أطلق ناشطون ليبيون حملة واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تطالب بضرورة نشر كشف حساب لجميع الأموال والاعتمادات المصرفية الصادرة عن البنك المركزي الليبي.
وأكدت الحملة أن المراجعة الدولية لحسابات مصرف ليبيا المركزي، مطلب شعبي قبل أن تكون مطلباً دولياً، لمعرفة أوجه صرف مليارات الدينارات والدولارات من أموال المواطنين خلال العشرية الماضية.
وتنطلق الحملة بعد إعلان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن النتائج الأولية لعملية المراجعة المالية لحسابات المصرف المركزي الليبي بشقيه في طرابلس والبيضاء، والتحقق منها بمعية مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع وشركة ديلويت الدولية. وتراهن الأمم المتحدة على أن تكون هذه العملية الرقابية ضربة البداية في توحيد المصرف المركزي، المنقسم منذ ست سنوات.
وقال الخبير بالشأن الاقتصادي خالد محمد لـ "العربي الجديد"، إن المراجعة والتدقيق والشفافية والمحاسبة لا تتوقف عند حد المصرف المركزي بشقيه الشرقي والغربي، "فالموضوع أعمق من هذا بكثير إذا ما تم فتح ملفات الفساد أمام القضاء، فكل رؤوس النفوذ والسلطة من المجلس الوطني إلى المؤتمر الوطني إلى المجلس الرئاسي إلى الحكومات المتعاقبة إلى الأجهزة القائمة والمنحلة، ستكون أمام المحاسبة".
وكان مبعوث الأمم المتحدة السابق غسان سلامة قال في تصريحات صحافية، إن الفساد في ليبيا لم يسبق له مثيل في التاريخ. من جانبه، طالب الناشط بشير بن سالم بأن يخضع من يثبت تورطه في إهدار المال العام للتحقيق والملاحقة القضائية، "لا أن يتم الاكتفاء بتقرير فضفاض يتضمن محاضرة عن النزاهة والشفافية والحوكمة".
وشرح المحلل المالي سليمان الشحومي لـ "العربي الجديد" أن عملية مراجعة حسابات البنك المركزي بطرفيه ستحمل طابعاً استقصائياً وقد تتحول إلى متابعة جنائية حول استخدامات الأموال، وسط تساؤلات عن توظيفاتها، وما إذا كانت في أعمال غير مشروعة ربطاً بالصراع الدائر في ليبيا. وطالب بضرورة وجود خارطة طريق لعودة توحيد البنك المركزي بعد انتهاء المراجعة وظهور النتائج.
وأكد الباحث الاقتصادي بشير مصلح أن حجم الفساد كبير في ليبيا، والسؤال اليوم يدور حول الجهات التي ستقوم بالخطوات القانونية التي ستضمن عودة البنك المركزي موحداً، حيث إن "كل من يملكون الصلاحيات ربما يتحولون إلى متهمين بالفساد". ومنذ انطلاق عملية التدقيق في آب/ أغسطس 2020، قامت شركة ديلويت بجمع المعلومات من فرعي مصرف ليبيا المركزي.
وتم دمج هذه المعلومات في بيانات إضافية من مصادر رسمية أخرى، ليتم التحقق منها لاحقًا عبر تأكيدات طرف ثالث مع المصارف التجارية ذات الصلة. ويتضمن التدقيق توصيات حول كيفية تحسين نزاهة ووحدة النظام المصرفي بما في ذلك، على وجه الخصوص، خطوات عملية لتوحيد المصرف المركزي وتعزيز المساءلة والشفافية، وفق بيان البعثة الأممية.
وفي شهر فبراير/ شباط الماضي، كشف تقرير "غلوبال ويتس" أن ليبيا تخسر ملايين الدولارات سنويًا عبر الاحتيال في استعمال منظومة الاعتمادات المستندية، وذلك لتلبية حاجات ليبيا من الواردات. وصنفت ليبيا في المركز 173 عالمياً في مؤشر مدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية لعام 2020 من ضمن 180 دولة، في حين كان ترتيبها 168 عالمياً في العام 2019، و170 في العام 2018.
وذكر تقرير سابق لديوان المحاسبة الليبي أن مستوى الفساد لم يتغير خلال السنوات العشر الماضية، مطالبا بضرورة اتخاذ إجراءات للحد من الفساد لتخفيف معاناة المواطن والتركيز على التنمية. واستشهد التقرير بنماذج من الفساد، من بينها توريط أحد المصارف المملوكة للدولة في استثمارات فاشلة وتقاضي رشاوى مقابل ذلك.