عاودت الليرة السورية التهاوي، أمس الثلاثاء واليوم الأربعاء، بعد تعاف مؤقت خلال الأسبوع الماضي، لتسجل اليوم الأربعاء 6700 ليرة مقابل الدولار، بعد أن تحسنت إلى نحو 5800 ليرة الأسبوع الماضي، إثر تدخل مباشر من المصرف المركزي السوري، وضخ كتل دولارية.
وسجلت الليرة السورية أدنى سعر على الإطلاق مطلع العام الجاري، بعد بلوغ الدولار 7200 ليرة سورية، قبل أن يتدخل المصرف المركزي عبر أربع شركات صرافة ويطرح الدولار بالسوق، تلاه رفع سعر صرف الدولار الرسمي في نشرات المصارف والصرافة، والبدل العسكري، وسعر الحوالات.
وبلغ سعر صرف الدولار الرسمي 3 آلاف ليرة سورية، بدلًا من 2500 ليرة سورية، ويتراجع سعر الليرة بسعر النشرة الخاصة بالمصارف والصرافة، من 3015 إلى 4522 ليرة سورية وسعر شراء الدولار لتسليم الحوالات الواردة من الخارج بالليرة السورية، من 3000 ليرة إلى 4500 ليرة سورية.
ويقول أستاذ المالية فراس شعبو، لـ"العربي الجديد"، إن "تحسن سعر صرف الليرة الأسبوع الماضي، جاء بعد أخذ المصرف المركزي دور المضارب وليس المؤسسة النقدية التي تضبط الأسعار، فكسب من تراجع السعر بعد الارتداد المؤقت بسعر الصرف، للأسف المصرف المركزي بات مؤسسة تجارية وليس نقدية حكومية تضبط أسعار الصرف".
ويؤكد أن تحسن سعر الليرة السورية "كان وهمياً" بدليل عدم انخفاض الأسعار بالسوق ومعرفة التجار "اللعبة" التي كررها المصرف المركزي مراراً "يعيش النظام على قوت الناس وتدميره القدرة الشرائية والتلاعب بأسعار الصرف".
ويضيف شعبو أن السوق السورية "عطشى" فسرعان ما امتصت ما ضخه المركزي السوري، لأن الطلب على العملات الأجنبية كبير، فالتجار يبحثون عن الدولار لإتمام صفقاتهم ومستورداتهم، بما فيها القمح والمشتقات النفطية التي ألزمهم النظام باستيرادها، متوقعاً تهاويا سريعا لسعر الليرة السورية "بعد لعبة المركزي وشركات الصرافة" لأن انعدام الثقة زاد هذه المرة "والجميع بات يعرف أن الليرة فقدت جميع حوامل قوتها أو استمرارها على قيد التداول".
ويتوقع المتخصص شعبو أن يلجأ نظام بشار الأسد إلى سحب الدعم عن بعض السلع والمواد ورفع أسعار السلع الأساسية، لأن زيادة الطلب على الدولار ونقص وغلاء المحروقات، ستدفع نظام الأسد للبحث عن طرق بقاء، غير مستبعد "تكرار لعبة التدخل للكسب والمضاربة" وطرح بعض المنشآت الحكومية للخصخصة، سواء لرجال أعمال سوريين أو لشركات إيرانية.
وكانت العملة السورية، قد هوت مطلع العام الجاري إلى أدنى مستوى على الإطلاق بعد تسجيل الدولار 7200 ليرة، لتزيد خسائر قيمة الليرة عن 50% خلال عام 2022 الذي دخلته العملة السورية بنحو 3500 ليرة للدولار الواحد.
وانعكس تهاوي سعر الليرة على أسعار السلع والمنتجات التي زادت نحو 30% خلال الشهر الأخير، خاصة بعد رفع حكومة بشار الأسد سعر البنزين من 2500 إلى 4900 ليرة لليتر ورفع سعر ليتر المازوت بنحو 500 ليرة ليصل سعر الليتر "منشأ محلي" 3000 ليرة سورية.
ولم تنخفض الأسعار خلال الأسبوع الماضي، رغم التحسن بسعر الليرة، لتحافظ أسعار المنتجات على أعلى سعر شهدته الأسواق السورية منذ 11 عاماً، حيث سجل كيلو الطماطم 3200 ليرة والبطاطا 3500 ليرة وزاد سعر كيلو التفاع عن 4200 ليرة والبرتقال الذي تنتج منه سورية، نحو 800 ألف طن، عن 3500 ليرة للكيلو الواحد، لتبقى أسعار اللحوم فوق قدرة السوريين الشرائية، بعد تعدي سعر كيلو لحم الخروف 50 ألف ليرة سورية.
وعادت اليوم الأربعاء أسعار السلع المستوردة للارتفاع، فبعد تحسن سعر الأرز والسكر الأسبوع الماضي بنحو 500 ليرة للكيلوغرام، أكدت مصادر من دمشق اليوم، ارتفاع أسعار الأرز المصري إلى 7500 ليرة وعودة السكر إلى 7 آلاف ليرة وليتر زيت عباد الشمس 20 ألف ليرة سورية.
وارتفعت تكاليف معيشة الأسرة السورية، بنحو 500 ألف ليرة سورية منذ سبتمبر/أيلول الماضي حتى مطلع العام الجاري، لتبلغ كلفة معيشة أسرة مؤلفة من خمسة أشخاص، نحو 4 ملايين ليرة سورية (الدولار= 6300 ليرة).
وكشف مركز "قاسيون" من دمشق عبر دراسة نشرها أخيراً، أن متوسط المعيشة اعتمد طريقة محددة في حساب الحد الأدنى لتكاليف معيشة أسرة سورية من خمسة أشخاص، تتمثل بحساب الحد الأدنى لتكاليف سلة الغذاء الضروري (بناءً على حاجة الفرد اليومية إلى نحو 2400 سعرة حرارية من المصادر الغذائية المتنوعة).