المغاربة يترقبون أمطاراً تنقذ الزروع والسدود

25 ديسمبر 2023
ضعف الأمطار يتسبب في تراجع المحاصيل الزراعية ()
+ الخط -

تراهن الحكومة المغربية على تعظيم المحاصيل الزراعية في العام المقبل بهدف بلوغ معدل نمو اقتصادي في حدود 3.7%، غير أن ذلك يبقى رهيناً بتساقط الأمطار المأمولة في الأشهر الثلاثة المقبلة، بما يساعد على إبعاد شبح الجفاف.

ولم تأت التساقطات المطرية في مستوى الانتظارات منذ انطلاق الموسم الرزاعي قبل ثلاثة أشهر، وفق وزارة التجهيز والماء، التي تشير إلى أن منسوب الأمطار لم يتعدّ 21 ملم في الأشهر الثلاثة الأخيرة، ما يعني انخفاضاً بنسبة 67% مقارنة بسنة عادية.

ويقول الخبير الزراعي ياسين نايت عدي، إن ضعف الأمطار بعد توالي سنوات الجفاف في الأعوام الخمسة الأخيرة، ينعكس سلباً على وضعية الأرض، التي تحتاج كميات كبيرة من المياه كي تتسرب إلى عمقها وتسهل عملية نمو المزروعات.

ويضيف عدي في تصريحات لـ"العربي الجديد" أن المزارعين الذي عمدوا إلى حرث أراضيهم وزرعوا القمح والشعير منذ أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، سيعانون في ظل ضعف الأمطار، بل إن شح التساقطات في الأسابيع المقبلة سيوقف نمو المزروعات ويفضي إلى إصفرار الحبوب، خاصة مع بداية فترة انخفاض حاد لدرجات الحرارة التي تعرف بـ"الليالي" في المغرب.

وينتظر أن يؤثر ضعف تساقط الأمطار إذا ما تواصل في الأشهر الثلاثة المقبلة، على بعض المحاصيل التي شهدت تراجعاً حاداً في الموسم الماضي. وهو ما تجلى، حسب الخبير في القطاع الزراعي، محمد الهاكش، في مستوى إنتاج الحبوب وبعض الخضر والفواكه والزيتون.

وكان تراجع المحاصيل، خاصة محصول الحبوب الذي استقر في حدود 5.5 ملايين طن، دفع الحكومة إلى مراجعة توقعاتها للنمو الاقتصادي في العام الحالي من 4% إلى 3.4%، غير أن بنك المغرب المركزي كشف في مستهل الأسبوع الجاري عن تقليص ذلك التوقع إلى 2.7%.

ولم تساعد درجات الحرارة في استئصال المخاوف في المغرب، فقد اتسمت بارتفاعها في الأشهر الثلاثة الأخيرة، ما يفضي إلى تبخر المياه التي تحويها السدود، التي استقبلت بالكاد 519 مليون متر مكعب في هذه الفترة، مقابل 1.5 مليار متر مكعب في العام الماضي.

ورغم التزام الحكومة بتوفير مليار دولار لدعم بذور الحبوب والبصل والطماطم والبطاطس والأسمدة الآزوتية والأعلاف، إلا أن مسألة المياه تطرح بقوة في القطاع الزراعي بعد موسم الجفاف في العام الماضي.

ويتجلى أنه رغم التساقطات القليلة التي شهدتها مناطق في المغرب منذ بداية الموسم الزراعي، إلا أنها غالباً ما تنتهي في البحر، ولا تصب في السدود، ما ينعكس على مخزون المياه فيها الذي يجعل المغرب يصل لوضعية خطيرة، حسب تصريح أخير لوزير التجهيز والماء نزار بركة.

وتظهر بيانات وزارة التجهيز والماء أن مخزون المياه في السدود يبلغ ثلاثة مليارات متر مكعب، أي حوالي 23.5% إلى غاية اليوم، مقابل 31% في الفترة نفسها من السنة الماضية التي كانت سنة جافة.

وتعقد الحكومة آمالا عريضة على الأمطار والثلوج التي قد يشهدها المغرب في الأشهر الثلاثة المقبلة، في الوقت الذي تعول فيه على اتخاذ تدابير استباقية تقوم على تحويل المياه بين المناطق التي تعرف وفرة، وتلك التي تشهد خصاصاً والمضي في تحلية مياه البحر.

ويشير الخبير الزراعي محمد الهاكش إلى أن ضعف التساقطات في الموسم الماضي، دفع الحكومة إلى منع السقي عن بعض الزراعات بهدف تأمين مياه الشرب التي ينتظر أن يتراجع العرض منها في الموسم الحالي في حال لم تأت الأمطار بمقادير تعزز مخزون السدود.

ويعتبر الهاكش أن ندرة المياه ستصبح مشكلة هيكلية في المغرب، ما يقتضي في تصوره إعادة النظر في بعض التوجهات في السياسة الفلاحية، عبر تقليص الزراعات الموجهة للتصدير والتركيز أكثر على ما وصفها بـ"الزراعة الأسرية" التي تحافظ على الموارد المائية وتضمن السيادة الغذائية.

ولم تكف تقارير محلية ودولية عن التنبيه إلى تأثير الجفاف على رصيد المغرب من المياه، فقد انتهى تقرير للبنك الدولي أخيراً إلى أن المغرب يتجه نحو المستوى المطلق لندرة المياه البالغ 500 متر مكعب للفرد الواحد في العام، بعدما كان في الستينيات في حدود ألفي متر مكعب.

وأشارت المؤسسة المالية الدولية إلى أن 805 من المساحات المزروعة ترتهن لتساقط الأمطار، متوقعة أن تؤدي التغيرات المناخية وتأثيراتها على الزراعة إلى هجرة 1.9 مليون شخص نحو المدن في الثلاثين عاماً المقبلة. وكان وزير التجهيز والماء قد كشف مؤخراً، أنه سيتم اللجوء إلى تشديد تدابير إغلاق الآبار غير القانونية وتقليص الضغط المائي مع احتمال التوجه نحو انقطاعات في المياه الموجهة للشرب، في حالة لم تسعف الأمطار مخزون السدود في الأشهر المقبلة.