- الصين تعتمد بشكل كبير على النفط الإيراني، مما يعقد جهود الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في تشديد العقوبات على إيران، خاصة بعد هجومها على إسرائيل.
- التوترات الجيوسياسية، بما في ذلك الهجوم الإيراني على إسرائيل، تزيد من التحديات أمام الولايات المتحدة وحلفائها في الحد من تأثير إيران الإقليمي والدولي.
مدفوعة بالمشتريات الصينية، سجلت صادرات النفط الإيراني أعلى مستوى لها في ست سنوات، لتمنح الاقتصاد دفعة تتجاوز قيمتها 35 مليار دولار سنويًا، في وقتٍ تتداعي فيه الدول الغربية لتشديد العقوبات على الجمهورية الإسلامية، ردًا على هجومها على إسرائيل.
وباعت طهران ما متوسطه 1.56 مليون برميل يوميا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، كانت كلها تقريبا للصين، وهو أعلى مستوى لصادرات النفط الإيراني منذ الربع الثالث من عام 2018، وفقا لشركة البيانات فورتيكسا. ويسلط نجاح إيران في تصدير خامها الضوء على الصعوبات التي تواجه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في سعيهما لزيادة الضغط على طهران في أعقاب هجومها بصواريخ وطائرات مسيرة على الدولة العبرية.
ونقلت صحيفة فاينانشال تايمز عن فرناندو فيريرا، رئيس خدمة المخاطر الجيوسياسية في مجموعة رابيدان للطاقة في الولايات المتحدة، قوله: "لقد أتقن الإيرانيون فن التحايل على العقوبات. إذا كانت إدارة بايدن تريد حقًا أن يكون لها تأثير، فعليها أن تحول التركيز إلى الصين". وتستعد واشنطن والاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات جديدة على طهران، في محاولة لإثناء تل أبيب عن تصعيد الصراع مع طهران من خلال القيام برد انتقامي. واعترفت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين هذا الأسبوع بأن إيران تواصل "بوضوح" تصدير نفطها، وأن هناك "المزيد مما ينبغي عمله" للحد من هذه التجارة.
لكن محللين يقولون إن واشنطن غير راغبة في التطبيق الصارم لنظام عقوبات "الضغط الأقصى" الذي فرضه الرئيس السابق دونالد ترامب في عام 2018، مشيرين إلى إحجام إدارة الرئيس جو بايدن عن فرض خنق تضخمي على إمدادات النفط العالمية في عام الانتخابات الأميركية.
وفي طهران، قالت وكالة تسنيم الرسمية للأنباء، الأربعاء، إن صناعة النفط في البلاد وجدت سبلا للالتفاف على العقوبات، مضيفة أنه بما أن الصين هي العميل الرئيسي لها، فإنها محمية إلى حد كبير من الضغوط الغربية. وأسقطت القوات الإسرائيلية ما يقرب من 300 صاروخ وطائرة بدون طيار أطلقتها إيران خلال عطلة نهاية الأسبوع. لكن الهجوم، وهو الأول الذي تستهدف فيه طهران الدولة اليهودية بشكل مباشر، زاد من المخاوف من انزلاق المنطقة نحو صراع أوسع، حال تصميم إسرائيل على الرد المباشر.
وشنت إيران الهجوم ردا على غارة إسرائيلية مشتبه بها على قنصليتها في دمشق أدت إلى مقتل عدد من كبار القادة الإيرانيين.
وساعدت التوترات المتزايدة في عالم ما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول في دفع أسعار النفط إلى الارتفاع بنسبة تزيد على 15% هذا العام، لتصل إلى أكثر من تسعين دولاراً للبرميل. لكن الأسعار تراجعت في أعقاب الهجوم الإيراني، حيث راهن التجار على عدم انقطاع الإمدادات من المنطقة. وانخفض خام برنت، المؤشر الدولي، بنسبة 3% إلى 87.37 دولاراً للبرميل يوم الأربعاء.
وقال أرمين عزيزيان، كبير المحللين والمتخصص في العقوبات في "فورتكسا Vortexa"، لوسائل إعلام إن الولايات المتحدة بدأت مؤخرًا في استهداف ناقلات فردية يشتبه في أنها تحمل الخام الإيراني، وفرضت عقوبات على اثنتين في فبراير و13 ناقلة أخرى في إبريل/نيسان. لكنه قال إن التأثير على الصادرات حتى الآن كان "ضئيلا". وقال: "الإيرانيون جيدون جدًا في إيجاد الثغرات". وأضاف: "إنهم الآن ينتحلون نظام AIS (نظام تتبع السفن)، ويتظاهرون بأنهم في موقع ما، بينما يكونون في مكان آخر، وهذا يجعل من الصعب تتبع ما يفعلونه".
وقال عزيزيان إن حجم الأسطول الذي تستخدمه إيران لنقل النفط نما بمقدار الخمس في العام الماضي إلى 253 سفينة، وإن عدد الناقلات العملاقة التي تحمل ما يصل إلى مليوني برميل من النفط تضاعف منذ عام 2021. ووفقًا لشركة Kpler، التي تتعقب الناقلات في جميع أنحاء العالم، فقد ذهب كل النفط الإيراني الذي تم بيعه هذا العام تقريبًا إلى الصين. وقد يؤدي فرض العقوبات الغربية بقوة إلى زعزعة استقرار سوق النفط، بل وربما يتسبب أيضاً في زيادة توتر العلاقة بين الولايات المتحدة والصين.
ومع ذلك، تتردد إدارة بايدن في اتخاذ قرار فرض عقوبات قوية، رغم الضغوط التي تتعرض لها من الحزب الجمهوري.
وتعتمد الصين على إيران في توريد ما يقرب من عُشر وارداتها النفطية، لكنها تعالج النفط من خلال مصاف خاصة صغيرة الحجم، بدلاً من شركات النفط والغاز المملوكة للدولة. وقال وزير النفط الإيراني جواد أوجي الشهر الماضي إن صادرات النفط "ولدت أكثر من 35 مليار دولار" في العام السابق. وفي مناسبة أخرى، قال إنه بينما يريد أعداء إيران وقف صادراتها، “اليوم، يمكننا تصدير النفط إلى أي مكان نريد، وبأقل التخفيضات”.
ووضع ارتفاع إنتاج النفط الصخري على مدى العقد الماضي الولايات المتحدة على رأس قائمة منتجي النفط في العالم، وأطلق العنان لواشنطن لتكون أكثر عدوانية في فرض عقوبات على مصدري النفط الخام الآخرين. ويوم الأربعاء، أعادت أميركا فرض العقوبات على فنزويلا، وهي عضو آخر في منظمة أوبك. وكانت إدارة بايدن في العديد من المناسبات على استعداد للإفراج عن النفط الخام من مخزونها الاستراتيجي، وأشارت إلى أنها يمكن أن تفعل ذلك مرة أخرى إذا ارتفعت الأسعار العالمية ودفعت تكاليف البنزين المحلية إلى الارتفاع.