يستكمل الوفد القضائي الأوروبي، اليوم الثلاثاء، تحقيقاته في الملف المالي العائد لحاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، والتحويلات المالية إلى الخارج، وقضايا تبييض الأموال، وغيرها من ملفات الفساد المالي، وعلى جدول جلساته، كما هو مقرّر، الاستماع إلى رئيس مجلس الإدارة – المدير العام لبنك "الموارد" الوزير السابق مروان خير الدين، والنائب السابق لحاكم مصرف لبنان، أحمد الجشي.
ووصل الوفد الأوروبي صباحاً إلى قصر العدل في بيروت، على وقع اعتصام ينفذه مودعون للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الانهيار المالي والنقدي في لبنان، ومرتكبي جريمة سرقة الودائع ووضع اليد عليها منذ عام 2019.
ويقول وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري لـ"العربي الجديد"، إن "المرحلة الأولى من التحقيقات الأوروبية تنتهي يوم الجمعة 20 يناير/ كانون الثاني الجاري، وكل الترتيبات حول عودتهم مرة ثانية، تتم مع النيابة العامة التمييزية في لبنان"، لافتاً إلى أن "التحقيقات تبقى سرية ولا يمكن الإفصاح عنها".
وبدأ التحقيق الأوروبي الذي يشارك فيه محققون من ألمانيا وفرنسا ولوكسمبورغ مهامه أمس الاثنين، حيث استُمِع بصفة شاهد إلى النائب السابق لحاكم مصرف لبنان، سعد العنداري، في القاعة العامة لمحكمة التمييز، وذلك بحضور قاضيين منتدبين، في إطار المعاونة القضائية اللبنانية، هما عماد قبلان وميرنا كلاس، قاما بطرح الأسئلة، كذلك حضر مترجمون، وعمدوا إلى ترجمة أجوبة العنداري التي ألقاها باللغة العربية".
وقال مصدرٌ قانوني متابع للملف لـ"العربي الجديد"، إن "أجواء التحقيق بدت إيجابية، وسط حرص لبناني على إتمام التحضيرات والتجهيزات الكاملة لتسهيل مهام المحققين الأوروبيين، وخصوصاً على صعيد تشغيل الكهرباء في مشهدٍ استثنائي بالنسبة إلى المحامين والقضاة الذين يعملون غالب الوقت بلا كهرباء، وقد وُجِّهَت أسئلة كثيرة لأكثر من ساعتين إلى العنداري تمحورت بالدرجة الأولى حول التحويلات المالية إلى الخارج عبر شركة فوري التي يملكها رجا، شقيق رياض سلامة، (تحوم حولها شبهات فساد)".
وأضاف المصدر: "لم يحضر الشاهد الثاني، العضو السابق في هيئة الرقابة على المصارف خليل قاصاف، بعد تقديمه معذرة طبية على أن يُستمَع إليه في وقتٍ لاحقٍ، وستتكرر الجلسات تباعاً في الأيام المقبلة لتطاول أكثر من 10 شخصيات مصرفية ومالية سيُستمَع إليها بصفة شهودٍ، من نواب حاكم مصرف لبنان السابقين، وكبار المصرفيين".
وأكد النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، في تصريحات صحافية، أن حاكم مصرف لبنان ليس ضمن اللائحة الاسمية للوفد الأوروبي على صعيد المرحلة الراهنة، بيد أنه أبقى الباب مفتوحاً على إمكانية طلب الوفد لاحقاً التحقيق معه، ولا سيما من الجانب الألماني.
وفي مارس/ آذار 2022، أعلنت وحدة التعاون القضائي الأوروبية "يوروجاست"، أن فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ جمدت أصولاً لبنانية بقيمة 120 مليون يورو، وصادرت عقارات في إطار تحقيق يستهدف حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة وأربعة مقربين إليه، في قضايا تبييض أموال واختلاس أموال عامة من عام 2002 إلى سنة 2021.
ويواجه سلامة شكاوى كثيرة ضده، سواء في لبنان أو بالخارج، ولا سيما في الدول الأوروبية، بيد أن القرارات أو الطلبات التي تصدر محلياً لا تنفذ، بينما يرفض الحاكم المستمرّ في مهامه بشكل طبيعي، الامتثال أمام القضاء اللبناني، وينفي كل التهم الموجهة إليه، ملمحاً بوجود استهداف سياسي له، ولا سيما مع اقتراب انتهاء ولايته في مايو/ أيار 2023، وذلك بعد ما يقارب ثلاثين عاماً في موقع الحاكمية.