القرصنة أم تجارة المخدرات... أيهما أربح؟

13 مارس 2021
الاقتصاد العالمي يخسر تريليونات الدولارات سنوياً بسبب القرصنة الإلكترونية (Getty)
+ الخط -

في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2019 قدرت الأرقام خسائر العالم من عمليات القرصنة بنحو 6 تريليونات دولار، بحلول العام الجاري 2021، مقابل 3 تريليونات دولار في عام 2015، وهو رقم يزيد عن أرباح تجارة المخدرات في العالم. 
وبعدها رصدت مؤسسات رسمية أرقاماً متباينة حول حجم الضرر الواقع على الاقتصاد الأميركي، الأكبر في العالم، جراء عمليات القرصنة.

فقد كشفت تقارير منظمة التعاون الاقتصادي وغرفة التجارة الأميركية أن القرصنة عبر الإنترنت تكلف هذا الاقتصاد وحده نحو 30 مليار دولار سنوياً، لكن شركة فورستر الأميركية للأبحاث رفعت خسائر الشركات الأميركية وحدها من التجسس بنحو 500 مليار دولار سنوياً، حيث سرقة القراصنة حقوق الملكية الفكرية وخطط التطوير والأبحاث وبيعها لشركات منافسة مقابل ملايين الدولارات.  
وفي الاتحاد الأوروبي تبدو أزمة القرصنة ملحوظة ومقلقة جداً، إذ تخسر دوله نحو 60 مليار يورو سنوياً في 13 قطاعاً اقتصادياً. 

اختراق البريد الإلكتروني للشركات يعد أحد أكثر أنواع الهجمات الإلكترونية شيوعاً، وتتسبب الجريمة في خسائر تقارب 9 مليارات دولار سنوياً

وبحسب تقارير فإن اختراق البريد الإلكتروني للشركات، كما حدث في الولايات المتحدة وغيرها مؤخراً، يعد أحد أكثر أنواع الهجمات الإلكترونية شيوعاً، والتي يقول مكتب التحقيقات الفيدرالي إنها تتسبب في خسائر بقيمة ما يقرب من 9 مليارات دولار سنوياً. 
لكن هذه الأرقام باتت متواضعة ومرشحة للتصاعد السريع مقارنة بحجم التطور والتأثير الذي تشهده عمليات القرصنة حول العالم في ظل تفشي جائحة كورونا، والحرب التجارية والاقتصادية الشرسة بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين، وفي مقدمتهم الصين وأوروبا، وتوقعات بزيادة حدة الخلافات بين واشنطن وبكين، وواشنطن وموسكو في فترة حكم جو بايدن، والتوسّع المرتقب في عمليات البيع والتجارة الإلكترونية، والعمل من المنزل وعن بعد، وطفرة استخدام بطاقات الدفع الإلكتروني في الحصول على السلع والخدمات عبر الإنترنت. 

وفي ظلّ الحروب الاقتصادية الشرسة وتأثيرات جائحة كورونا باتت القرصنة الإلكترونية خطراً يداهم الاقتصاد العالمي ويزعج الحكومات وكبريات الشركات، ومعها باتت تكلفتها تتصاعد يوماً بعد يوم لدرجة قد تفوق كثيراً كلفة الحروب والأوبئة والنزاعات العرقية، وبشكل يمثل خطراً على الملكية الفكرية وقطاعات الصناعة والإنتاج وفرص العمل والموارد البشرية والتجارة الدولية. 
وقبل أيام، أعلنت شركة مايكروسوفت الأميركية أن مجموعة قرصنة مدعومة من الحكومة الصينية شنت هجوماً على نظام تشغيل تابع لها من أجل استهداف منظمات وشركات أميركية، وأن الصين حاولت عبر الهجوم سرقة معلومات من عدد من الأهداف في الولايات المتحدة، بما فيها جامعات وشركات قانون، فضلاً عن أبحاث متعلقة بأمراض معدية.  

تمكّن الهاكرز من اختراق 263 حساباً في الكويت عبر "واتساب"، حيث تتعلّق الحسابات المخترقة بمؤسسات اقتصادية وبنوك وشركات كبرى كانت ضمن قائمة المستهدفين من الهاكرز الذين تمكنوا من الاستيلاء على ما يقرب من 1.5 مليون دولار

وعربياً، تمكّنت مجموعة من الهاكرز من اختراق 263 حساباً في الكويت عبر تطبيق "واتساب" خلال الأيام الماضية، حيث تتعلّق الحسابات المخترقة بمؤسسات اقتصادية وبنوك وشركات استثمارية كبرى كانت ضمن قائمة المستهدفين من الهاكرز الذين تكمنوا من الاستيلاء على ما يقرب من 1.5 مليون دولار.  

كذلك تمكن الهاكرز من الاستيلاء على حسابات نواب برلمان سابقين وحاليين وشخصيات سياسية واقتصادية ومصرفية وأساتذة بجامعة الكويت، كما تعرض المئات من الكويتيين في أوقات سابقة إلى عمليات قرصنة كبيرة غالبيتها تأتي من الدول الآسيوية وشمال أفريقيا للاستيلاء على أموال الكويتيين. 
والملفت أن هذا الاختراق الواسع حدث رغم تخصيص البنوك الكويتية نحو مليار دولار لحماية أنظمتها من الاختراق، عبر تطوير البنية التحتية للأنظمة الإلكترونية وأجهزة الصرف الآلي وبرامج الحماية المعمول بها.  

وكلنا نذكر ما أعلنته وكالة الأمن الإلكتروني وأمن البنية التحتية الأميركية في شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي عن أن الوكالات الحكومية وكيانات البنية التحتية الحيوية ومؤسسات القطاع الخاص استُهدفت من "جهة فاعلة متقدمة خطرة"، منذ شهر مارس/ آذار 2020.

وكانت وزارات الخزانة والتجارة والطاقة والأمن الداخلي والدفاع الأميركية من بين الأهداف التي تعرضت للاختراق. كما أعلنت شركة الأمن السيبراني التي استطاعت تحديد الاختراق الواسع للوكالات الحكومية عن تضرّر 50 مؤسسة بشكل بالغ.  
مخاطر عمليات القرصنة تتزايد يوماً بعد يوم في ظل جائحة كورونا والحروب الاقتصادية وتنامي الثورة التكنولوجية والعملات الرقمية، ومن المتوقع أن تزداد وتيرتها مع حرص حكومات العالم على عودة النشاط للاقتصاد بشكل سريع لتعويض ما خسرته الدول تحت الجائحة، ولذا فإن العالم مطالب بالتحرك سريعاً لمواجهة تلك الجريمة، خاصة بعد أن أصبح الهاكرز أكثر خطورة على المؤسسات المالية والمصرفية من أي وقت مضى.  
التحرك ليس فقط عبر تشديد القوانين وتجريم عمليات النصب والتجسس والقرصنة الإلكترونية، لكن عبر تطوير أسلحة الذكاء الاصطناعي لمواجهة التهديدات التكنولوجية المتطورة ومنها القرصنة. 

المساهمون