فيما تواصل السلطات الكويتية جهودها لمواجهة وباء كورونا وحملة التطعيم المتسارعة التي تهدف للوصول إلى المناعة المجتمعية، كشفت وثيقة حكومية، اطلعت عليها "العربي الجديد"، أن السلطات الكويتية واجهت الجائحة بزيادة غير مسبوقة في الإنفاق على القطاع الصحي تقدر بـ 1.6 مليار دولار.
وكشفت الوثيقة أن مجلس الوزراء خصص ميزانية قياسية لعدد من الوزارات التي تعمل على مواجهة فيروس كورونا وفي مقدمتها وزارة الصحة الكويتية، بالإضافة إلى وزارات مثل التجارة والداخلية والدفاع من أجل الاستمرار في جهود السيطرة على جائحة كورونا فضلا عن الإجراءات الاستثنائية لمواجهة الزيادة الكبيرة في أعداد المصابين بفيروس كورونا.
وتضمنت المصروفات شراء مستلزمات ومعدات طبية مثل الكمامات والأوكسجين والأدوية وغيرها من المستلزمات الطبية لمواجهة الزيادة غير المسبوقة في الإصابات، بالإضافة إلى إنشاء مستشفيات ميدانية في العديد من المناطق مثل المستشفى الميداني في أرض المعارض بمنطقة مشرف.
وتعاقدت وزارة الصحة الكويتية مع أطباء من باكستان وكوبا بسبب النقص الكبير في الكادر الطبي وزيادة الإشغال في أسرة العناية المركزة، فيما تبلغ القيمة الإجمالية للتعاقدات مع الأطباء من الخارج ما يقرب من 240 مليون دولار.
وفي ما يتعلق باللقاحات، أجرت السلطات الصحية الكويتية تعاقدات مع عدد من الشركات المصنعة للقاحات من أجل تنفيذ حملة التطعيم التي تهدف إلى تلقيح أكثر من 60 % من سكان الكويت (مواطنين ومقيمين) والوصول إلى المناعة المجتمعية.
وتسلمت الكويت حتى الآن نحو 2.2 مليون جرعة من لقاحات شركة "فايزر" ولقاح "أكسفورد" من شركة "أسترازينيكا"، فيما يقدر إجمالي المبالغ المرصودة للقاحات 800 مليون دولار.
وفي هذا الصدد، قال مصدر حكومي كويتي لـ "العربي الجديد" إن أزمة كورونا وتداعياتها كانت استثنائية، وبالتالي الإجراءات المتبعة لمواجهة الجائحة لا بد أن تكون استثنائية، مشيرا إلى أن جميع الإجراءات والقرارات والمصروفات تتم وفق القوانين واللوائح وتخضع للأجهزة الرقابية مثل ديوان المحاسبة وهيئة مكافحة الفساد "نزاهة".
وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه أنه من دون الإجراءات السريعة التي اتخذتها الحكومة الكويتية ممثلة في وزارة الصحة، لن تكون في مقدورها مواجهة الأعداد الكبيرة من الإصابات بفيروس كورونا، أو الحصول على اللقاحات.
وقال وزير الصحة الكويتي، باسل الصباح، إن حملة التطعيم في البلاد تمكنت من منح اللقاح لأكثر من مليون شخص حتى الآن، داعيا الجميع إلى المبادرة في تسجيل بياناتهم من أجل الحصول على التطعيم والقضاء على الوباء.
من ناحيته، قال الخبير الاقتصادي الكويتي، علي الموسى، لـ "العربي الجديد" إن الحكومة أنفقت أموالا طائلة من دون تحقيق النتائج المرجوة، حيث لا تزال معدلات الإصابة بفيروس كورونا مرتفعة للغاية، بالإضافة إلى أنه لم تتمكن السلطات الصحية من تطعيم سوى مليون فقط، في حين أن الدول المجاورة تجاوزت هذه الأرقام بنسب مرتفعة.
وأضاف الموسى، أنه ينبغي التركيز على مسارين، الأول يعتمد على الإسراع في منح اللقاحات للمواطنين والمقيمين، والثاني يركز على التوسع في إجراء الفحوصات، داعيا إلى مراجعة الاستراتيجية الحالية التي تعثرت ولم تحقق نتائج تساعد على استئناف الحياة الطبيعية في البلاد.
وفي مواجهة الموجة الثانية من وباء كورونا، قررت الحكومة الكويتية في وقت سابق، تمديد حظر التجول الجزئي حتى نهاية شهر رمضان، حيث تبدأ ساعات الحظر من السابعة مساءً وتستمر حتى الخامسة صباحا.
كما تم منع غير الكويتيين من دخول البلاد لمدة أسبوعين، وسيتوجب على جميع القادمين الخضوع للحجر المؤسسي على نفقة المسافر لمدة أسبوع، يُستكمل بحجر منزلي.
بدوره، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت، عبد الله الكندري، إن جميع حكومات العالم زادت من إنفاقها على مواجهة جائحة كورونا، عبر خطط واستراتيجيات مدروسة وبجداول زمنية واضحة من أجل القضاء على الوباء والعودة إلى الحياة الطبيعية، غير أن الحكومة الكويتية لم تعلن خطتها للعودة إلى أوضاع ما قبل الوباء.
وأوضح الكندري خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، أنه يأمل أن تسارع السلطات الصحية في حملة توزيع اللقاحات وتطعيم أكبر عدد ممكن من المواطنين والمقيمين، مشيرا إلى أن هناك دلائل بشأن تحسن الأوضاع الوبائية لدى الدول التي استطاعت تطعيم نسبة كبيرة من سكانها.