الفوائد ونقص العمالة تعمّق أزمة قطاع البناء الإسرائيلي

21 مارس 2024
دخلت ورش البناء في دوامة تهدد العديد من الشركات بمخاطر عالية (أليكسي روزنفيلد/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- القطاع العقاري في إسرائيل يعاني بسبب العدوان على غزة منذ 8 أكتوبر 2023، مما أدى لنقص حاد في العمالة الفلسطينية وارتفاع أسعار الفائدة، مما أثر سلبًا على شركات البناء ودفعها نحو ديون هائلة.
- الأزمة العمالية تفاقمت بسبب الحظر على العمال الفلسطينيين، مما أدى لتباطؤ البناء وزيادة التكاليف. القطاع يأمل في عودة العمال الأجانب لتخفيف الضغط، لكن الأزمة الاقتصادية تجعل الحلول بعيدة المنال.
- ارتفاع تكاليف التمويل بسبب زيادة أسعار الفائدة أثر سلبًا على الربحية وأبطأ مبيعات المساكن. المقاولون يواجهون تحديات في الحفاظ على الطلب، مما دفعهم لتقديم حوافز للمشترين لتحفيز المبيعات.

رغم كل الدعم المالي والسياسي الذي يحظى به العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، لم ينجُ القطاع العقاري من التداعيات العنيفة بسبب فوائد الإقراض ونقص العمالة بعد استبعاد الفلسطينيين والعجز عن إغراء الأجانب للقدوم إلى منطقة غير مستقرة، فيما أصبحت شركات البناء الإسرائيلية غارقة في ديون هائلة تهدّد قدرة معظمها على البقاء.

وبعد خفض سعر الفائدة الرئيسي على الإقراض بمقدار 25 نقطة أساس في يناير/ كانون الثاني للمرة الأولى منذ نحو 4 سنوات، لدعم الشركات والأسر المتضررة من آثار الحرب، قرر البنك المركزي ترك سعر الفائدة دونما تغيير عند 4.5% في فبراير/شباط، نظراً للغموض الشديد المحيط بمسار الحرب والنتيجة المرتقبة من جولات المفاوضات، لا سيما مع تزايد خطر تصعيد القتال في شمال فلسطين المحتلة مع "حزب الله".

في هذا السياق، يقول المطور والمقاول العقاري أهارون جاليلي لصحيفة "ذي تايمز أوف إسرائيل" في تقرير تحليلي يوم الأربعاء، إنه وعائلته وشركته لم يمروا بوقت أكثر صعوبة من الذي يعيشونه حالياً، علماً أن الرجل يبني ويبيع المنازل في الأراضي المحتلة منذ أكثر من 40 عاماً.

وأدى العدوان المستمر على غزة منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وما تبعه من نقص العمال الفلسطينيين، إلى مفاقمة مشاكل القطاع الذي شهد أيضاً تضخم الديون وسط ارتفاع أسعار الفائدة. كما كان من شأن قرار بنك إسرائيل الإبقاء على سعر الإقراض الرئيسي دون تغيير في فبراير، بعد خفضه في يناير، أن يبدّد بعض آمال القطاع العقاري بأن فترة من الراحة قد تكون على الطريق.

وفي الاتجاه عينه، يقول رئيس البرنامج العقاري في كلية الدراسات الأكاديمية الإدارية في ريشون لتسيون، والمثمن الحكومي السابق في وزارة العدل الإسرائيلية، تال ألدروتي، إن "أسعار الفائدة المرتفعة ليست جيدة لمجال البناء"، علماً أن المقاولين يحصلون عموماً على قروض لتمويل جزء كبير من مشاريعهم، إما من البنوك أو المؤسسات المالية غير المصرفية، حيث تتقاضى هذه الأخيرة فوائد أعلى من المصارف مقابل قروضها.

وحتى عام 2022، قال ألديروتي إنه عندما كانت المعدلات العالمية والفوائد قريبة من الصفر، كان هناك "طرف تمويل". ونظراً لأن تكلفة الأموال كانت ضئيلة، فقد حصل عمال البناء على قروض وبدأوا عدداً كبيراً من المشاريع، على افتراض أن مسار الانتعاش سيستمر.

