الغلاء يحاصر الأسواق السودانية... وانتقادات للإحصاءات الرسمية

09 ديسمبر 2021
الركود يضرب الأسواق السودانية (فرانس برس)
+ الخط -

تخوف تجار من تكبدهم خسائر كبيرة بسبب الركود الذي يضرب الأسواق السودانية، فيما انتقد مواطنون الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الحكومي، والتي أكدت انخفاض معدل التضخم إلى نحو 350% خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

ويشكو الشارع السوداني من ندرة في بعض السلع وغلاء أسعارها، إذ ما زالت أزمات الخبز والوقود تواجه المواطنين في ظل فوضى كبيرة تضرب الأسواق رغم الإجراءات الحكومية في هذا الصدد.

وأعلن الجهاز المركزي للإحصاء عن تباطؤ نمو التضخم السنوي خلال أكتوبر الماضي، للشهر الثالث على التوالي، مسجلاً 350.84 بالمائة، مقارنة بنسبة 365.82 بالمائة على أساس سنوي في سبتمبر/ أيلول الماضي.

ويأتي ذلك في ظلّ الفجوة بين سعر الدولار في السوق الموازية الذي واصل الارتفاع مجدداً إلى 452 جنيها متجاوزاً السعر الرسمي 435 جنيهاً.

ويقول حسن طه، وهو صاحب بقالة، لـ"العربي الجديد"، إنّ معدلات ارتفاع أسعار السلع أصبحت كبيرة، مشيراً إلى أنّ الزيادات متوالية بصورة يصعب اللحاق بها. ويضيف أنّ قفزات الأسعار أربكت الأسواق وحركة التجارة.

وفي يونيو/ حزيران الماضي ارتفع التضخم إلى معدل قياسي بنسبة 412.75 بالمائة خلال شهر، بزيادة قدرها 33.96 نقطة عن شهر مايو/ أيار الماضي. ويعد هذا المعدل هو الأعلى في العالم، ما يضع المواطن أمام ضغوط معيشية صعبة وموجات غلاء غير مسبوقة.

وشكك خبراء اقتصاد في الأرقام الرسمية التي تفيد بتراجع التضخم، إذ إنّها لا تعبر عن الواقع، مؤكدين أنّ السياسة العامة التي تنتهجها الدولة في إدارة دفة الاقتصاد ليست واضحة، وقالوا إنّ الإجراءات الحمائية التي اتخذتها الدولة مشكوك في صحتها ولم تصل إلى مستحقيها، خاصة في ما يتعلق بدعم الأسر الفقيرة التي تأثرت بالعملية الإصلاحية الأخيرة.

وفي هذا الإطار، يقول الاقتصادي السوداني محمد يوسف، لـ"العربي الجديد": "عموماً لا سياسة اقتصادية واضحة يمكن الاهتداء بها في السودان، كما أنّ غياب التنسيق بين الشق المالي والنقدي في الدولة من أسباب تراجع الاقتصاد إلى جانب الإهمال الكبير للقوانين المنظمة للعمل الاقتصادي في البلد". ويتابع: "رقابة ولا محاسبة، إضافة إلى عدم دعم الإنتاج المحلي، خصوصاً في ظل رفع الدعم عن الوقود".

شكك خبراء اقتصاد في الأرقام الرسمية التي تفيد بتراجع التضخم، إذ إنّها لا تعبر عن الواقع، مؤكدين أنّ السياسة العامة التي تنتهجها الدولة في إدارة دفة الاقتصاد ليست واضحة

 

ومن جانبه، يقول أستاذ الاقتصاد محمود توفيق، لـ"العربي الجديد": "رغم البيانات الرسمية التي تؤكد انخفاض نسبة التضخم، فإنّ النسب ما زالت تعد الأعلى في العالم". ويتابع: "عالمياً، يمكن القبول بنسبة تضخم حتى 9% للاقتصادات الناشئة، أما إذا تجاوزت النسبة الخانة المئوية الواحدة إلى الخانتين، أي أصبحت 10% فأكثر، فإنّ جرس الإنذار يدق في هذه الحالة ولا بد من معالجات اقتصادية عاجلة".

ويؤكد أنّ آثار التضخم السالبة ظاهرة للعيان، وتتمثل بتآكل المدخرات ورؤوس الأموال ولجوء الناس لـ"مخازن القيمة"، أي السلع التي لا تتأثر بالتضخم مثل الأراضي والعقارات والذهب والعملات الأجنبية القابلة للتحويل.

ويقول: "ذلك أدى إلى حلقة مفرغة هبطت على أثرها قيمة العملة السودانية وزادت كلفة استيراد السلع ومدخلات الإنتاج"، ويرى أنّ "إيقاف هذه الدائرة يتطلب تثبيت قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية الأخرى، وتثبيت أسعار بعض السلع الأساسية، ولا يمكن للدولة أن تفعل هذا إلّا إذا كان لديها فائض أو احتياطي من العملات الأجنبية تتحكم عبره في السعر التبادلي للعملة أو تتحكم بواسطته في كلفة استيراد السلع الأساسية".