الكويت: تخفيض إنتاج النفط وراء عجز الميزانية

08 سبتمبر 2023
عجز الميزانية يقدر بقيمة 1.6 مليار دينار (Getty)
+ الخط -

 

تؤشر توقعات بنك الكويت الوطني لموازنة البلاد للسنة المالية 2023/ 2024 إلى عجز بقيمة 1.6 مليار دينار (5.18 مليارات دولار) رغم تعهد الحكومة بتنفيذ العديد من الإصلاحات المالية ومشاريع التنمية في خطة العمل الجديدة.
وتمتد الخطة على مدار 4 أعوام، ولايزال تنفيذها يواجه تحديات عديدة، بينها استمرار عجز الميزانية في السنوات الماضية، كما استمر في النصف الأول من العام الجاري.
ويُعزى العجز بميزانية الكويت جزئيا إلى اضطرار الحكومة إلى الامتثال لقرار خفض الإنتاج الذي أعلنه تحالف "أوبك+"، في الوقت الذي تحرز فيه تقدما بطيئا في تنويع مصادر إيراداتها مقارنة مع جيرانها من دول الخليج.
وامتد ذلك إلى استمرار العجز في موازنة العام المالي الجاري رغم تقليص البنود الأخرى المتعلقة بالرعاية الاجتماعية، وأبرزها نفقات العلاج في الخارج.
وحسب تقرير لبنك الكويت الوطني، فإن الدعوات لتبني سياسات شعبوية مؤيدة للرفاهية الاجتماعية أثرت سلبا على الميزانية، وتتعارض زيادة النفقات مع بعض أهداف خطة العمل الحكومي، خصوصاً تلك المتعلقة بالاستقرار المالي.

إيرادات غير مدرجة
يؤكد الخبير الاقتصادي الكويتي، علي العنزي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، أن أسعار النفط هي دائما المؤثر الرئيس في الميزانية بدولة الكويت، وتمثل 88% من إيراداتها، وبالتالي فإن تراجع أسعار النفط يؤثر سلبا في صورة عجز بالميزانية.

ويوضح العنزي أن أسعار النفط الآن مرتفعة لكنها أقل من سعر التعادل (92 دولارا للبرميل)، مشيرا إلى أن زيادة الإنفاق الحكومي طبيعية بسبب الحاجة إلى المشروعات الجديدة والتوظيف، إضافة إلى الزيادة السنوية في الرواتب.
ولا يوازي زيادة الإنفاق ارتفاعا مماثلا بالإيرادات، ولذا تسجل الميزانية عجزا مستمرا في الكويت، وهو عجز يرتبط بالميزانية العامة للدولة، وبالناتج الإجمالي المحلي، حسب العنزي.
ويوضح العنزي أن الاستثمارات الأجنبية واستثمارات شركات البترول في الخارج غير محسوبة في ميزانية الكويت، والمحسوب فقط هو الناتج الإجمالي المحلي، ما يؤثر على الإيرادات وبالتالي على عمليات الإصلاحات الاقتصادية والإنفاق الرأسمالي والاستثماري بالبلد الخليجي.
وكلما زاد الضغط على الإيرادات تعطلت بعض المشروعات التي لا تجد مخصصات مالية لتنفيذها، ولمعالجة ذلك لا بد من تمويل يضيف عبئا على الميزانية، وساهم في زيادة العجز بها، حسب العنزي.
وعن الحلول التي انتهجتها الحكومة الكويتية لمواجهة العجز المستمر، يشير إلى صندوق الاستثمارات (الأجيال القادمة)، الذي لم تسحب الدولة من إيراداته حتى الآن، ولإدخاله في عمليات التمويل يحتاج الأمر إلى تشريع جديد يقره مجلس الأمة.
فالنظام الأساسي الذي سبق أن أقره المجلس يتمثل في أن يعاد استثمار إيرادات الصندوق على مدى السنوات الماضية، حتى أصبح واحدا من أكبر 5 صناديق استثمار في العالم، وهو ما قد تحتاج الكويت إلى تعديله حال استمرار عجيز الميزانية، بحسب الخبير الكويتي.

تعادل غير واقعي
من زاوية أخرى، يشير الخبير الاقتصادي الكويتي، محمد رمضان، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن العجز في ميزانية الدولة متكرر، بسبب وضعها بناء على معادلات غير دقيقة، ولذا فهي تعاني دائما عجزا، حتى في حال تحقيق فائض في الحساب الختامي.

يوضح العنزي أن الاستثمارات الأجنبية واستثمارات شركات البترول في الخارج غير محسوبة في ميزانية الكويت، والمحسوب فقط هو الناتج الإجمالي المحلي


وتؤدي تلك المعادلات، بحسب رمضان، إلى اختلاف الميزانية بشكل كلي عما يحدث في الواقع، والذي يسجله الحساب الختامي، الذي سجل فائضا للسنة الماضية، بينما كانت سجلت الميزانية عجزا، وهو ما تكرر هذا العام.
ويوضح رمضان أن عدم دقة معادلات الميزانية يعود بالأساس إلى سعر التعادل النفطي المتوقع فيها، والذي غالبا ما يكون متحفظا جدا، ولذا فإن العجز ظل قائما حتى في السنوات التي شهدت ارتفاعا لأسعار النفط فوق الـ 100 دولار للبرميل.
فالحكومات الكويتية المتعاقبة تعتقد أنه كلما كانت متحفظة كلما كان ذلك أفضل، "لكن هذا واقعيا غير صحيح"، حسبما يرى رمضان، مؤكدا أن الميزانية، وفق معادلاتها المعتمدة، لا علاقة لها بالإنفاق الواقعي، متوقعا أن يظل عجز الميزانية قائما إلا في حال تغيير طريقة حسابها.
وينوه الخبير الاقتصادي إلى أن التحسب الحكومي لا يكون باعتماد سعر تعادل نفطي منخفض وغير واقعي، بل بالاتجاه نحو الإنفاق التنموي، فالزيادات في الإنفاق يجب أن تكون تنموية، وبذلك ينمو الاقتصاد واقعيا، حتى لو تعرضت الميزانية لعجز فعلي جراء انخفاض سعر النفط عن سعر التعادل.

المساهمون