أكدت الحكومة الكويتية مرة أخرى، ولكن هذه المرة على لسان وزير المالية الجديد، خليفة حمادة، في تقرير رفعه لمجلس الوزراء، عدم وجود سيولة كافية للوفاء لتغطية رواتب الشهر المقبل.
وفي هذا الصدد، أكد مصدر وزاري رفيع المستوى لـ "العربي الجديد" أنه تحت وطأة الأزمة المالية على خلفية تداعيات جائحة كورونا، واستمرار حالة عدم التوافق على قانون الدين العام الذي يهدف إلى الاقتراض في ظل أزمة عجز الميزانية، تخشى الحكومة من تفاقم الأزمة، حيث لن تستطيع الحكومة الوفاء بالتزاماتها الشهرية، من بينها سداد رواتب العاملين في المؤسسات الحكومية بعد شهر مارس/آذار الحالي.
وقال المصدر الوزاري، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إن وزير المالية رفع تقريرا إلى مجلس الوزراء الكويتي يوضح فيه الحالة المالية للدولة، مشيرا إلى أن التقرير تضمّن أهم العقبات التي تواجه وزارة المالية والحكومة، خاصة فيما يتعلق ببند الرواتب، في ظل زيادة الإنفاق الحكومي لمواجهة أزمة جائحة كورونا.
وحذر التقرير الحكومي من استمرار السحب من الاحتياطي العام الذي أوشك على النفاد، إذ أكد أنه لم يتبق في صندوق الاحتياطي العام سوى 4 مليارات دولار فقط، الأمر الذي يدق ناقوس الخطر حول تصاعد الأزمة المالية.
كما أشار التقرير إلى أن الوضع المتأزم سيؤثر على المركز المالي للدولة، وهو ما دفع الحكومة إلى تحويل ما يقرب من 25 مليار دولار من صندوق الأجيال إلى صندوق الاحتياطي العام.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي الكويتي، حجاج بوخضور، لـ "العربي الجديد"، إن الأزمة المالية التي تشهدها الكويت ليست وليدة اليوم.
وأوضح بوخضور أن غياب التوافق بين أعضاء مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) والحكومة أدى إلى تأخير الحلول، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن النواب يواصلون تبني الخطابات الشعبوية لتحقيق مصالح انتخابية على حساب القضايا المالية الحساسة.
وأضاف أنه لا يعقل ألا تتم معالجة الأزمات الراهنة والتي تفاقمت على خلفية تداعيات جائحة كورونا والعمل على وضع حلول مستدامة، داعيا الحكومة إلى استيعاب الدروس من الأزمة الراهنة والاستفادة من تجارب الدول التي تمضي في الإصلاحات.
وطالب بوخضور، الحكومة، بالبدء في إصلاح الميزانية العامة للدولة، لافتا إلى أن بندي الرواتب والدعم يلتهمان أكثر من 70 في المائة من الميزانية، وهو الأمر الذي يستدعي ضرورة وضع حلول من خلال توفير موارد مالية مستدامة، والعمل على تقليص الدعم وتطبيق سياسة واضحة للتعيينات العشوائية في الأجهزة الحكومية. ويُشكل المواطنون الكويتيون نحو 80% من العاملين في القطاع العام، حسب بيانات رسمية.
وفي وقت سابق، أعلن مجلس الوزراء الكويتي عن الموازنة التقديرية لعام 2021، حيث بلغ إجمالي المصروفات 76 مليار دولار، والعجز المتوقع ما يقرب من 40 مليار دولار.
وأكد وزير المالية الكويتي، خليفة حمادة، أن المركز المالي للكويت قوي ومتين، لكونه مدعوما بالكامل من صندوق احتياطي الأجيال القادمة، لكنه حذر من أن "الإيرادات والمصروفات العامة تعاني اختلالات هيكلية أدت إلى قرب نفاد السيولة في خزينة الدولة وصندوق الاحتياطي العام".
أعلن مجلس الوزراء الكويتي عن الموازنة التقديرية لعام 2021، حيث بلغ إجمالي المصروفات 76 مليار دولار
من ناحيته، أكد أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت، عبد الله الكندري، أن التصريحات الحكومية بشأن عدم قدرتها على سداد رواتب العاملين في المؤسسات الحكومية تعطي انطباعا سلبيا بشأن الوضع المالي في الدولة، مشيرا إلى أن أزمة شح السيولة العامة ليست جديدة، وإذا أرادت الحكومة الإصلاح فعليها وضع خارطة طريق وإعلان خطواتها للرأي العام.
وأضاف الكندري، خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أنه ينبغي على الحكومة البدء في فرض الضرائب على شركات القطاع الخاص في الكويت، وضرورة العمل لتحقيق استدامة مالية من خلال تعزيز الإيرادات المالية وتحريك رسوم الخدمات الحكومية ومحاربة الفساد ووقف التعيينات العشوائية وإصلاح هيكل الأجور في المؤسسات الحكومية.
كما دعا الكندري، الحكومة، إلى ترشيد الإنفاق وتأجيل المشروعات غير الضرورية وتنويع الاقتصاد، مؤكدا أن الاستمرار في الاعتماد على مصدر وحيد للدخل سيضر بمستقبل الأجيال القادمة. وتشكل الإيرادات النفطية أكثر من 92% من الناتج المحلي الإجمالي في الكويت، وفق تقارير حكومية.
وتحاول السلطات الكويتية تمرير قانون الدين العام الذي يهدف إلى اقتراض ما يقرب من 65 مليار دولار لتمويل العجز في الميزانية، فيما يلقى القانون معارضة نيابية، حيث يطالب عدد من النواب الحكومة بتحديد أوجه الصرف وآليات السداد.