لا تخفي البيانات حول الأجراء المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذين استأنفوا عملهم في المغرب، حقيقة البطالة التي ينتظر أن تكون غير مسبوقة في الأعوام الأخيرة، بسبب الانكماش وحالة عدم اليقين التي يبقى تجاوزها مرتهنا بعملة التلقيح.
لم يستأنف 100 ألف من الأجراء الرسميين في القطاع الخاص عملهم في المغرب، بعدما توقفوا بسبب تداعيات الأزمة الصحية، التي أفضت إلى تعثر النشاط الاقتصادي ما انعكس على الشركات.
ويتجلى من بيانات أوردها وزير الشغل والإدماج المهني محمد أمكراز، مؤخراً، عند تناوله وضعية الأجراء المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، أن عدد المسجلين في الصندوق بلغ 2.5 مليون، بعدما تراجع في ذروة الحجر الصحي وتدابير الطوارئ الصحية بنحو 2.6 مليون.
وكانت الدولة وفرت للذين توقفوا عن العمل في فترة الحجر الصحي تعويضات في حدود 210 دولارات للفرد شهريا على مدى ثلاثة أشهر، قبل رفع الحجر الصحي. غير أنه رغم رفع الحجر الصحي، واصلت الدولة صرف تلك المساعدة عبر صندوق مكافحة كوفيد 19 لبعض القطاعات، حيث كان المستفيد الأكبر من مواصلة صرف تلك التعويضات هم الأجراء في قطاع السياحة، إلى غاية نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، وهو تعويض تنتظر مواصلة توفيره لأولئك الأجراء إلى غاية مارس/ آذار المقبل على الأقل.
وخلص تقرير صادر عن المندوبية السامية للتخطيط، الأربعاء الماضي، إلى أن الناتج الإجمالي المحلي انكمش خلال الفصل الثالث من عام 2020 بنسبة 7.2 في المائة، مقابل نمو بنسبة 2.4 في المائة في الفترة نفسها من العام الماضي.
ويفترض في الحكومة إنعاش الاقتصاد من أجل إتاحة فرص عمل لفاقدي الشغل والشباب الذين يعانون من البطالة في ظل كساد اقتصادي متواصل بسبب الجائحة.
ووصل معدل البطالة في الفصل الثالث من العام الجاري إلى 12.7 في المائة، بينما يرتقب أن يصل ذلك المعدل إلى 13 في المائة في نهاية 2020، حيث كشفت الأزمة عن الهشاشة التي تميز سوق الشغل بالمغرب. ورغم تبني المغرب خطة للإنعاش الاقتصادي في حدود 13 مليار دولار، والمراهنة على إنعاش الاقتصاد بما له من تأثير علي سوق العمل في العام المقبل، إلا أن بنك المغرب (البنك المركزي) يتصور أن ذلك يبقي رهينا بانجلاء حالة عدم اليقين التي تتعلق بالتلقيح بالمغرب ولدى شركائه، خاصة الأوروبيين منهم. ويتصور العضو السابق للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي محمد الهاكش، في حديثه لـ"العربي الجديد" أن البيانات التي توردها وزارة الشغل، بالاستناد إلى عدد المسجلين في الصندوق والأشخاص الذين استأنفوا عملهم وأولئك الذين لم يستأنفوه، لا تعكس حقيقة سوق الشغل والبطالة في المغرب.
ويشير الهاكش إلى أن حجم البطالة بسبب الأزمة الصحية سيكون غير مسبوق، بالنظر إلى الذين يعملون بدون عقود والذين يوجدون في وضعية شغل ناقص وشغل غير مؤدى عنه (غير مؤمن عليه)، مضيفا أن الجفاف ساهم في تدهور وضعية هذه الفئات، خاصة في الأرياف.