الغلاء يطحن المواطن البريطاني ومخاوف من زيادة الفقر المدقع

26 أكتوبر 2022
مواطن يحاول الحصول على سلع رخيصة في متجر بلندن (Getty)
+ الخط -

يواجه رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، مجموعة من القضايا الملحة التي يتعين حلها على صعيد الاقتصاد الاجتماعي أهمها كيفية دعم الأسر التي تعاني من ضغوط معيشية بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة والغذاء، بعد أن أحدثت الحرب الروسية في أوكرانيا تقلبات هائلة في أسواق الطاقة والحبوب العالمية.

ورغم أن الحكومة البريطانية جمدت فواتير الطاقة للأسر حتى شهر إبريل/ نيسان المقبل في المتوسط لدى 2500 جنيه إسترليني (نحو 2826 دولاراً) في العام. لكن يتوقع المواطنون أن تضع الحكومة أسعاراً أرخص لمساعدة الأسر من ذوي الدخل المنخفض.

كذلك تم وضع سياسة مماثلة لمساعدة الشركات في فواتير الطاقة لمدة ستة أشهر، حتى تتمكن الأعمال التجارية من حماية قدرتها التنافسية. وبعد تخصيص عشرات المليارات من الجنيهات الإسترلينية للإبقاء على فواتير الطاقة منخفضة خلال العام المقبل لفترة ما بعد إبريل/ نيسان 2023.

يتوقع المواطنون أن تضع الحكومة أسعاراً أرخص للطاقة لمساعدة الأسر من ذوي الدخل المنخفض

وحسب مسح لمكتب الإحصاء البريطاني صدر في أكتوبر/ تشرين الأول الجاري قال نحو 77% من البالغين الذي شملهم المسح أنهم قلقون (قلقون جداً أو قلقون إلى حد ما) بشأن ارتفاع تكاليف المعيشة.

كما قال حوالي 4 من كل 10 شملهم الاستطلاع إنهم يجدون صعوبة في تسديد فواتير الطاقة، أو إنهم وجدوا صعوبة كبيرة، أو إلى حد ما في تحملها في الفترة الأخيرة.

وأفاد حوالي 3 من كل 10 بريطانيين ممن يدفعون الإيجار أو أقساط الرهن العقاري أنهم وجدوا صعوبة بالغة في تسديد القسط الشهري.

على صعيد كلف المعيشة الأخرى أفاد المسح الذي أجري بين 29 سبتمبر/ أيلول و9 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري أن حوالي 9 من كل 10 (أي نحو 93% من المواطنين) قالوا إن تكلفة المعيشة باتت مرتفعة جداً، وأن سعر التسوق الأسبوعي ارتفع بنسبة مقلقة.

وكانت مؤسسة "ريزولوشن فاونديشن" البريطانية قد ذكرت في تقرير الشهر الماضي توقعات مقلقة للغاية حول كلف المعيشة في بريطانيا مقارنة بالدخول.

وقال إن الدخل الحقيقي المتاح للأسر في بريطانيا في طريقه للانخفاض بنسبة 10% خلال هذا العام والعام المقبل. وأشارت إلى ارتفاع التضخم وغلاء أسعار السلع والخدمات الرئيسية سيعنيان عملياً أن كل النمو الحقيقي في الأجور منذ عام 2003 قد تبخر.

وتخشى مؤسسة "ريزولوشن فاونديشن"، وفق تقريرها، أن يرتفع عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع بمقدار ثلاثة ملايين ليصل إلى 14 مليون شخص بين 2023 و2024. ويمكن أن يعاني طفل من بين كل ثلاثة أطفال في بريطانيا من الفقر.

مخاوف من أن يرتفع عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع بمقدار 3 ملايين ليصل إلى 14 مليون شخص بين 2023 و2024

يحذر التقرير من أنّ بريطانيا تواجه شتاء قاتماً هذا العام بالنسبة لمستويات المعيشة، إذ من المتوقع أن تمتد أزمة مستويات المعيشة إلى ما بعد هذا الشتاء حتى العامين المقبلين.

على صعيد الإيجارات، تعيش العاصمة البريطانية لندن فترة من الجنون في أسعار إيجارات المساكن تهدد بزيادة عدد المشردين في شوارع العاصمة البريطانية، وربما حدوث اضطرابات سياسية واحتجاجات اجتماعية بسبب الغلاء غير المسبوق الذي يرفع الأسعار فوق قدرة الطبقة العمالية والطبقة الوسطى. وبات مبلغ 2500 جنيه إسترليني غير كاف لإيجار شقة من غرفة واحدة في الأحياء القريبة من منطقة وسط لندن.

وقالت شركة هامبتون العقارية اللندنية في تقرير حول الإيجارات بلندن في أغسطس/ آب الماضي إن أكثر من 50% من أصحاب العقارات السكنية رفعوا من أسعار الإيجار في العقود الجديدة للمؤجرين أو حتى في عقود الإيجار القديمة التي تم تجديدها.

وتقول هامبتون في تقريرها إن الإيجار الشهري ارتفع في المتوسط بلندن فوق ألفي جنيه إسترليني.

وفي أحياء وسط لندن والأحياء الراقية في مناطق "ماي فير" القريبة من شارع التسوق في "أوكسفورد ستريت" ومنطقة كينزنغتون والأحياء القريبة من غربي لندن، يصعب الحصول على شقة للإيجار خاصة في موسم الصيف.

في أحياء وسط لندن والأحياء الراقية في "ماي فير" والأحياء القريبة من غربي لندن، يصعب الحصول على شقة للإيجار

في ذات الصدد قال رئيس شركة "مارتن جيرارد" اللندنية المتخصصة في الإيجار العقاري، غريغ تسمان، في تعليقات نقلتها صحيفة "إيفننغ ستاندرد": "لدينا أزمة نقص حقيقية في المساحات السكنية المتاحة للإيجار".

وأضاف: "العديد من أصحاب العقارات يتخوفون من انفجار الفقاعة العقارية بالعاصمة لندن التي رفعت الأسعار بمعدلات كبرى خلال الفترة الماضية ويعدون عقاراتهم لبيعها بدلاً من إعادة تأجيرها".

المساهمون