الغزو الروسي لأوكرانيا يعطل انتعاش السياحة في تركيا

06 مارس 2022
يمثل السياح الروس والأوكرانيون أكثر من ربع زوار تركيا في 2021 (Getty)
+ الخط -

مثل كل يوم أحد، يستقبل نوري ساني أصدقاءه القدامى حول مائدة الفطور الصباحي التركي السخي، لكن بقية الطاولات الموجودة حوله فارغة، فمطعمه القريب من الجامع الأزرق الشهير خال من الزوار.

ويتنهّد مدير مطعم "شربتهانه"، الواقع في المنطقة التاريخية من إسطنبول، قائلا لوكالة "فرانس برس": "كان يجب أن يكون المطعم ممتلئا في مثل هذا الوقت، والوضع أسوأ في أنطاليا كما يقول أصدقائي".

وخلال أيام، اختفى الأوكرانيون وبدأ الروس إلغاء حجوزاتهم. فقد عصفت رياح الحرب بقطاع السياحة في تركيا التي كانت تمثل 10 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي قبل الجائحة، وكان قد بدأ للتو التعافي مع توقعات كبيرة لموسم 2022.

وأمام مسجد آيا صوفيا، تتقدم مجموعات من السياح الروس بخطى متسارعة خلف مرشدهم، رافضين إجراء أي مقابلة.

لكن بالنسبة للأوكرانيين، لم يعد هناك سوى السياح العالقين، ومن بينهم زوجان شابان قدِما من العاصمة الأوكرانية كييف "كسائحين وتحوّلا إلى لاجئين"، وهما يسعيان إلى مغادرة البلاد إلى وجهة ثالثة "ربما الولايات المتحدة"، كما قالا وقد اغرورقت عيونهما بالدموع.

ويشكل الزوار من روسيا وأوكرانيا وحدهما أكثر من ربع السياح الذين قدموا إلى هذا البلد في 2021، حسب وزارة السياحة والثقافة التركية، حيث جعلوا من إسطنبول والشواطئ التركية وجهتهم المفضلة.

ويأتي السياح الروس في الصدارة بنحو 4.5 ملايين سائح، متقدمين على الألمان. وفي المرتبة الثالثة يأتي الأوكرانيون بنحو مليونين.

وقال المسؤول في رابطة وكالات السفر التركية (تورساب)، حميد كوك، إن "روسيا وأوكرانيا مهمتان جدا لقطاعنا السياحي، والحرب التي اندلعت بينهما تجعلنا جميعا متوترين هنا لأسباب إنسانية وتجارية".

وأضاف "كنا نتوقع قدوم 7 ملايين روسي و2.5 مليون أوكراني هذا العام، لكننا بالتأكيد سنضطر إلى مراجعة هذه الأرقام"، مشيرا إلى أن "الحجوزات للصيف تبدأ عادة في مثل هذا الوقت من العام، في آذار/مارس. لكن الطلبات توقفت".

قسائم غير مدفوعة

أكد كوك أنه "إذا استمرت الأمور على هذا النحو فسنواجه مشكلة خطيرة"، موضحا أننا "نحاول التزام الهدوء قدر الإمكان".

لكن في وكالته الصغيرة للسفر التي تقع بالقرب من مسجد آيا صوفيا، يبدو إسماعيل مصدوما، وقال وهو يسحب بعصبية قائمة بحجوزات لم يتم تسديد ثمنها، إن "الوكالات التي تعمل مع روسيا مثل وكالتي تعاني".

وأضاف أنه يخشى أن يكون "بدفعه كفالات للفنادق، قد خسرت بالفعل أكثر من 11 ألف يورو"، وتابع: "إذا ألغت مجموعات أخرى حجوزاتها، فإنني سأخسر بين ستين وسبعين ألف يورو في المجموع".

وأوضح إسماعيل أنه "كان من المفترض أن تصل مجموعة خلال شهرين، لكننا لم نتسلم المال بسبب توقف نظام التحويلات المصرفية (سويفت)، لذلك تم إلغاؤها. لكننا كنا قد دفعنا أجور الفنادق".

وتخضع روسيا لعقوبات أوروبية وأميركية تمنعها من الوصول إلى المعاملات المالية الدولية والأوروبية، ولم تبق سوى تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) ولم تنضم إلى العقوبات الدولية على الرحلات الجوية مع موسكو.

ويعرف إسماعيل يتمن (72 عاما) مخاطر هذه المهنة جيدا.

وبسبب وجودها على تخوم الشرق الأوسط، عانت هذه البلاد في السابق من عواقب الحروب في سورية والعراق، الواقعين على حدودها الجنوبية الشرقية.

وقال حسن دوزين، الذي كان جالسا مع أصدقائه في محل لبيع السجاد خلا من الزبائن، بالقرب من قصر توب كابي العثماني: "ما إن اندلعت الحرب في العراق ثم في سورية حتى توقّف السياح الأوروبيون والأميركيون عن القدوم"، وأضاف "خسرناهم، حيث اعتقدوا أننا قريبون جدا من هذين البلدين".

ودوزين مقتنع بأنه "سيحدث الأمر نفسه: سينظرون إلى الخريطة ويرون البحر الأسود ويعتقدون أننا قريبون جدا من الحرب فلماذا يجازفون بالمجيء؟".

ولا يعترض الزوجان الشابان اللذان طلبا عدم كشف هويتيهما على ما يقوله. وأكد الزوج الشاب وقد بدا عليه القلق "لا نريد أن نبقى هنا، ألا تدركون أنهم قد يصيبونكم بصواريخهم؟".

 

(فرانس برس)

المساهمون