- شهدت تركيا تراجعاً في معدلات التضخم وتحسناً في مؤشرات اقتصادية مثل السياحة والصادرات واحتياطي النقد الأجنبي، الذي ارتفع إلى فائض 6 مليارات دولار.
- تواجه تركيا تحديات في تحسين مستوى معيشة المواطنين مع ارتفاع نسب الجوع والفقر، وتسعى الحكومة لدعم القطاعات الإنتاجية لتخفيف الأعباء الاقتصادية.
ثبتت لجنة السياسة النقدية لدى البنك المركزي التركي اليوم الخميس، وللشهر السابع على التوالي، سعر الفائدة عند 50% ضمن سياسة التشدد النقدي التي تعلنها، منذ تشكيل الحكومة في مايو/أيار العام الماضي، واعتماد رفع سعر الفائدة من 8.5 إلى 50%. ولم يحن وقت التراجع عن سياسة التشدد النقدي برأي المسؤولين الأتراك، لذا يرون ضرورة الاستمرار بتثبيت سعر الفائدة المرتفع، ليجذب فائض السيولة من الأسواق، للمساهمة بكسر التضخم وتراجع نسبته التي بدأت تظهر خلال الأشهر الأخيرة.
وتحسّن سعر الصرف اليوم، بعد قرار المصرف المركزي، لتسجل الليرة مقابل الدولار 34.1629 متحسنة عن سعر أمس والبالغ 34.2645 ليرة للدولار، و37.2397 مقابل العملة الأوروبية الموحدة. ويقول المحلل التركي، باكير أتاجان إن خطة الحكومة والبرنامج الاقتصادي، يقتضيان الاستمرار بسياسة التشدد والفائدة المرتفعة، ربما حتى نهاية العام الجاري، وسنرى بعد ذلك، بدء تراجع سعر الفائدة والتي لن توثر وقتذاك، في نسبة التضخم المتراجعة باستمرار.
ويشهد التضخم تراجعاً مستمراً بتركيا، فبعد أن سجل 71.60 في شهر يونيو/حزيران تراجع إلى 61.78% في يوليو/تموز ومن ثم إلى نحو 51% الشهر الماضي. كما تتحسن البيانات والمؤشرات الأخرى، السياحة والصادرات واحتياطي النقد الأجنبي بالمصرف المركزي، بحسب المصادر الرسمية، الأمر الذي دفع المصرف المركزي اليوم، لتثبيت سعر الفائدة إلى جانب خطوات تشديد تكميلية، بمقدمتها ضبط الإنفاق الحكومي، وإدارة ظروف السيولة، مع تثبيت الأسعار، وتعقيم السيولة الزائدة، بما في ذلك الاقتراض عبر غرفة المقاصة الرئيسية، وعقد مزادات لشراء الليرة.
وبحسب مصادر تركية رسمية، فقد ارتفعت الاحتياطيات الصافية من النقد الأجنبي للبنك المركزي من عجز بقيمة 75 مليار دولار في إبريل/نيسان الماضي إلى فائض قدره 6 مليارات دولار بحلول نهاية أغسطس/آب 2024. وتتوقع المصادر ارتفاع الاحتياطيات إلى 158 مليار دولار بنهاية العام الجاري، وإلى 165 مليار دولار بنهاية 2025.
وحول أثر الفائدة المرتفعة على توجه الأموال إلى المصارف وليس للقطاعات الإنتاجية، يقول أتاجان لـ"العربي الجديد" إن الأموال الموظفة بالمصارف بهدف تحصيل الفائدة المرتفعة، هي بالغالب ليست أموالاً للاستثمار أو لتحسين الزراعة والصناعة، بل هي أموال مضاربين، من الداخل والخارج، وإبقاؤها بالسوق ستضر بسعر الصرف وتؤثر سلباً في تحسين التضخم، مشيراً إلى أن الحكومة التركية تقوم بدعم القطاعات الإنتاجية عبر قروض ميسرة ومنح مالية، إضافة إلى أموال وقوانين دعم الإنتاج والصادرات.
ويرى مراقبون أن تركيا مضطرة للاستمرار بسياسة التشدد النقدي والفائدة المرتفعة، لتؤكد استقلالية القرار المالي والنقدي عن الدولة، والرئيس رجب طيب أردوغان تحديداً، بعد أن أعلن خلال السنوات الماضية عداءه للفائدة المرتفعة وعزل محافظين من المصرف المركزي لرفعهما سعر الفائدة، كما تزيد تركيا من ثقة المودعين والمستثمرين ووكالات التصنيف الدولية، إلى جانب أهداف داخلية، بمقدمتها تخفيض التضخم، وصولاً لتحسين سعر الصرف، وتحقيق الرفاهية للأتراك، كما أعلنت خطة الحكومة الاقتصادية.
وكانت كالة فيتش للتصنيف الائتماني، قد رفعت أخيراً، التصنيف السيادي لتركيا من "بي بي-" (BB-) إلى "بي+" (B+)، في خطوة مدفوعة بتحسن احتياطيات تركيا وسياساتها النقدية في ظل السياسات الجديدة لأنقرة بهذا المجال.
لكن، تبقى معيشة الأتراك هي فيصل نجاح برنامج الحكومة الاقتصادي، إذ تتزايد أعباء المعيشة، بواقع القيمة الشرائية لليرة المتراجعة باستمرار واستمرار ارتفاع الأسعار، رغم الوعود الحكومية بلجمها وتراجع نسبة التضخم وتحقيق "الرفاهية" كما هو هدف البرنامج الحكومي.
وكانت نسب الجوع والفقر قد ارتفعت بالبلاد، بحسب تقرير الاتحاد التركي لنقابات العمال "Türk-İş" لشهر سبتمبر/ أيلول الذي قاس المصاريف على الأجور والتي يبلغ حدها الأدنى 17.002 ليرة تركية. وبحسب التقرير، فقد جرى تحديد حد الجوع عند 19 ألفاً و830 ليرة تركية، في حين بلغ حد الفقر 64 ألفاً و595 ليرة تركية. أما تكلفة المعيشة الشهرية للموظف الأعزب، فقد وصلت إلى 25 ألفاً و706 ليرات تركية.