الغاز يتدفق من إسرائيل إلى مصر: الاحتلال خائف على احتياطاته

19 فبراير 2024
غرفة التحكم بحقل تمار (Getty)
+ الخط -

أعلن الشركاء في خزان تمار الواقع تحت الاحتلال الإسرائيلي عن استثمار في توسيع الطاقة الإنتاجية لتزويد مصر بمزيد من الغاز، إذ اعتبر موقع "كالكاليست" الإسرائيلي أنه سيكون لهذه الخطوة تأثير على توطيد العلاقة مع مصر وسيكون للمستثمرين أيضًا نظرة مستقبلية إيجابية، ولكن هذه الخطوة قد تضر بأمن الطاقة واحتياطيات الغاز المتبقية في إسرائيل والمنافسة في السوق المحلية.

ويظهر إعلانان مختلفان عن الشراكة في خزان تمار للغاز الطبيعي في الأيام الأخيرة أنه على الرغم من الحرب، فإن تصدير الغاز من إسرائيل إلى مصر سيرتفع في السنوات المقبلة. ويلفت الموقع الإسرائيلي إلى أنه تنطوي هذه الخطوة على إمكانات كبيرة للسياسة الخارجية الإسرائيلية وكذلك لسوق الأوراق المالية المحلية، ولكنها تثير مرة أخرى النقاش حول أرصدة الغاز الطبيعي التي ستبقى في إسرائيل والضرر المحتمل على المنافسة بين خزانات الغاز في السوق المحلية. 
 
وفي التفاصيل أعلن الشركاء في مكمن غاز تمار، أمس، قرار استثمار نهائياً بقيمة حوالي 24 مليون دولار في تحديث الضواغط التي ستسمح بزيادة إنتاج الغاز في الأراضي المحتلة من المكمن. وينضم التقرير إلى إعلان آخر صادر الجمعة، والذي بموجبه، بدءًا من يوليو/ تموز 2025، ستزيد الصادرات إلى مصر بنحو 4 مليارات متر مكعب إضافية، والتي بلغت حتى اليوم حوالي ملياري متر مكعب.

وينضم إعلان الأمس إلى إعلان شراكة تمار اعتبارًا من ديسمبر/ كانون الأول 2022 عن مد خط أنابيب نقل بطول 150 كيلومترًا من حقل تمار، الواقع على بعد حوالي 90 كم غرب حيفا، إلى منصة تمار بالقرب من شواطئ عسقلان. وتبلغ تكلفة مد خط أنابيب النقل الثالث حوالي 673 مليون دولار. وستتيح التوسعة الجديدة التي تم الحصول عليها بعد موافقة وزارة الطاقة، زيادة الطاقة الإنتاجية من المحولة نحو 16 مليار متر مكعب سنويًا.

الغاز الإسرائيلي إلى مصر

وفي حالة تنفيذ الاتفاق، سيصدر خزان تمار الغاز إلى مصر بكمية تبلغ حوالي 6 مليارات متر مكعب سنويًا، أي أقل بقليل من نصف كمية الغاز الطبيعي التي تستهلكها إسرائيل في عام 2023. وليس تمار هو الخزان الوحيد الذي يصدر إلى مصر. وفقًا لتقارير إدارة الموارد الطبيعية بوزارة الطاقة الإسرائيلية سيصدر خزان ليفياثان في عام 2022 حوالي 4.95 مليارات متر مكعب إلى مصر و2.73 مليار متر مكعب إلى الأردن، بينما سيصدر خزان تمار 1.57 مليار متر مكعب إجمالاً، وستذهب معظم الصادرات من تمار إلى مصر.

ومع اندلاع الحرب، توقف إنتاج الغاز من خزان تمار بسبب قرب المنصة من قطاع غزة. ومن أجل إمداد السوق الإسرائيلية بالغاز الطبيعي، تم تخفيض تصدير الغاز من إسرائيل إلى مصر بنحو 80%، وهو ما أدى، بحسب تقرير بلومبيرغ، إلى زيادة وتيرة انقطاع التيار الكهربائي هناك. وبعد نحو شهر عادت منصة تمار إلى إنتاج الغاز، لكن الانقطاع عكس إلى حد ما اعتماد سوق الطاقة المصري على الغاز الوافد من الأراضي المحتلة.

