قرر القضاء التونسي، اليوم الخميس، توقيف رئيس غرفة المخابز المدعمة محمد بوعنان بشبهة الاحتكار والمضاربة في السوق بمواد غذائية مدعمة وتهم تبييض الأموال، في إطار حملة أطلقتها السلطات لتعقب من تعتبرهم المتسببين في أزمة الخبز.
ويرأس بوعنان، الذي أصدرت المحكمة قرارا بالاحتفاظ به على ذمة قضية التلاعب بالمواد المدعمة، الغرفة الوطنية لأصحاب المخابز التابعة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة رجال الأعمال) بعد أن كانت في وقت سابق أوقفت نشاط مخابز يديرها.
وتحمّل سلطات تونس مسؤولية أزمة التزود بالخبز ومواد غذائية لشبكات الاحتكار والمضاربة التي تتهمها بـ"التلاعب بقوت التونسيين"، متوعدة بتعقبهم وتطبيق قانون مكافحة الاحتكار ضدهم بعقوبات تصل إلى 20 عاما من السجن.
ويوم الثلاثاء، نشرت رئاسة الجمهورية على صفحتها الرسمية بيانات تتعلّق بكميات دقيق تم ضبطها في مخازن بلغت 6528 طنا من المواد المدعمة، من بينها 1597 طنا من الدقيق المدعم، وذلك إثر حملة مراقبة شملت 15 مطحنة.
في الأثناء، لا تزال أزمة التزود بالخبز مطروحة بقوة في أسواق تونس مع تعثر عودة الأفران إلى العمل بعد أن أغلقت العديد منها أبوابها وتولت تسريح العمال لعدم توفر المواد الأساسية من الدقيق والطحين.
والأسبوع الماضي، أوقفت الأفران التي تصنع الخبز غير المدعم (تشكل 40 بالمائة من نشاط السوق) العمل لمدة أيام بسبب منعها من التزود بالمواد الأساسية، قبل أن تستأنف العمل بناء على اتفاق جديد مع وزارة التجارة يسمح لها بصناعة الخبز غير المدعم بأسعار محددة.
وتنتشر في تونس مخابز مصنفة، تتلقى دعماً كاملاً من الحكومة، وأخرى غير مصنفة، وهي المخابز الخاصة التي لا تتلقى دعماً حكومياً إلا بنسب قليلة.
لكن خبراء اقتصاد يعتبرون أن أزمة التزوّد بالخبز أعمق بكثير من آليات مكافحة الاحتكار وتعقّب المخالفين قضائيا، مطالبين بإعادة نظر شاملة في ملف منظومات إنتاج الغذاء، وفق تصورات جديدة تتماشى ومتطلبات السوق المحلية والمستجدات العالمية.
ويقول الباحث في الاقتصاد فتحي زهير النوري إن مكافحة المحتكرين يجب أن تتم عبر إعادة هيكلة لمنظومات الغذاء التي يحتمون بها وأحكموا السيطرة عليها لفائدتهم.
أضاف النوري في تصريح لـ"العربي الجديد" أن سلطات تونس مطالبة بفتح منظومات إنتاج الغذاء، بما في ذلك منظومة الحبوب، وإصلاحها استنادا إلى مقاربات علمية.
واقترح النوري اللجوء إلى مكاتب دراسات عالمية من أجل إعداد دراسات لإصلاح المنظومات وفقا لحاجيات وإمكانيات السوق التونسية مع الأخذ بعين الاعتبار التأثيرات الدولية على التزويد.
وبالإضافة إلى إيقاف مهنيين وجهت لهم تهمة الاحتكار، أطاحت أزمة الخبز مسؤولين في الدولة، حيث أعلن الرئيس قيس سعيّد، الاثنين الماضي، عن إنهاء مهام المدير العام لديوان الحبوب الحكومي بشير الكثيري.
ويعاني ديوان الحبوب من ارتفاع ديونه لدى البنوك التونسية، حيث بلغت وفق أحدث الأرقام الرسمية ما يزيد عن 4.8 مليارات دينار.