قال مصرفيون ورجال أعمال، اليوم الأحد، إن الليرة السورية تعافت من أدنى مستوياتها على الإطلاق في وقت سابق من مارس/ آذار، بعد أن شددت السلطات الضوابط على السحوبات المصرفية والتحويلات الداخلية وقيدت حركة السيولة في جميع أنحاء البلاد لوقف اكتناز الدولار.
وقال متعاملون إن الليرة جرى تداولها بنحو 3500 مقابل الدولار اليوم الأحد، وهو أقوى مستوى لها منذ شهر.
وارتفعت العملة السورية أمس السبت 12 بالمئة، ما عوض الخسائر التي دفعت العملة إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 4000 في وقت سابق هذا الشهر.
وقال مصرفيون ورجال أعمال إن صعود الليرة جاء بعد فترة وجيزة من مطالبة مصرف سورية المركزي للبنوك، الأسبوع الماضي، بسقف لعمليات السحب عند مليوني ليرة (572 دولارا) من الحد السابق البالغ 15 مليون ليرة.
وأضافوا أن المصرف المركزي عمل أيضا على الحد من حركة النقد داخل المحافظات، بما لا يتجاوز خمسة ملايين ليرة، وفرض سقفا يصل إلى مليون ليرة للتحويلات داخل المناطق التي تسيطر عليها الحكومة لخفض الطلب على الدولار.
وقال أحد كبار رجال الأعمال المطلعين على سياسة المصرف المركزي عبر الهاتف من دمشق، لوكالة "رويترز": "هي تجفف السيولة من أيدي الناس وإجباري ينزل الدولار لأنه عرض وطلب".
وأضاف رجل الأعمال، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لدى سؤاله عن الخطوات لوقف الدولرة المتزايدة للاقتصاد الذي أصابه الشلل بعد حرب على مدى عشر سنوات، "المشكلة أنها وسيلة مفتعلة لرفع العملة".
وقال رجال أعمال ومصرفيون إن القيود الجديدة، التي تضمنت أيضا حملة أمنية على تجار الصرافة الذين يُتهمون بالتسبب في انخفاض قيمة العملة، كانت سيئة التخطيط وستؤدي إلى نتائج عكسية.
وقال متعامل كبير، طلب عدم ذكر اسمه، "ما فيك تستمر توقف السحب من البنوك لفترات طويلة. بالأخير كيف الاقتصاد بده يمشي إذا ما بتقدر تسحب مصاري (نقود)؟"
وقال مصرفي، طلب أيضا عدم الكشف عن هويته، "قال اثنان من تجار الصرافة إن قوات الأمن اعتقلت الأسبوع الماضي عشرات التجار وصادرت ملايين الدولارات في حلب وحماة والعاصمة".
وقال مصرفيون إن المصرف المركزي، الذي تخلى إلى حد كبير عن جهود دعم العملة، خفض أيضا الواردات غير الضرورية في الشهرين الماضيين للحفاظ على العملات الأجنبية المتبقية.
وتعاني سورية، التي تشهد أزمة اقتصادية حادة بعد 10 سنوات من الحرب وتطاولها عقوبات غربية، في توفير الدولار الضروري لاستيراد احتياجاتها الأساسية، في وقت تسجّل الليرة منذ مطلع العام انخفاضاً غير مسبوق، فوق 4 آلاف ليرة، ولا يزال سعر الصرف الرسمي يعادل 1256 ليرة.
وما فاقم من الأزمة الاقتصادية أخيراً تدابير التصدي لوباء كوفيد-19. كذلك تواصل الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور لها مع الأزمة السورية، حيث يودع سوريون كثر، بينهم رجال أعمال، أموالهم، ما زاد الوضع سوءاً في سورية.
وفي محاولة من النظام السوري لكبح جموح الدولار، شدد الحملة الأمنية على شركات الصرافة وأغلق بعضها.
وتوقع الاقتصادي السوري حسين جميل، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد"، أن تعاود العملة السورية الهبوط بعد موجة الملاحقة والحلول الأمنية، لأن مقومات استقرار سعر العملة مفقودة بسورية، بل ومرشحة برأيه لمزيد من التأزم، بواقع اضطرار النظام لاستيراد الضروريات من قمح ونفط، وعدم كفاية سد الصادرات خلل الدولار.
(رويترز، العربي الجديد)