لكن أسعار الفائدة ارتفعت بسبب التضخم عام 2022، سواء على مستوى العالم أو في دولة الاحتلال التي بدأت أسعار الفائدة فيها بالارتفاع في إبريل/ نيسان 2022، لترتفع تدريجياً إلى 4.75%، صعوداً من مستوى قياسي منخفض بلغ 0.1%.

وإذا ارتفع سعر الفائدة في البنك المركزي إلى نحو 5% كما حصل فعلاً في إسرائيل، فهذا يعني أن المقاولين يدفعون سنوياً ما بين 8% و11% مقابل القروض التي حصلوا عليها.

وبحسب ألدروتي، فإن هذا يُترجم إلى ارتفاع تكاليف التمويل التي سيكون لها بعد ذلك "تأثير كبير على الربحية"، موضحاً أنه نظراً لاستمرار تكاليف التمويل المرتفعة ما استمرت القروض، يفضل المقاولون سدادها في أسرع وقت ممكن من خلال بيع الوحدات التي بنوها، لكن إذا لم يتمكنوا من بيعها، هنا يقعون في ورطة.

وبسبب أسعار الفائدة المرتفعة التي أدت إلى ارتفاع أسعار الرهن العقاري، تباطأت وتيرة مبيعات المساكن تماماً، إلى حد التوقف التام تقريباً، حيث لم تعد الأسر قادرة على تحمل أعباء رهن مرتفع كهذا، إلى أن انحسر كثيراً إقبال الناس على الشراء.

أزمة العمالة تزيد تكاليف البناء في إسرائيل

ونظرا للنقص الحاد في العمالة الفلسطينية التي يعتمد عليها مقاولو البناء في مشاريعهم، فقد مددت أيضاً فترات بناء المشاريع، بما يعني أن الوحدات تدخل إلى سوق البيع بوتيرة أقل بكثير من ذي قبل، الأمر الذي يزيد من عبء القرض، إذ يتنافس المقاولون الإسرائيليون على عدد أقل من العمال، ويدفعون أجوراً أعلى في الساعة، بينما يأملون أن تساعد عودة العمال الأجانب إلى القطاع في تخفيف بعض الألم.

ووفقاً لتقرير نشرته "بلومبيرغ" الثلاثاء، توقفت مواقع البناء عن العمل في جميع أنحاء الأراضي المحتلة، مع استمرار الحظر على العمال الفلسطينيين من دون نهاية في الأفق، حيث أصبح قطاع البناء والتشييد الرائد مركزاً للأزمة الاقتصادية، ما يقدم لمحة عما ينتظر الجانبين إذا أدت الحرب في غزة إلى تمزيق علاقاتهما غير المستقرة بشكل دائم.

وهكذا، يهدّد الانفصال بين الاقتصادين شريان الحياة للأراضي الفلسطينية الفلسطيني والإسرائيلي، وترك شركات البناء الإسرائيلية تتدافع للحصول على عمل في الخارج، في تحوّل لتركيبة القوى العاملة ترجح توقعات الخبراء أن اكتماله سيستغرق عاماً، في أحسن الأحوال، علماً أن أكثر من ثلثي الفلسطينيين العاملين كانوا ينشطون في قطاع البناء بالأراضي المحتلة قبل العدوان.

وبحسب بيانات جمعها بنك إسرائيل المركزي، ونشرت في نشرته الإحصائية لتقريره لعام 2023، تقلص عدد القروض العقارية الجديدة التي أخذتها الأسر من البنوك بشكل كبير عام 2023 مقارنة بالعامين السابقين، ليصل إجماليها إلى 71 مليار شيكل (19.33 مليار دولار)، بانخفاض كبير من 118 مليار شيكل (32.13 مليار دولار) عام 2022 و116 مليار شيكل (31.59 مليار دولار) عام 2021.

ولتحفيز المشترين، توصل المقاولون إلى جميع أنواع الحوافز للحفاظ على استمرار المبيعات، مثل تقديم خيار دفع 20% فقط مقدماً مقابل منزلهم الجديد، و80% عند التسليم.

المساهمون