تشهد سوق العملات الأجنبية في إيران تطورات منذ ثلاثة أسابيع، تزامنا مع بدء المباحثات غير المباشرة بين طهران وواشنطن بشأن تنفيذ الاتفاق النووي منذ الثاني من الشهر الجاري.
وعادة ما يكون للأنباء التي تخرج من كواليس اجتماعات فيينا، وقعها السريع في سوق العملات بإيران، إذ عندما تتحدث بتشاؤم عن نتائج المباحثات، ترتفع تلقائيا أسعار العملات الأجنبية في البلاد، في مقدمتها الدولار الأميركي واليورو، لكن عندما تتخذ طابعا إيجابيا تفاؤليا، تتحسن العملة الإيرانية وتتراجع أسعار العملات الأجنبية.
وخلال الأيام الأخيرة، على وقع ارتفاع منسوب التفاؤل بنتائج مباحثات فيينا بدأ الريال الإيراني يستعيد عافيته بشكل جزئي، لينزل سعر الصرف لكل دولار أميركي من 255000 ريال إلى 235500 ريال خلال تعاملات اليوم الثلاثاء.
كما أن سعر صرف اليورو أيضا سجل تراجعا من 295000 خلال الخميس الماضي إلى 277000 ريال خلال تعاملات اليوم.
وفي حديث مع "العربي الجديد"، قال سعيد وهو شاب إيراني مضارب في سوق العملات في شارع "منوشهري" بطهران، إنه منذ السبت الماضي بدأ الطلب على الدولار واليورو في تراجع مستمر، مشيرا إلى أن "العرض ازداد مع إقبال الناس على بيع عملاتهم الأجنبية".
وأضاف أنه "في بعض الأحيان تشكلت طوابير أمام بعض محلات الصرافة لبيع الدولار"، لكنه أكد في الوقت ذاته أن "الكثيرين يتعاملون مع الموقف بحذر شديد منتظرين ما ستؤول إليه المباحثات خلال الأيام المقبلة لجهة إذا كانت هناك خطوات عملية لرفع العقوبات أو الإفراج عن أرصدة إيرانية مجمدة في الخارج".
وعلى عكس تأثر سوق العملات في إيران بالأجواء "التفاؤلية" لمباحثات فيينا، فلم يرصد "العربي الجديد" تحسنا لأسعار السلع في الأسواق الإيرانية، والتي تسجل يوما بعد يوم ارتفاعا، فلم توقف تلك الأجواء هذه الوتيرة بعد.
وتعيش إيران وضعا اقتصاديا صعبا على خلفية العقوبات الشاملة التي تتعرض لها، توصف بأنها تاريخية وغير مسبوقة، استهدفت جميع مفاصلها الاقتصادية ولم تستثن قطاعا منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي يوم 8 أيار/مايو 2018.
وتأمل طهران بأن تؤدي هذه المفاوضات إلى رفع تلك العقوبات، لكن رغم التفاؤل الذي يبديه المجتمعون في فيينا وحديث المندوب الروسي ميخائيل ميخائيل أوليانوف في تغريدة عبر "تويتر"، أمس الإثنين، عن الدخول في مرحلة "صياغة مسودة الاتفاق"، فالترقب الحذر ما زال سيد الموقف إذ إن إيران تشترط رفع جميع العقوبات الأميركية والتحقق من ذلك عمليا قبل العودة إلى تنفيذ تعهداتها النووية بالاتفاق النووي، والولايات المتحدة لم تظهر بعد استعدادها لتلبية هذا الطلب.
ومن المقرر أن تلتئم اللجنة المشتركة لأطراف الاتفاق النووي الثلاثاء في فيينا على مستوى نواب وزراء الخارجية.
وسيكون الاجتماع حضوريا برئاسة المدير السياسي للاتحاد الأوروبي أنريكه مورا، وبمشاركة المديرين السياسيين ومساعدي وزراء الخارجية للدول الأعضاء بالاتفاق النووي، هي إيران وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا.
والاجتماع هو الجولة الرابعة لمفاوضات اللجنة المشتركة على هذا المستوى، وسيبحث فيه المجتمعون نتائج المباحثات المكثفة التي أجريت خلال الأيام الماضية على مستوى الخبراء، فضلا عن لقاءات ثنائية ومتعددة الأطراف للاتفاق النووي مع كل من الوفدين الإيراني والأميركي على حد سواء.