كأغلب التوقعات، قرر البنك المركزي المصري، اليوم الخميس، تثبيت معدل الفائدة الأساسي على الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 18.25%، 19.25%، وسعر الائتمان والخصم عند 18.75%.
وجاء قرار البنك المركزي اليوم متماشياً مع توقعات خبراء ومؤسسات إعلامية ومالية كبرى، رجحت تثبيت أسعار الفائدة على العملة المصرية، بعد رفع بلغ 10% خلال 13 شهراً، اعتباراً من مارس/ آذار 2022.
وبدأ المركزي المصري رحلة رفع الفائدة على الجنيه في أعقاب خروج استثمارات أجنبية من سوق الدين المحلية، في ما يعرف باسم "الأموال الساخنة"، تجاوزت قيمتها 20 مليار دولار، ما تسبب في ضغوط كبيرة على العملة المصرية، وأجبر البنك على رفع الفائدة لدعمها.
ورغم الرفع المتكرر، والسماح بخسارة الجنيه لما يقرب من 50% من قيمته، مازالت العملة المصرية تتعرض لضغوط، بسبب استمرار عجز الحساب الجاري، واضطرار البنك المركزي لسداد أقساط وفوائد الديون بالعملة الأجنبية، الأمر الذي قفز بمعدل التضخم إلى مستويات قياسية خلال الأشهر الأخيرة.
وأظهرت بيانات البنك المركزي المصري قبل أسبوعين ارتفاع معدل التضخم الأساسي السنوي في مصر إلى 40.3% في مايو/ أيار من 38.6% في إبريل/ نيسان.
كما أظهرت البيانات أنّ الرقم القياسي الأساسي لأسعار المستهلكين سجل معدلاً شهرياً بلغ 2.9% في مايو/أيار 2023، مقابل معدل شهري بلغ 1.6% في ذات الشهر من العام السابق، ومعدل شهري بلغ 1.7% في إبريل 2023.
ولا يسمح البنك المركزي المصري حالياً بالتداول الحر للعملة في الجهاز المصرفي، الأمر الذي تسبب في وجود عدة أسواق غير رسمية، يتم التعامل فيها بالدولار بسعر يزيد بأكثر من 15% عن السعر الرسمي في البنوك. واستقر السعر الرسمي خلال الأشهر الخمسة الأخيرة بالقرب من 30.90 جنيهاً للدولار.
ووصفت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجييفا، يوم الأحد، توجه البنك المركزي لتثبيت سعر الدولار، الذي يخالف اتفاق الحكومة المصرية مع الصندوق في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، بأنه "أشبه بتخزين الماء في وعاء مثقوب".
وقبل نهاية العام الماضي، وافق المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على توفير قرض ممدد لمصر بقيمة 3 مليارات دولار لمدة 46 شهراً، مقابل عدة شروط، كان في مقدمتها السماح بمرونة أكثر لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار، بالإضافة إلى دعم مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد.
ومع ندرة المتاح للمركزي المصري من العملة الأجنبية، تسبب التعويم الجزئي للعملة المصرية في تراجع "مؤلم" لسعر الجنيه، الأمر الذي أجبر البنك المركزي على تثبيت سعره مرة أخرى، منذ يناير/ كانون الثاني من العام الجاري.
ولم يصرف صندوق النقد الدفعة الثانية من القرض، التي انتظرتها الحكومة المصرية في مارس/ آذار الماضي، وأجل حضور بعثته التي كان يفترض وصولها قبل صرفها.
وقال نائب رئيس أحد البنوك الحكومية في مصر، لـ"العربي الجديد"، إنّ السبب في ذلك يرجع إلى عدم التزام البنك المركزي بمنح الجنيه المرونة السعرية، وأيضاً بسبب عدم تمكن الحكومة من بيع حصتها في بعض الشركات، كما تم الاتفاق في ديسمبر/ كانون الأول.