يخصص لذلك الغرض.
ويشدد موري على أنه يفترض بعدما تأكد استمرار المغاربة في تحويل الأموال التي تدعم الأسر ورصيد النقد الأجنبي، التوجه أكثر نحو خفض تكاليف التحويلات التي يمكن أن تتأثر بحالة عدم اليقين التي تميز الوضع الاقتصادي في بعض بلدان الاستقبال. وكان وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، قد لاحظ أن أكثر من ثلاثة أرباع تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج توجه لدعم أسرهم في المغرب، بينما يدخرون 15 في المائة في المصارف المحلية.
ويتوقع أن تساهم تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج في دعم رصيد النقد الأجنبي الذي ينتظر أن يصل، حسب البنك المركزي، إلى 34.2 مليار دولار، وخاصة بعد اللجوء إلى السوق الدولية من أجل الاستدانة.
ومن خلال قراءة بيانات صادرة عن مكتب الصرف التي صدرت أخيراً، كذّبت أرقام تحويلات المغتربين توقعات العديد من المؤسسات الخاصة والعامة في المغرب، التي ترقبت انهيارها بسبب الأزمة الصحية في بلدان الاستقبال، وخاصة الأوروبية.
غير أنه بعد انخفاض بنسبة 3 في المائة في السبعة أشهر الأولى من العام الماضي، عادت تلك التحويلات للارتفاع كي تستقر في حدود 7 مليارات دولار عام 2020 بزيادة بنسبة 5 في المائة مقارنة بعام 2019. وكانت التدابير الصحية وإغلاق الحدود في الصيف قد أربكت عمليات عبور المغتربين المغاربة نحو المملكة، حيث لم تنتظم عملية "مرحبا" التي تتولاها السلطات من أجل تنظيم حلول حوالى 3 ملايين مغربي. ودفع مستوى تدفق التحويلات في العام الماضي والشهرين الأولين من العام الجاري، البنك المركزي إلى ترقب ارتفاعها في العام الحالي، حيث ينتظر أن تصل إلى 7.3 مليارات دولار، وفق بيانات رسمية. ويجد هذا الارتفاع تفسيره في تصور مراقبين لكون المغاربة، وخاصة في أوروبا، يتعاطون مهناً لم تتأثر كثيراً، حيث يعملون في الطب والتجارة والأمن الخاص وشركات التوزيع والتجارة. وخلص استطلاع للرأي أنجزه معهد الدراسات "إبسوس"، وشمل عيّنة من 1500 من المغتربين، إلى أن فقط خُمس المغتربين صرّحوا بتضرر وضعيتهم المالية بسبب الصعوبات التي واجهوها في سوق العمل ببلدان الاستقبال.
وسجل الاستطلاع الذي أنجز بتعاون مع البنك الشعبي المغربي، أن المغاربة الذين صرحوا بتأثر وضعهم المالي بالجائحة، هم أولئك الذين يوجدون في بلدان الشرق الأوسط وإيطاليا وإسبانيا.