وسط عالم مضطرب تسوده النزاعات العسكرية والحروب الأهلية ونظام عالمي هش، تتزايد مخاوف المستثمرين على أموالهم خلال العام الجاري 2022. ويرى محللون أن هنالك ثلاثة مخاطر جيوسياسية رئيسية تقلق المستثمرين خلال العام الجاري، وهذه المخاطر هي تعثر مفاوضات الملف النووي الإيراني وتزايد مخاوف حدوث مواجهة عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران.
أما الخطر الثاني، فهو أزمة أوكرانيا، التي تهدد الحشود العسكرية الروسية على حدودها بغزوها. وهذه الأزمة تزيد من مخاطر المستثمرين في روسيا ودول الاتحاد الأوروبي، كما تهدد استقرار المصارف الأوروبية وصناديق الاستثمار التي وضعت استثمارات في الأسهم والسندات الروسية.
وحتى الآن أدت هذه الأزمة إلى خسارة المستثمرين في السوق الروسي نحو 100 مليار دولار وفقاً لبيانات نشرتها صحيفة " موسكو تايمز" يوم الأربعاء.
وفي حال تصاعد التوتر وتحول الوضع العسكري السائل وتحول التهديد إلى غزو لأوكرانيا، فإن البيت الأبيض سيفرض عقوبات صارمة على روسيا وفقاً للمتحدثة باسم البيت الأبيض مساء الثلاثاء.
وتتركز مخاوف المستثمرين على الخسائر المتوقعة في أصول الدين الروسي وتداعياتها على البنوك التجارية في أوروبا، خاصة مصارف النمسا وفرنسا وإيطاليا الأكثر إقراضاً للشركات الروسية.
أما الخطر الجيوسياسي الثالث، فهو احتمال غزو الصين لتايوان، وبالتالي تهديد البيئة الاستثمارية في كامل منطقة آسيا، خاصة اليابان ودول النمو الآسيوية.
وفي حال حدوث مثل هذا الغزو من المحتمل أن يقود تلقائياً إلى توتر عسكري بين أميركا والصين، وربما إلى حظر شبه شامل للاستثمار وحركة الأموال الصينية.
تتركز مخاوف المستثمرين على الخسائر المتوقعة في أصول الدين الروسي وتداعياتها على البنوك التجارية في أوروبا
وعلى الرغم من أن تايوان جزيرة صغيرة وليست مهمة تجارياً بالنسبة للولايات المتحدة ويقدر حجمها الاقتصادي بنحو 600 مليار دولار، ولكنها تمثل حلقة الربط الرئيسية في استراتيجية الهيمنة الأميركية على آسيا ومحاصرة التمدد الصيني.
كما أن أي تخل عن تايوان سيعني أن واشنطن ستتخلى عن حلفائها الكبار مثل اليابان وكوريا الجنوبية في حال حدوث نزاع مسلح.
من الناحية التجارية فإن تايوان تعد من الممرات الرئيسية للتجارة التي تمر عبر بحر الصين إلى اليابان، وبالتالي فإن أي غزو صيني لتايوان وحرمانها من حقوق الحكم الذاتي الذي تتمتع به حالياً سيعني أن بكين ستكون قادرة على خنق التجارة اليابانية.
وترى الحكومة الصينية أن تايوان جزء من الصين، وبالتالي لا ينبغي أن تعامل كدولة.
وتعامل بكين تايوان ضمن استراتيجية "الصين الواحدة". وبالتالي يرى محللون في مجلة "ذا دبلومات" التي تصدر في سنغافورة أن النزاع الأميركي الصيني على تايوان يعد من أكبر مهددات التجارة والاستثمار في آسيا.
ويرى محللون أن المخاطر الجيوسياسية تدفع المستثمرين نحو تحريك استثماراتهم من الأصول الخطرة مثل الأسهم والسندات في الأسواق الناشئة إلى الملاذات الآمنة في الأسواق الأميركية.
وبالتالي يرى خبراء في شركة تدقيق الحسابات البريطانية " أيرنست أن يونغ" في تقرير حول تداعيات التوتر السياسي على الاستثمار والتجارة، أن التنافس بين الدول الرئيسية التي يعتمد عليها استقرار النظام العالمي تحولت من التعاون إلى التنافس الشرس. وهذه الدول حسب "أرنست آند يونغ" هي الولايات المتحدة وأوروبا والصين.
ولاحظ التقرير أن تدهور العلاقات التجارية بين الصين وأوروبا، وبين الصين والولايات المتحدة ربما يكون من بين المهددات الجيوسياسية خلال العام الجاري.
ولكن لاحظ خبراء أن توجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نحو التوسع الجغرافي وزيادة نفوذ بلاده بات من مصادر القلق الرئيسية للمستثمرين في أوروبا.
من جانبه لاحظ تحليل بالمنتدى الاقتصادي العالمي، أن عالم المال والتجارة يعاني كذلك من النزاعات العسكرية والاضطرابات السياسية والحروب الأهلية في منطقة الشرق الأوسط التي تعد من بين المناطق الاستراتيجية في مد العالم بالطاقة، كما أنها تضم ممرات التجارة الحيوية بالعالم. وحسب التحليل فإن منطقة الشرق الأوسط ربما لن تتمكن من النمو الاقتصادي وتتمكن من جذب الاستثمارات ما لم تنجح في بناء بيئة جيوسياسية مستقرة.