القلق يعمّ شركات التطوير العقاري الصينية الغارقة في الديون قبل مؤتمر الحزب الشيوعي

14 أكتوبر 2022
يواجه عمالقة العقارات الصينيون تحدياً مصيرياً يتعلق باستعادة الثقة وسداد الديون (Getty)
+ الخط -

يؤجل مطورو العقارات الصينيون تحركاتهم لإعادة هيكلة الديون إلى ما بعد مؤتمر الحزب الشيوعي المقبل، على أمل أن يقدم المؤتمر أدلة على الكيفية التي تخطط بها بكين لتحقيق الاستقرار في القطاع المأزوم.

ويمكن أن تساعد نتائج المؤتمر في تحديد كيفية قيام المطورين، الذين تخلفوا عن سداد مدفوعات أو حتى تخلفوا عن سداد سنداتهم الخارجية التي تبلغ قيمتها عشرات المليارات من الدولارات، بتسريع أي مبيعات للأصول، أو استخراج أو تقديم تنازلات للدائنين، أو حتى طرح أنفسهم للتصفية.

ورغم عدم وجود توافق في الآراء داخل قطاع العقارات حول ماهية التدابير القطاعية المحددة، إن وجدت، المتوقعة من مؤتمر الحزب أو بعده مباشرة، وإلى أي مدى يمكن أن تكون بعيدة المدى، إلا أن المطورين يظلون متشبثين بموقفهم المترقب.

مسؤول تنفيذي كبير في شركة تطوير مقرها مقاطعة غوانغدونغ جنوبي الصين، قال لـ"رويترز": "ستكون شروط إعادة الهيكلة مختلفة تماما إذا تعافت السوق وتمكنا من البدء في البيع والحصول على تدفق نقدي مرة أخرى"، بما يشكل الأساس المنطقي لتأجيل محادثات إعادة هيكلة ديون الشركة.

والمطور الذي يقوم بعملية إعادة الهيكلة بعد عدم سداد مدفوعات بعض ديونه الخارجية، قال إنه في مثل هذا السيناريو سيكون لدى حاملي السندات ثقة أكبر في السداد طويل الأجل، ويمكن للشركة تقليل التخلص من الأصول الأساسية.

وأفاد مطورون ومستشارو إعادة هيكلة بأنه إذا لم تطبق بكين سياسات لتغيير قواعد اللعبة، فيمكن للمطورين حينئذٍ اتخاذ تدابير، مثل فرض تخفيضات حادة على حاملي السندات أو حتى التصفية.

وكان بعض المطورين الرئيسيين الذين يخوضون الآن عملية إعادة هيكلة ديونهم، بمن فيهم "إيفرغراند" China Evergrande Group التي بدأت تعاني أزمة سيولة العام الماضي، بمثابة نقطة تحول في نقطة تحول في أزمة العقارات في البلاد، والتي امتدت لتصيب "شيماو" Shimao Group Holdings، و"سوناك" Sunac China Holdings و"كايسا" Kaisa Group Holdings.

وقال المطورون لـ"رويترز" إن نظراءهم الأصغر، الذين قاموا بتبادل السندات لتمديد آجال استحقاق ديونهم، يفكرون أيضا في إعادة الهيكلة.

وينطلق المؤتمر الحزبي الصيني الذي يُعقد مرتين كل عقد، يوم الأحد القادم، في 16 أكتوبر/تشرين الأول، حيث يستعد الرئيس شي جين بينغ لتأمين فترة قيادة ثالثة غير مسبوقة كأمين عام. وقد تم تعيين تركيبة القيادة الاقتصادية للصين لإجراء أكبر إصلاح لها منذ عقد.

ويُعد قطاع العقارات أمرا حاسما للاستقرار السياسي والاقتصادي في الصين، حيث تمثل العقارات نحو 40% من أصول الأسرة، وفقا لمحللين، وتشكل نحو ربع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وهو الأكبر بين جميع القطاعات.

لكن بعد حملة حكومية في عام 2020 على توسع المطورين المدفوع بالديون، أصبح القطاع مصدر قلق كبير لبكين خلال العام الماضي.

وقد ألقت "إيفرغراند"، بديونها الإجمالية البالغة 300 مليار دولار والتخلف عن سداد ديونها الخارجية العام الماضي، ضوءا غير مرحب به على ديون المطورين الصينيين البالغة 5 تريليونات دولار، مما أدى إلى هزّ الأسواق العالمية وإثارة احتجاجات نادرة.

وذكر مسؤول تنفيذي في شركة عقارات أخرى، كان قد خطط في السابق للتفاوض على شروط إعادة الهيكلة مع حاملي السندات في الخارج في الفترة التي تسبق مؤتمر الحزب، أن السلطات طلبت من المطور تأجيل المناقشات لمنع أي صدمة لسوق العقارات. وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته نظرا لحساسية الموضوع: "بعبارة بسيطة، الحكومة لا تريد أي عناوين رئيسية".

وقال مصدران لـ"رويترز"، في ترديد لتلك المخاوف قبل مؤتمر الحزب، إنه طُلب من بعض مديري الصناديق والوسطاء تجنب بيع الأسهم الكبيرة.

وأدت أزمة الديون في قطاع العقارات إلى تضاؤل الاستثمار من المطورين ومشتري المنازل. والآن، يتوقع العديد من المحللين أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 3% تقريبا هذا العام، وهو أبطأ وتيرة منذ عام 1976، باستثناء التوسع بنسبة 2.2% خلال تفشي فيروس كورونا عام 2020، حيث يضغط القطاع على الاقتصاد.

وبدأت الصين بالفعل في تنفيذ عدد كبير من الإجراءات لتعزيز الطلب على الإسكان والقدرة على تحمل التكاليف، لكن أسعار المساكن والمبيعات استمرت في الانكماش. وأظهر مسح خاص أن أسعار المساكن الجديدة تراجعت للشهر الثالث على التوالي في سبتمبر/أيلول.

مسؤول تنفيذي كبير في شركة تطوير مقرها شنغهاي قال: "لقد جرّبوا فعلا الكثير من إجراءات الاسترخاء ولم ينجح أي منها.. إنها مسألة ثقة، الناس لا يريدون إنفاق الأموال لشراء منازل حتى لو خفضت نسبة الدفعة الأولى أو خفضت معدلات الرهن العقاري".

واستبعد مسؤول تنفيذي آخر في قطاع العقارات في تصريح لـ"رويترز" أن تتراجع الحكومة عن هدفها المتمثل في تقليص المديونية للقطاع، وحذر من أنه إذا لم يتم الإعلان عن إجراءات دعم جذرية في مؤتمر الحزب، فقد تؤدي خيبة الأمل إلى انهيار السوق.

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون