المصريون يسددون فواتير الغلاء المؤجلة... 2024 عام رفع الأسعار

03 يناير 2024
الحكومة رفعت أسعار بطاقات مترو أنفاق القاهرة بين 15% و20% (فرانس برس)
+ الخط -

يواجه المصريون موجة جديدة من الغلاء، مع تنفيذ استحقاقات فواتير مؤجلة، منذ يوليو/ تموز من العام الماضي 2023، تستهدف رفع أسعار الخدمات الحكومية من الكهرباء والغاز والمياه والاتصالات وشبكات الإنترنت والنقل، وضريبة الأرباح الرأسمالية على عوائد الأرباح في بورصة الأوراق المالية.

مع دخول شهر يناير/ كانون الثاني الجاري وانتهاء موسم الانتخابات الرئاسية، يتحسس المواطنون جيوبهم، التي تضج من تراجع قيمة الدخل، وارتفاع معدلات التضخم، وغلاء فاحش في أسعار جميع السلع والخدمات على مدار العام الماضي، بعد تلقيهم إنذارات وبيانات من الجهات الحكومية ببدء تطبيق الزيادة الجديدة في أسعار الخدمات العامة اعتباراً من 5 يناير الجاري.

أعلنت الحكومة المصرية، العمل بزيادة أسعار شرائح الكهرباء الجديدة، اعتباراً من أمس الثلاثاء. وتشمل الزيادة الجديدة رفع أسعار الشرائح الأربع الأولى من الاستهلاك، بنسب تراوحت بين 16% و26%.

وبلغت أسعار شريحة الاستهلاك الأولى من 0 إلى 50 كيلو واط 58 قرشاً للكيلو واط (الجنيه يحوي 100 قرش)، والثانية من 51 إلى 100 كيلو واط 68 قرشاً، والثالثة من 0 إلى 200 كيلو واط 83 قرشاً، والرابعة من 201 إلى 350 كيلو واط 125 قرشاً.

وتسعى الحكومة إلى تطبيق نظام جديد لبيع الكهرباء، في ضوء تراجع قيمة العملة الوطنية أمام الدولار من 18 جنيهاً للدولار إلى 31 جنيهاً، وفقا لمتوسط العملة الأميركية المقدرة في ميزانية العام المالي الجاري 2023/ 2024 التي تنقضي بنهاية يونيو/ حزيران المقبل.

وأكد مسؤول بارز في وزارة الكهرباء لـ"العربي الجديد"، أن إعادة هيكلة التعرفة ستؤدي إلى تعديل شامل في مستويات أسعار البيع للمشتركين، تتفق مع ارتفاع قيمة الدولار وزيادة أسعار الوقود وقطع الغيار ومستلزمات محطات التوليد، وفقا للمعدلات السائدة عالمياً.

يبرر المسؤول توجه الحكومة نحو زيادة الأسعار بارتفاع قيمة الديون الأجنبية والمحلية المتراكمة على شركات الكهرباء، نتيجة التوسع في إنشاء محطات إنتاج الطاقة وشبكات التوزيع عن طريق الاقتراض، وتراكم العجز في عوائد الشركات نتيجة تدهور قيمة الجنيه، وتأجيل تطبيق الزيادة بتعرفة الكهرباء لعدة مرات، أدى إلى فشل الشركات في الوصول إلى معدلات الكلفة الاقتصادية لبيع التيار، والتي كانت مستهدفة خلال العام المالي المقبل 2024/ 2025، كحد أقصى.

ويشير إلى أن الحكومة تحدد متوسط سعر بيع الكهرباء عند 0.018 دولار، أي أقل من 2 سنت للكيلوواط، للمشتركين في المنازل والخدمات التجارية والاستهلاكية، بينما سيتم رفع هذا المتوسط في الفترة المقبلة، مؤكداً أن زيادة الأسعار "قرار سيادي".

وأشار إلى حاجة الدولة إلى التفاوض حول قيمته مع صندوق النقد الدولي الذي يطالب منذ إبريل/ نيسان من العام الماضي، بوضع جدول زمني محدد لرفع الدعم نهائياً عن الكهرباء والطاقة، والذي على أساسه سيتم استكمال القرض الموجه لمصر المقرر منذ ديسمبر/ كانون الأول 2022 بقيمة 3 مليارات دولار.

ويقول المسؤول الحكومي إن رفع أسعار الكهرباء يرجع إلى الزيادة الكبيرة في كلفة الوقود والأصول وخدمات الدين، التي ستدفع الحكومة إلى اتخاذ قرارات صعبة لإنقاذ قطاع الكهرباء من أزمة مالية عميقة.

واقترضت شركات الكهرباء نحو 32 مليار دولار منذ عام 2014، لمضاعفة محطات التوليد، دون أن توفر الشبكات الكافية لنقل فائض الطاقة للأسواق الدولية، بما دفع الحكومة إلى طرح 3 محطات أنشأتها وزارة الكهرباء، تعمل بالغاز وطاقتي الرياح والشمس في برنامج بيع الأصول العامة، المقرر طرحها قبل يونيو/ حزيران المقبل.

