استمع إلى الملخص
- توقعات خبراء الاقتصاد: خالف القرار توقعات خبراء الاقتصاد الذين توقعوا تخفيض الفائدة بعد تراجع التضخم إلى 6.7% في أغسطس، وتحسن السيطرة على التضخم عالميًا، مع خفض الفيدرالي الأميركي فائدته لأول مرة منذ 2020.
- التحديات والمصالح البنكية: تراجع معدل التضخم السنوي للشهر الثاني على التوالي، لكن البنك المركزي ثبت الفائدة للحفاظ على استقرار البنوك، رغم مطالب قطاع الأعمال والأسر بخفض الفائدة لتخفيف عبء الديون.
قال البنك المركزي التونسي في بيان إنه أبقى سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 8%، وذلك للمرة الخامسة على التوالي منذ نهاية عام 2022، معللا قراره باستمرار المخاطر المحيطة باقتصاد البلاد. وأكد المركزي التونسي، في بيانه الصادر اليوم الخميس، أن قرار تثبيت سعر الفائدة جاء بعد استعراض التطورات الاقتصادية والمالية الأخيرة على الصعيدين العالمي والمحلي بالإضافة لتوقعات معدلات التضخم. كما أشار المركزي التونسي إلى تحقيق الاقتصاد المحلي معدل نمو، لكنه بطيء، بنسبة 1% على أساس سنوي، في الربع الثاني من العام الجاري 2024، مقابل نمو 0.3% في الربع السابق.
وجاء قرار البنك المركزي مخالفا لتوقعات خبراء الاقتصاد الذين ترقبوا تعديلا في سعر الفائدة في اتجاه التخفيض بعد تراجع مستوى التضخم إلى نسبة 6.7% خلال شهر أغسطس/ آب الماضي وبروز بوادر تحسن عالمي في السيطرة على التضخم وخفض الفيديرالي الأميركي معدل فائدته لأول مرة منذ أربع سنوات.
وفي 18 سبتمبر/ أيلول الجاري خفض الفيدرالي الأميركي معدل فائدته للمرة الأولى منذ 2020، وذلك بواقع 50 نقطة أساس، بحيث باتت تراوح بين 4.75 و5%، ويتجه الى خفض إضافي مماثل بحلول نهاية 2024. وقال الخبير المالي وأستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية آرام بالحاج لـ"العربي الجديد"، إن سقف الانتظارات من قرار البنك المركزي التونسي كان عاليا بعد ظهور بوادر تحسن للمؤشرات الاقتصادية، ولا سيما منها المتعلقة بنسبة التضخم.
ربط الفائدة بالتضخم
وفي وقت سابق، أظهرت بيانات معهد الإحصاء التونسي تراجع معدل التضخم السنوي في تونس خلال أغسطس الماضي، للشهر الثاني على التوالي، مسجلا 6.7% بعدما سلكت نسب التضخم منحى تنازليا منذ بداية العام الجاري. وأكد بالحاج في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن بيان مجلس إدارة البنك المركزي كان يحمل العديد من الحجج الموضوعية التي تدعم قرار الإبقاء على نسبة الفائدة، إلا أنه تغافل عن الحديث عن حجة دامغة منعته من تخفيض هذه النسبة، ألا وهي مصلحة البنوك وأهمية استقرارها واستقرار أرباحها. وشرح الخبير المالي أن التعديل الأخير الذي أقره البرلمان بتنقيح بنود من المجلة التجارية تتعلّق بالشيك دون رصيد ستكون له تداعيات جد سلبية على البنوك وعلى أرباحها، وهو ما دفع البنك المركزي إلى تثبيت نسبة الفائدة للحفاظ على استقرار المؤسسات المالية التي تحقق أرباحا مهمة من عواقب إصدار الشيكات دون كفاية الأرصدة.
وأقر التنقيح الجديد العديد من الإجراءات التي تحد من إصدار الشيك دون رصيد، من بينها تحميل المصارف جزءا من مسؤولية مراقبة استعمال الشيك من قبل العملاء. ويتطلع قطاع الأعمال إلى خفض سعر الفائدة، عقب تسجيل تراجع مهم في نسبة التضخم التي تحاربها مؤسسة الإصدار المالي منذ أكثر من سنتين بإجراءات متشددة.
ويعد خفض نسبة الفائدة من المطالب الأساسية لقطاع الأعمال الذي يعاني من ارتفاع الفائدة على قروض الاستثمار، كما ترهق الفائدة الأسر المكبلة بالديون، وتلقي بتداعياتها على الاستهلاك والمشاريع الصغرى. ويستقر سعر الفائدة في مستويات عالية منذ ديسمبر/ كانون الأول 2023، بعد زيادة الفائدة الرئيسية بـ75 نقطة أساس لتصل إلى 8%، وحصل الرفع الثالث في ذلك العام. وعانت تونس بحدة من تداعيات تفشي جائحة كورونا، ثم ارتفاع كلفة استيراد الطاقة والمواد الأساسية إثر اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في 24 فبراير/ شباط 2022.
ورفعت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني قبل أيام، تصنيف تونس إلى "سي سي سي+"، مشيرة إلى أن الإجراء يعكس الثقة المتزايدة بقدرة الحكومة على تلبية احتياجاتها التمويلية الكبيرة. وقالت "فيتش" إن "الدعم الخارجي المستمر وتراجع سداد الديون الخارجية من شأنهما أن يسمحا لتونس بموازنة تمويلها الخارجي الصافي بحلول عام 2026". وأضافت مؤسسة التصنيف "نعتقد أن القطاع المصرفي المحلي يمكن أن يساعد في تلبية احتياجات التمويل في تونس، وأن تتحمل البنوك المملوكة للدولة حصة أكبر من أعباء التمويل، بسبب الحذر الذي تتبناه بعض البنوك الخاصة".