الليرة ترمومتر الانتخابات تتذبذب بانتظار حسم مستقبل تركيا اليوم

28 مايو 2023
تخطى سعر الدولار نحو 20 ليرة تركية (العربي الجديد)
+ الخط -

يتفق اقتصاديون على أن تذبذب وتراجع سعر صرف الليرة التركية، اليوم الأحد، أمر طبيعي في ظل أجواء الانتخابات التي تدخل اليوم ساعاتها الأخيرة بالمنافسة في جولة الإعادة بين الرئيس رجب طيب أردوغان ومنافسه كمال كلجدار أوغلو.

ويقوم نهج كلجدار أوغلو بحسب وعوده على نسف النهج الاقتصادي الحالي، وبمقدمته إلغاء الوديعة المحمية بالليرة ورفع سعر الفائدة إلى 30%، ما يعني تبدلاً بالمشهد النقدي وخسائر لكل من يجازف بالمضاربة، خصوصاً صغار المدخرين.

وتراجع سعر صرف العملة التركية إلى 20.5 ليرة مقابل الدولار بنشرات شركات الصيرفة بمنطقة لا للي، وارتفع قليلاً بمنطقة تقسيم، ليصل سعر الدولار مبيعاً إلى 21 ليرة، ويتأرجح بشركات الصيرفة بمنطقة الفاتح بين 20.3 و20.5 ليرة للدولار الواحد، بعد أن خفضت المصارف سعر الليرة اليوم إلى نحو 19.2 وموقع "أدويت" إلى 20.01 ليرة مقابل الدولار.

ويقول المحلل التركي، مسلم أويصال، إن الليرة التركية كانت بمقدمة حملات المعارضة الانتخابية، والتي اعتمدت تراجع مستوى المعيشة وتضخم الأسعار، سلاحاً لمواجهة أردوغان والوصول إلى السلطة إلى جانب شعارات أخرى.

وأشار أويصال إلى أن لتلك الشعارات أثرها الكبير بالشارع التركي بعد تضخم الأسعار أكثر من 150% خلال عامين واستمرار تراجع سعر الليرة التركية لتتعدى 20 ليرة مقابل الدولار اليوم.

وحول الأسباب الاقتصادية، عدا السياسة والانتخابات، يضيف أويصال أن المديونية الخارجية لم تزل تضغط بقوة على الاقتصاد التركي، حيث تأتي فاتورة الطاقة التي تخرج سنوياً، نحو 50 مليار دولار سبباً آخر.

وأضاف أن المستجد هذا العام هو الزلزال، وزيادة ضخ الليرة بالسوق، سواء عبر زيادتي الأجور أو مساعدات المتضررين من الزلزال، ما زاد الخلل بالمعروض النقدي الذي لم تقابله زيادة بعائدات السياحة والصادرات.

وأشار أيضاً إلى استهداف بلاده المستمر من الغرب، سواء عبر التخفيض الائتماني أو المضاربات، متوقعاً زيادة استهداف تركيا بحال فوز المرشح أردوغان اليوم.

وتتحوّط الحكومة التركية مما تقول إنه استهداف خارجي أو طوارئ بعام الانتخابات، زاد عليه تراجع الإنتاج والتصدير والقدوم السياحي، منذ الزلزال الذي ضرب 11 ولاية جنوبيّ البلاد في فبراير/ شباط الماضي، ما دفعها، ممثلة بوزارتي الاقتصاد والمال، إضافة إلى المصرف المركزي، إلى اتخاذ قرارات وضوابط، رآها مراقبون تشدداً أو تدخلاً مباشراً بالسوق والتجارة الخارجية.

ويأتي التدخل المباشر بالسوق النقدي عبر ضخّ كتل دولارية، سواء من المصرف المركزي أو عبر حلفاء خليجيين، كما كشف الرئيس التركي أخيراً.

وبمقدمة إجراءات تركيا لمنع تهاوي سعر الصرف، إلزام شركات التصدير ببيع 40% من عائدات النقد الأجنبي للبنك المركزي وإلغاء الدولرة في المصارف التركية، والقرارات "الشفوية" للحد من بيع الدولارات للشركات التي ليست بحاجة ملحة لسداد مستحقاتها، مقابل منح الأولوية لأصحاب الودائع بالليرة ضمن نظام الادخار (كيه كيه إم) الذي تبلغ قيمته حالياً 100 مليار دولار، تصبّ في السياسة التركية نفسها.

وجاءت خطوة المصرف المركزي، الخميس الفائت، بتثبيت سعر الفائدة عند 8.5%، بعد أن أصدر سابقاً، قواعد مصرفية أخرى لرفع نسبة ودائع البنوك بالليرة إلى 65% خلال النصف الأول من العام الحالي.

ووفقاً للقاعدة ذاتها، فإنه إذا تراجعت الودائع عن نسبة 60%، فعلى البنوك إيداع جزء أكبر من الودائع بالعملات الأجنبية لدى البنك المركزي، وشراء 7% إضافية من السندات الحكومية بالعملة المحلية، وإن تجاوزت تلك النسبة، فستعفى البنوك من الاحتفاظ ببعض السندات الحكومية بالعملة.

أدت هذه السياسات، إلى حد بعيد، إلى تثبيت سعر صرف العملة التركية، رغم ما يصفه المراقبون بالضغوط الشديدة خلال جولتي الانتخابات، وإن بشكل مرحلي أو مصطنع، ريثما تنتهي الانتخابات ويبدأ موسم السياحة وتعاود الصادرات انتعاشها، التي تعوّل تركيا على تعديها عتبة 300 مليار دولار.

ويرى أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير، فراس شعبو، أن نسبة تراجع الليرة خلال مايو/ أيار الجاري، هي مقبولة وأقل من التوقعات، فأن يتراجع سعر الليرة بين 2 و2.3%، فهذا ضمن المقبول، نظراً لما رأيناه من شعارات انتخابية واتهامات ووعود عالية السقوف.

وأشار شعبو إلى أن نسبة تراجع الليرة خلال العام الجاري تعدت 5%، وزادت على 80% خلال السنوات الخمس الأخيرة.

وحول توقعه بسعر العملة التركية بعد نتائج الانتخابات، يضيف شعبو لـ"العربي الجديد" أن الليرة والاستثمار وربما الاقتصاد التركي الكلي، مرتبطة بنتائج الانتخابات ليل اليوم الأحد.

وأضاف أنه بصرف النظر عن النتيجة، رغم أهميتها، من غير المتوقع، اقتصادياً، أن يتعافى سعر الليرة، لأن الضغوط الداخلية كبيرة، ومن المتوقع زيادة الضغوط الخارجية.

واعتبر الأكاديمي التركي أن وعود المعارضة برفع كبير لسعر الفائدة أو ضخ عشرات مليارات الدولارات عبر مساعدات أو استثمارات غربية، دعايات انتخابية صعبة التحقيق.

وأكد أن الخلل البنيوي الذي سيحدث بالاقتصاد التركي، فيما لو وصلت المعارضة إلى الرئاسة، سيكون لها آثار سلبية على العملة وحتى خروج استثمارات وتصدّع علاقات، خصوصاً مع منطقة الخليج، بناها الرئيس أردوغان على مدى سنين.

ويذكر أن سعر صرف الليرة التركية يوم 14 الجاري، خلال الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية افتتح عند 19.56 ليرة مقابل الدولار، ثم تراجع إلى 19.7 وتذبذب خلال فترة ما بين الجولتين ليتعدى اليوم 20 ليرة للدولار الواحد بانتظار حسم النتائج ليلة اليوم.

المساهمون