القطاع الخاص التونسي يترقب خفض الفائدة لإنعاش الأعمال

04 يناير 2024
البنك المركزي يبرر الإبقاء على أسعار الفائدة المرتفعة بكبح التضخم (فرانس برس)
+ الخط -

يعوّل القطاع الخاص في تونس على خفض البنك المركزي التونسي سعر الفائدة الرئيسي خلال العام الجاري، بعد عامين من زيادتها لكبح معدل التضخم، ما أربك حسابات الكثير من الأعمال خلال تلك الفترة.

وعاني قطاع الأعمال خلال العامين الأخيرين من تأثيرات سعر الفائدة المكلف على نسق الاستثمارات وقدرته على النفاذ إلى التمويلات المصرفية، ما تسبب في تراجع الكثير من الأنشطة، وأثر سلباً على النمو الاقتصادي الذي سجل 0.2% فقط في الربع الثالث من العام الماضي، وفق البيانات الصادرة حديثاً عن معهد الإحصاء الحكومي.

ويعتبر أصحاب المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ممن يشكلون ما يزيد عن 80% من النسيج الاقتصادي التونسي أن سعر الفائدة العالي أضر بأعمالهم ما نجم عنه غلق العديد من الشركات ودخول أخرى في دائرة التعثر المالي.

وقال رئيس الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة عبد الرزاق حواص، إن البنك المركزي التونسي سار خلال العامين الماضيين في ركب توصيات المؤسسات المالية الكبرى التي تدفع نحو زيادة سعر الفائدة لمكافحة مستويات التضخم العالية، دون مراعاة للآثار السلبية لهذا القرار على النسيج الاقتصادي.

وأكد حواص في تصريح لـ"العربي الجديد" تضرر قطاع الأعمال من الكلفة العالية للقروض، ما تسبب في انحسار الاستثمار وتأجيل مشاريع التوسعات في العديد من القطاعات إلى حين مراجعة البنك المركزي قراراته بشأن الفائدة. وأشار إلى أن زيادة النمو عبر الحوافز الاستثمارية وتحسين مناخ الأعمال هي الطريقة الفضلى لمكافحة التضخم وليس السياسات المالية التقييدية التي تعد غير مجدية.

وأضاف: "محاربة التضخم عبر زيادة سعر الفائدة أشبه بمحاربة طواحين الهواء، لا سيما وأن التضخم في الحالة التونسية مستورد وناجم عن تراجع قيمة العملة وخلل في مسالك توزيع السلع"، لافتا إلى أن "تونس سجلت العام الماضي أشدّ دورة رفع أسعار للفائدة منذ جيل، ما زاد في احتمالات دخول القطاعات الاقتصادية في ركود عميق".

ومنذ ديسمبر/ كانون الأول من عام 2022 يبقي البنك المركزي التونسي سعر الفائدة في مستويات مستقرة عند مستوى 8%، بعد رفعها في ثلاث مناسبات على امتداد العام ذاته بهدف محاصرة التضخم. ورفع البنك نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2022 سعر الفائدة الرئيسية 75 نقطة أساس لتصل إلى 8%، كما سبقتها زيادة في أكتوبر/ تشرين الأول بربع في المائة لتصل إلى 7.25%، كما زاد النسبة في مايو/ أيار من العام ذاته 75 نقطة لتبلغ 7% مقابل 6.25% سابقاً.

وواجهت السياسات النقدية للبنك المركزي العديد من الانتقادات من قبل المواطنين العاديين والمتعاملين الاقتصاديين، الذين اعتبروا أن الزيادة القياسية في سعر الفائدة أضرت بقدرتهم على الاقتراض والاستثمار. لكن البنك دافع في أكثر من مناسبة عن سياساته، معتبرا أن التحكم في نسبة التضخم من أبرز أهدافه في ظل ظرف عالمي يحفّز مخاطر التضخم المستورد الناجم عن الارتفاع في فاتورة الطاقة.

ورأى رئيس لجنة المالية في البرلمان عصام شوشان، أن الوقت لا يزال مبكراً للتفكير في خفض نسبة الفائدة، مؤكدا على مواصلة اعتماد ذات السياسات المالية إلى حدود النصف الثاني من العام الحالي.

وقال شوشان لـ"العربي الجديد": "أتفهم حاجة قطاع الأعمال لحوافز مالية من أجل تحريك الاستثمار والنمو، غير أن التحكم في نسبة التضخم لا يزال هشاً وقد يحتاج إلى بعض الوقت لتثبيت المنحى التنازلي والنتائج التي حققها البنك المركزي التونسي عبر سياساته التقييدية". واعتبر أن مساعدة قطاع الأعمال على تخطي الوضع الصعب يمكن أن تتم عبر حوافز استثمارية وضريبية موازية إلى جانب تحسين خدمات الإدارة.

وأظهرت بيانات رسمية الأسبوع الماضي، أن معدل التضخم السنوي في تونس تباطأ للشهر الثالث على التوالي إلى 8.3% في نوفمبر/تشرين الثاني.

وينعكس التضخم والغلاء سلباً على اقتصاد البلاد، إذ أشار معهد الإحصاء الحكومي إلى مواصلة النمو الاقتصادي تراجعه للربع الرابع على التوالي، بعد أن نما بنسبة 3.4% في الربع الثالث من عام 2022، ثم أخذ في التراجع إلى 1.8% في الربعين التاليين، وصولاً إلى 0.6% في الربع الثاني من 2023، قبل أن ينكمش بنسبة 0.2% في الربع الثالث من العام الماضي.

وقال الخبير المالي محسن حسن لـ"العربي الجديد" إن التفكير في خفض نسبة الفائدة على القروض أصبح ضرورياً، بعد تراجع نسبة التضخم، لافتا إلى ضرورة التدرج في خفض نسبة الفائدة والحد من تداعياتها على الأسر والمستثمرين.

وبسبب سعر الفائدة المكلف تباطأت قدرة التونسيين على الاقتراض وسداد الديون. وكشفت بيانات صادرة أخيراً عن البنك المركزي أن قيمة زيادة قروض التونسيين خلال الفترة الممتدة بين سبتمبر/ أيلول 2022 ونفس الشهر من العام الماضي لم تتجاوز 700 مليون دينار (حوالي 226.5 مليون دولار)، ليبلغ 28.5 مليار دينار، مقابل 27.8 ملياراً قبل سنة.

وتبرز أرقام البنك المركزي أن معدل الزيادة في قروض التونسيين خلال سنوات 2021 و2020 و2019 كان يزيد 1.2 مليار دينار سنوياً، ما يجعل نمو القروض في أدنى مستوياته خلال السنوات الثلاث الأخيرة.

المساهمون