الفساد في العراق: تصريحات نيابية حول فقدان 21 مليار دولار

13 ديسمبر 2023
انتقادات تطاول المركزي حول الفساد في العراق (Getty)
+ الخط -

أثارت تصريحات حول الفساد في العراق الجدل من جديد، بعد إعلان عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، محمد نوري الخزاعي، اختفاء 35 تريليون دينار عراقي (أكثر من 21 مليار دولار). حيث تصاعد الخلاف في الأوساط العراقية، وحصل انقسام حاد داخل صفوف اللجنة المالية في البرلمان، وسط الانتقادات الشديدة التي وجّهها الخزاعي حول السياسات المالية التي يتبناها البنك المركزي العراقي.

وقال الخزاعي في تصريحات صحافية ترتبط بقضايا الفساد في العراق إن أكثر من 35 تريليون دينار عراقي مطبوعة لا وجود لها داخل العراق، وإن هناك دولتين مجاورتين فقط تتعاملان مع العراق بالدينار، من بينها إيران.

وأضاف أن سيطرة الأحزاب والمحاصصة الموجودة ضمن النظام المالي هما اللتان أسستا لفشل المنظومة الاقتصادية في العراق، منتقداً السياسة المالية والإدارية التي يعمل بموجبها البنك المركزي العراقي.

وأشار إلى أن سيطرة بعض الأطراف المتنفذة على قرارات المركزي أثرت على سعر صرف الدولار، مضيفاً أن "الخطأ الأكبر كان تسعير الدولار في الموازنة بـ 132 ألفاً مقابل 100 دولار لأنها كلفت العراق خسارة أكثر من 9 تريليونات دينار وأصبح الفارق بينها وبين أسعار السوق كبيراً".

انتقادات ونفي

وأثارت تصريحات الخزاعي حول الفساد في العراق غضب واستياء رئيس اللجنة المالية في البرلمان النائب عن ائتلاف دولة القانون، عطوان العطواني، الذي أصدر بياناً قال فيه: "تابعنا باستغراب واستهجان شديدين التصريحات غير المسؤولة التي أدلى بها النائب محمد الخزاعي خلال استضافته في إحدى القنوات الفضائية للحديث عن السياسة النقدية في البلاد وإجراءات المصرف المركزي العراقي".

وأضاف العطواني في بيان صدر عن اللجنة المالية التي يترأسها: "ننفي نفياً قاطعاً المزاعم التي تحدث عنها السيد النائب (الخزاعي)، كونها تفتقد المصداقية والدقة والموضوعية، وتنم عن عدم إلمامه بإجراءات وواجبات اللجنة، نعبّر عن رفضنا الشديد لهذه الادعاءات لما تحمله من إساءة كبيرة لمهام وواجبات اللجنة المالية النيابية بشكل خاص والسلطة التشريعية بشكل عام"، مؤكداً فتح تحقيق للوقوف على صحة ومصدر هذه التصريحات التي وصفها بـ"الخطرة".

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وجاء رد النائب محمد نوري الخزاعي سريعا، على البيان الصادر عن رئيس اللجنة المالية، مؤكداً أن هذا البيان لا علم لأعضاء اللجنة به، وأنه سيطالب قانونيا بسحب يد رئيس اللجنة المالية على خلفية هذا القرار الشخصي، على حد وصفه.

تجاوز الصلاحيات

وقال الخزاعي خلال اتصال هاتفي، مع "العربي الجديد"، إن البيان الصادر عن رئيس اللجنة المالية بتاريخ 9 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، صدر بشكل شخصي من قبل رئيس اللجنة دون علم بقية الأعضاء.

وأضاف أن هذا البيان يحتوي على الكثير من "الأكاذيب" والتهجم والتجاوز الشخصي خارج حدود صلاحية رئيس اللجنة، مؤكداً أن العطواني حل محل البنك المركزي ودافع عن سياسته المالية والنقدية الفاشلة.

وأكد الخزاعي أنه يتحمل المسؤولية الكاملة عن المعلومات التي صرح بها لوسائل الإعلام، حول اختفاء المبالغ المالية الضخمة، وسوء إدارة البنك المركزي لملف الحفاظ على الأموال وإدارة أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار.

ونفى البنك المركزي الاتهامات التي وجهها النائب محمد نوري الخزاعي حول اختفاء مبالغ كبيرة من العملة المحلية، وتهريبها إلى دول الجوار، مبيناً طبيعة طبع العملة العراقية وكمياتها.

وقال البنك المركزي في بيان له، إن الاتهامات المزعومة باختفاء مبالغ كبيرة من العملة العراقية وتهريبها إلى بعض دول الجوار غير حقيقية، وأن كميات العملة العراقية تطبع وفق احتياجات الاقتصاد العراقي ضمن معايير محكمة.

وشدد على أن البنك المركزي هو المؤسسة الوحيدة في العراق التي تخضع لعمليات تدقيق الحسابات وعمليات المالية من أربع جهات، وهي: ديوان الرقابة المالية، شركة تدقيق دولية، لجنة مدققين خارجيين، ودائرة التدقيق الداخلي.

ولفت إلى أن توجيه الاتهامات حول الفساد في العراق دون تقديم أي دليل يؤكدها يدعو إلى الشك في النوايا، وهدفها الإضرار بمصالح الدولة الاقتصادية، مؤكداً حقه القانوني بملاحقة كل من يروج لمثل هذه الاتهامات.

تصاعد الفساد في العراق

وقدرت لجنة النزاهة النيابية السابقة في بيان لها العام الماضي عن الفساد في العراق، حجم الأموال المهربة منذ 2003، بنحو 350 مليار دولار، أي ما يعادل 32 بالمائة من إيرادات العراق خلال هذه الأعوام.

والأحد الماضي، التقى رئيس هيئة النزاهة الاتحادية، القاضي حيدر حنون، وفدا من مسؤولين في الولايات المتحدة الأميركية، بينهم جيسي بيكر نائب مساعد وزير الخزانة الأميركي، لبحث إمكانية التعاون بين صندوق استرداد أموال العراق والخزانة الأميركية.

وفي بيان صدر عن هيئة النزاهة، أعرب رئيس الهيئة من خلاله عن الحاجة الماسة لمساعدة الخزانة الأميركية في استعادة الأموال العراقية التي فقدت قبل العام 2003 من قبل نظام الحكم السابق.

وفي السياق، يرى الباحث الاقتصادي، عمر الحلبوسي، أن موضوع تهريب الأموال العراقية للخارج أكبر من إجراءات هيئة النزاهة، لأن هناك جهات متنفذة ولها سلطة قوية داخل الدولة العراقية تقف خلف تهريب الأموال.

واتهم الحلبوسي، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، دولاً إقليمية لم يسمها ومليشيات وأحزاباً بالوقوف وراء عمليات تهريب العملة العراقية، مشيراً إلى أن هناك دولاً استخدمت أدواتها المتنفذة لتقديم تسهيلات للمهربين، حتى أصبح هناك صراع داخل العراق بين هذه الدول لجلب أكبر عدد من المهربين لمصلحتها.

وأوضح الحلبوسي، أن هيئة النزاهة لن تكون جادة في مواجهة اختفاء الأموال العراقية مهما كانت قيمتها، ومسألة إعلان استرداد الأموال المفقودة من العراق قبل سنة 2003 هي محاولة للتغطية عن السرقات الأكبر والتي حدثت بعد سنة 2003.

المساهمون