الليرة السورية تواصل انهيارها... واتهامات للنظام بالضلوع في المضاربات

17 فبراير 2021
طلب على الدولار كعملة مستقرة (Getty)
+ الخط -

يتزايد عجز السلطة النقدية في سورية عن ضبط سعر صرف الليرة الذي هبط إلى مستوى غير مسبوق أمام الدولار. ويدفع المواطنون ضريبة هذا العجز من قوتهم وقدرتهم الشرائية، فيما يكتفي النظام بالترهيب وتحميل مسؤولية انهيار سعر الصرف لانخفاض وعي المواطنين، متهما كل من يختزن الدولار بالمشاركة في الـ"مؤامرة" الكونية. 

وارتفع سعر صرف الدولار الواحد مقابل الليرة السورية من 50 ليرة عام 2011 إلى أكثر من 3300 ليرة أخيراً. أمام فشل كامل من "مصرف سورية المركزي" لاستخدام أدوات نقدية أو رقابية ناجعة للسيطرة على الأسواق، إذ يكتفي دورياً بإصدار تصريحات يقول فيها إنه سيقوم بإجراءات توقف نزيف العملة، ولكن من دون أي نتائج ملموسة على الأرض.

ورأى خبير اقتصادي من دمشق، طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "النظام بمؤسساته المالية والنقدية، في حالة فشل كامل، حيث كلما تعلن السلطات عن اتخاذ إجراءات الجزء الكبير منها غير معروف بحجة السرية ينخفض سعر الصرف". وشرح أن الطريقة المتبعة لخديعة المجتمع تقوم على المعادلة التالية: "يتم خفض الدولار 50 ليرة مثلاً، ثم يرتفع 500 ليرة ثم ينخفض 200 ليرة، فيطبل النظام وإعلامه للإنجاز، فيما الحقيقة أن العملة هبطت 250 ليرة أمام الدولار خلال هذه الاحتفالية". 

واعتبر أن "النظام اليوم هو المضارب الأكبر في السوق، عبر سياساته الاقتصادية الفاشلة وتعنته السياسي القاتل في تعطيل الحل السياسي، إضافة إلى أن الصرافين وتجار العملة غير المرخصين يعملون تحت رعاية النظام والمتنفذين".

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

 

وتابع: "تعمل مكاتب وشركات مالية في السوق السوداء في وسط دمشق والكثير من الناس في الشارع يعرفون عناوينها، إلا الجهات المختصة لا تعلم بوجودها، الحقيقة أن النظام يشغل هذه الشركات ويستفيد من المضاربات لتمويل نفقاته الجارية". 

ولفت إلى أنه "من المضحك أن النظام يطلب من المواطنين أن يدفعوا له في معاملات عدة بالدولار مثل معاملات الإعفاء من الخدمة العسكرية، لكنه لا يبيعهم الدولار، واليوم هناك ضغط على طلب الدولار من الفعاليات الاقتصادية لتمويل المستوردات، كما يوجد شبه انعدام للثقة بالقيمة الشرائية لليرة السورية في ظل تدهورها".

ولفت إلى أن غياب هذه الثقة دفع جزءاً من المجتمع، المسحوق اقتصادياً، وأصحاب الإعمال إلى اعتماد الدولار في التعاملات لأنهم بحاجة إلى عملة مستقرة، وهذا لا يعالج بإجراءات أمنية أحادية بل يحتاج إلى حلول اقتصادية مرتبطة بحل الأزمة السياسية".      

وكان مصرف سورية المركزي قد أعلن منذ أيام أنه سيقوم بمجموعة من الإجراءات للتدخل في سوق القطع الأجنبي ووقف المضاربة على الليرة السورية. وضمن ما يسوقه النظام من وجود مؤامرة كونية تستهدف سورية، اعتبر المركزي أن "الأمر يتطلب وعياً من قبل المواطنين وأصحاب الشركات إلى جانب إجراءاته للاستمرار في التصدي للمحاولات التي تستهدف النيل من الليرة السورية والشعب السوري الذي أثبت صموده طوال فترة الحرب". 

وأثارت تصريحات المركزي العديد من الردود، إذ اعتبر الباحث الاقتصادي الدكتور عابد فضلية، في تصريح نشرته صحيفة "الوطن" المقربة من النظام، أن الحملات التي تنفذها بعض الجهات المعنية بالتلاعب في سعر الصرف وحركات المضاربة عادة ما يكون أثرها محدوداً زمنياً لساعات أو لأيام". وأضاف: "لكن سعر الصرف يرتفع لأسباب غير معلومة. يحتاج ضبط سعر الصرف وتخفيضه لحلول أكثر من الإجراءات المحدودة". 

 

من جهته، رد أمين سر هيئة مكافحة غسل الأموال في مصرف سورية المركزي عماد معروف، على منتقدي المركزي عبر لقاء له مع إحدى الإذاعات المحلية قائلاً إن "سورية تتعرض لحرب اقتصادية، وإنه على أرض الواقع لا توجد تغيرات اقتصادية جوهرية تؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف، معتبراً أن الارتفاع هو لعبة يقوم بها مضاربون موجودون خارج مناطق سيطرة الحكومة في شمال شرق سورية وشمال غرب سورية وتركيا". 

ولفت إلى أن "هناك إجراءات نقدية يقوم بها المصرف المركزي إلا أنها في معظمها سرية لا يعلن عنها، وهناك عامل ضاغط وهو العرض والطلب، ولكن الأهم هو وعي المواطنين لوجود حرب اقتصادية"، وتهرب من سؤال يدعوه لتحديد موعد لانخفاض سعر الصرف، قائلا "في القريب العاجل سينعكس على الواقع".