ظهرت في الكويت أزمة عدم توافر عمالة منزلية، التي تعتمد عليها كثير من الأسر، بسبب استمرار العمل بقرار وقف استقبال العمالة الوافدة من قائمة الدول الـ34 التي أقرتها الحكومة الكويتية لمواجهة زيادة عدد الإصابات بفيروس كورونا ومنع تسلله من الدول التي تشهد أوضاعا وبائية صعبة.
وفي هذا الصدد، أصدرت وزارة التجارة والصناعة الكويتية أخيراً، قراراً حددت فيه سعر استقدام العمالة المنزلية بحيث يكون 3 آلاف دولار عن طريق مكاتب الاستقدام كحد أقصى بدلا من 5 آلاف دولار. وحسب تعليمات مجلس الوزراء، تم استثناء العمالة المنزلية فقط من قائمة الدول التي حظر دخول مواطنيها إلى الكويت، ولكن عبر الترانزيت وليس برحلات طيران مباشرة.
تأتي الخطوة الجديدة من جانب الحكومة في ظل تصاعد أزمة نقص العمالة المنزلية منذ أكثر من عام، والتي تفاقمت بصورة أكبر مع قرار غلق المطار وتشديد إجراءات استقبال العمالة الوافدة بما فيها العمالة المنزلية.
وحسب بيانات الاتحاد الكويتي لأصحاب مكاتب العمالة المنزلية، بلغ متوسط راتب العامل في المنزل خلال الأشهر الماضية ما يقرب من 900 دولار بدلا من نحو من 270 دولارا قبل أزمة جائحة كورونا في فبراير/ شباط من العام الماضي.
من جانبه، قال الباحث الاقتصادي عمر الرشيدي، لـ"العربي الجديد"، إن إجراءات الحكومة الأخيرة تتسم بالعشوائية ولا تراعي معاناة الأسر التي ظلت تبحث عن عمالة منزلية خلال العام الماضي من دون جدوى، مشيرا إلى أن راتب العاملة المنزلية اقترب من ألف دولار خلال الأسابيع الماضية.
وأكد الرشيدي أن الأسر الكويتية لا يمكنها الاستغناء عن العمالة المنزلية التي يتم الاعتماد عليها لأداء الواجبات المنزلية المختلفة، لافتا إلى أن عدم توفرها أثر بشكل كبير على الأوضاع الاجتماعية في البلاد.
وأضاف أن الحكومة تعلم أن مكاتب الاستقدام ستقوم بالالتفاف على قرار خفض كلفة استقدام العمالة المنزلية من خلال الامتناع عن استقدام الخدم، ووضع المواطنين أمام خيارين، إما القبول بالأسعار المبالغ فيها، أو عدم استقدام العمالة المنزلية من دول مثل الهند وسيرلانكا وبنغلاديش والفيليبين وإندونيسيا.
ومن جانبه، دعا الوكيل المساعد لشؤون الرقابة التجارية وحماية المستهلك في الكويت عيد الرشيدي المواطنين والمقيمين إلى الإبلاغ عند أي زيادة في الأسعار، إذ أكد أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية ضد المخالفين لقرار وزارة التجارة والصناعة بشأن أسعار استقدام العمالة المنزلية.
وفي المقابل، أكد رئيس الاتحاد الكويتي لأصحاب مكاتب العمالة المنزلية خالد الدخنان أن الحكومة تتخذ القرارات من دون التشاور مع المعنيين بالأمر، وهم أصحاب مكاتب استقدام العمالة المنزلية الذين يعانون من مشكلات عديدة، أبرزها المعوقات التي يواجهونها مع مكاتب الاستقدام الخارجية.
وقال الدخنان، خلال اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن القرارات الحكومية تساهم في ترسيخ أفكار مغلوطة لدى المواطنين، وكأن مكاتب الاستقدام هي التي ترفع الأسعار من تلقاء نفسها، غير أن السبب الرئيس لارتفاع الأسعار يرجع إلى تداعيات جائحة كورونا.
ودعا الدخنان إلى المزيد من التعاون بين الحكومة ومكاتب استقدام العمالة المنزلية، من أجل وضع حلول جذرية لمشاكل القطاع الذي يعاني منذ ما قبل جائحة كورونا، مبينا أن المكاتب أصبحت غير قادرة على الاستقدام في ظل ارتفاع أسعار الاستقدام في الدول المصدرة وانخفاض السقف الأعلى للأسعار الذي حددته وزارة التجارة.
أكد رئيس الاتحاد الكويتي لأصحاب مكاتب العمالة المنزلية خالد الدخنان أن الحكومة تتخذ القرارات من دون التشاور مع المعنيين بالأمر
وحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء (حكومية)، بلغ عدد العمالة المنزلية في بداية عام 2020 قبل جائحة كورونا 900 ألف عامل وعاملة، فيما تحتل الهند المرتبة الأولى بـ450 ألفاً، ثم الفيليبين في المتربة الثانية بـ120 ألفاً، وبنغلادش بـ100 ألف، وإندونيسيا 96 ألفاً، وسيرلانكا بـ75 ألفاً، ثم إثيوبيا وغانا والنيبال.
وتشير الأرقام الرسمية إلى أن عدد العمالة المنزلية انخفض بنهاية عام 2020، إلى ما يقرب من 520 ألف عامل، حيث غادر مئات الآلاف منهم بسبب تدهور الأوضاع المعيشية وإجراءات عزل المناطق.
من ناحيته، قال الخبير الاقتصادي الكويتي حجاج بوخضور، لـ"العربي الجديد"، إن استمرار العمل بقرار وقف استقبال رحلات الطيران المباشرة من الدول المشمولة بقائمة الدول المحظورة تسبب بزيادة كبيرة في أسعار استقدام العمالة المنزلية من دول الحظر والتي تضطر إلى اللجوء لرحلات الترانزيت وبالتالي ارتفاع الكلفة.
ودعا بوخضور الحكومة إلى التراجع عن قرار الحظر وإعادة فتح المطار واستقبال كافة العمالة الوافدة التي لديها إقامات سارية، مع وضع اشتراطات صحية، مثل الحجر الصحي لمدة 14 يوما، وإحضار شهادات تثبت خلو المسافرين من كورونا.