ويقول أميت مور، الرئيس التنفيذي لشركة إيكو إنيرجي للاستشارات الاقتصادية الاستراتيجية لـ "كالكاليست"، إن "السوق المصري يعاني نقص الغاز الطبيعي، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي ذاتيًّا في جميع أنحاء البلاد مع خفض صادرات الغاز الطبيعي المسال من إسرائيل".

ويضيف مور أن الصادرات الإسرائيلية إلى مصر لا تساهم في توفير الكهرباء للبلاد فحسب، بل تساهم في زيادة مداخيل مصر في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها الأخيرة، حيث إن جزءاً من الغاز الطبيعي الذي تم بيعه لمصر ذهب إلى منشآت التسييل ومن هناك تم بيعه إلى أوروبا، مما يساعد البلاد على التعامل مع الأزمة الاقتصادية من خلال الحصول على العملة الأجنبية". وفي عام 2022، جلب تصدير الغاز الطبيعي من مصر نحو 8.4 مليارات دولار للبلاد.

ويضيف مور أن الأردن يعتمد أكثر على الغاز القادم من إسرائيل، مضيفًا "في الأردن، يتم إنتاج حوالي 70% من الكهرباء من الغاز الطبيعي المستورد من إسرائيل".

مخاوف على الاحتياطي

من ناحية أخرى، في سوق الطاقة، هناك مخاوف إسرائيلية من أن يؤدي التوسع في تصاريح التصدير إلى نقص في الاحتياطي الإسرائيلي في السنوات المقبلة، أو على الأقل ارتفاع الأسعار بسبب انخفاض المنافسة في السوق المحلية.

وصرح مصدر في سوق الطاقة الإسرائيلي لـ "كالكاليست" أنه "هناك حاجة إلى أكثر من 10 محطات كهرباء جديدة يغذيها الغاز الطبيعي بحلول عام 2040. هناك قلق جدي من أن زيادة الصادرات اليوم ستسبّب نقصًا مستقبليًّا في كمية الغاز اللازم لاحتياجات الاقتصاد المحلي".

وفقًا لجلعاد بن تسفي، محلل الطاقة في شركة ليدر كابيتال ماركتس، فهذه مقايضة يجب أن تُحسم: "زيادة المنافسة في السوق المحلية عن طريق الحد من الصادرات، ومن ناحية أخرى، يريد الجانب الإسرائيلي ضمان دخول مستثمرين جدد إلى السوق المحلية وزيادة إيرادات إسرائيل".

كما حذر رئيس دائرة الميزانية في وزارة المالية، يوغيف جيردوس، العام الماضي من أن زيادة الصادرات "قد تعرّض أمن الطاقة في إسرائيل للخطر". النقطة الأساسية في ادعاء جيردوس تشير إلى السرعة التي تصرّف بها وزير الطاقة السابق يسرائيل كاتس في الموافقة على طلبات توسيع تصاريح التصدير".

هناك قضية أخرى يثيرها "كالكاليست" وهي توسيع تصاريح التصدير أيضًا من خزان ليفياثان، وهو الأمر الذي يُناقش هذه الأيام، ويثير أيضًا سؤالًا ليس حول كمية الغاز الإضافية التي سيتم تصديرها فحسب، ولكن أيضًا حول كيفية بيع الغاز. ومن بين أمور أخرى، يتم النظر في إمكانية إنشاء منشأة بحرية لتسييل الغاز الطبيعي (FLNG)، بدلاً من توسيع خطوط الأنابيب إلى البلدان المجاورة.

وتتمثل ميزة منشأة FLNG في القدرة على بيع الغاز الطبيعي للعالم كله عبر السفن وتقليل الاعتماد على دولتين فقط تمتلك إسرائيل حاليًا خطوط أنابيب للغاز الطبيعي لهما: مصر والأردن. من ناحية أخرى، فإن إنشاء منشأة FLNG أمر مكلف، وإجراءات التسييل تسبب فقدان الغاز الطبيعي، وتسبب أضرارًا كبيرة للبيئة.

المساهمون