وتستهدف الحكومة جمع 3 مليارات دولار من بيع محطات بني سويف، جنوب القاهرة، وجبل الزيت والزعفرانة (شرق)، والتخلص من أعباء تشغيل المحطة الأولى، التي أنشأتها شركة سيمنز الألمانية، التي يحل موعد دفع أقساط ديونها البالغة ملياري يورو (2.2 مليار دولار)، في إبريل/ نيسان المقبل.

في الأثناء، يتوقع محللون أن زيادة الأسعار قد تتكرر مرتين خلال العام الجاري، في حال تنفيذ الحكومة تعويما جديدا للجنيه، قبل وضع ميزانية العام المالي المقبل 2024/ 2025 التي تحل في الأول من يوليو/ تموز.

ويشير المحللون إلى توجه الحكومة أيضا نحو زيادة أسعار الغاز للاستخدام المنزلي، مع السماح للجنة تسعير الوقود التابعة لمجلس الوزراء بتحديد أسعار جديدة للمنتجات البترولية، التي ستشمل غاز السيارات والمصانع والبنزين والسولار، أثناء اجتماعاتها التي ستجري شهرياً، بدلاً من الاجتماعات ربع السنوية التي سادت أعمالها طوال السنوات الماضية.

وتسعى الحكومة إلى دفع المواطنين لترشيد استهلاك الغاز، بالتوازي مع قطع التيار الكهربائي لمدة ساعتين يومياً في جميع المحافظات، وفق جداول تشغيل دائمة، تستهدف توجيه جزء من الغاز المنتج محلياً للتصدير إلى الأسواق الدولية، وخفض معدلات استيراد المازوت والسولار الموجه لتشغيل محطات توليد الكهرباء.

وتشير دراسة بحثية لمركز "حلول للسياسات البديلة" بالجامعة الأميركية في القاهرة، إلى أن التخطيط غير الكفء أدى إلى توسع الحكومة في الاعتماد على توليد الطاقة من الغاز والوقود الأحفوري، مع تراجع الإنتاج المحلي، في الوقت الذي عرقلت فيه تنفيذ مشروعات طاقة متجددة، توفر نحو 20% من احتياجات البلاد من الكهرباء ترتفع إلى 43% بحلول عام 2035.

وتظهر بيانات وزارة الكهرباء أن معدلات توليد الطاقة الجديدة أقل من 10% بنهاية 2023، بما يعكس حاجة الدولة إلى تدبير التزاماتها المالية لشراء الوقود من حصص الشركات الأجنبية والأسواق الدولية عند متوسط 90 دولاراً للبرميل، وفقا للأسعار السائدة خلال العام المالي الجاري.

في الأثناء، بدأت شركة مترو الأنفاق تحصيل زيادة جديدة على رسوم الانتقال عبر شبكات المترو الثلاث، تراوح قيمتها بين 15% و20%، مع تقليص خدمات الاشتراكات الشهرية المخفضة للجمهور، وذلك للمرة الثانية خلال 4 شهور.

يؤكد اقتصاديون أن زيادة أسعار النقل والوقود والطاقة سيدفعان معدلات التضخم الأساسي إلى الصعود، بعد هبوط نسبي تحقق في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي إلى 35.9% من 38.9% في أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وتمتد موجات رفع الأسعار إلى قطاع الاتصالات، حيث وجهت شركات الهاتف المحمول والإنترنت رسائل لنحو 96 مليون مشترك، صباح الاثنين الماضي، تخطر عملاءها برفع أسعار باقات الإنترنت سعة 140 جيغا بايت من 120 إلى 150 جنيهاً وسعة 200 جيغا بايت من 170 إلى 225 جنيهاً، وسعة 250 جيغا بايت من 210 إلى 280 جنيهاً وسعة 400 جيغا من 340 إلى 440 جنيهاً و600 جيغا من 500 إلى 650 جنيهاً وباقة تيرا من 800 إلى 1050 جنيهاً، مع زيادة 14% على كل فاتورة قيمة الضريبة المضافة.

ورفعت الشركات قيمة مكالمات الهاتف الأرضي والهواتف النقالة بنسبة 17%، مع وضع نظام محاسبي جديد للمكالمات الدولية على أساس سعر الدولار مقابل 31 جنيهاً، بدلاً من 18 جنيهاً للدولار الذي كان يعد المتوسط الحسابي للفواتير طوال العام الماضي.

وفي تصريحات صحافية، وعدت الحكومة على لسان وزير المالية محمد معيط أخيراً، بتحسين الأجور عام 2024، وزيادة مخصصات الدعم والحماية الاجتماعية بما يساهم في احتواء أكبر قدر ممكن من المواطنين من تبعات الموجة التضخمية غير المسبوقة التي أرجعها بشكل متكرر إلى جائحة كورونا وما أعقبها من توترات جيو سياسية.

لكن رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، يرى أن تصريحات الوزير مجرد مسكنات في مواجهة أزمات متكررة، مؤكدا مسؤولية الحكومة عن سوء إدارة الملفات الاقتصادية. وقال عبده لـ"العربي الجديد": "حان الوقت كي ترحل الحكومة وتأتي الدولة بمن يفهم في الاقتصاد ليدير ملفات شائكة، ويزيل حالة الاحتقان التي يغذيها سوء الأوضاع المعيشة للمواطنين".

المساهمون