سجلت العملة الأفغانية "أفغاني"، ثالث أفضل العملات أداء في العالم، خلال العام الجاري، بعد البيزو الكولومبي والروبية السريلانكية. وارتفعت "أفغاني" إلى 78.13 مقابل الدولار من مستوياتها فوق 80 أفغانياً للدولار، في العام الماضي.
وتشير بيانات البنك الدولي إلى أنّ أداء الواردات السلعية لأفغانستان بلغ 5.63 مليارات دولار في عام 2022، بعد أن كان 5.55 مليارات دولار في عام 2021. وعلى الرغم من هذا التحسن الطفيف، فإنّ معدل الواردات السلعية لم يصل إلى ما كان عليه قبل مجيء حركة طالبان، فقد بلغ في عام 2020 نحو 6.54 مليارات دولار.
أما عن الصادرات السلعية، فيعدّ عام 2021 الأفضل، إذ بلغت فيه الصادرات الأفغانية 1.04 مليار دولار، بينما كانت في عام 2020 بحدود 777 مليون دولار، وفي عام 2022 بلغت الصادرات 883 مليون دولار.
وبحسب تحليل نشرته صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، أمس السبت، كانت العملة الأفغانية هي الأفضل أداءً في العالم في الربع الثالث من هذا العام، حيث ساعدت تدفقات المساعدات الأجنبية والضوابط الصارمة على رأس المال الأفغاني على التعافي من أدنى مستوياتها التاريخية التي وصلت إليها بعد استيلاء "طالبان" على السلطة، قبل عامين. ويقدر حجم الناتج المحلي الحقيقي الأفغاني بنحو 17 مليار دولار في العام المنتهي 2022.
ووفق التقرير، ارتفعت قيمة العملة الأفغانية "أفغاني" بنسبة 10% تقريباً، ما يجعلها ثالث أفضل العملات أداء هذا العام، بعد البيزو الكولومبي والروبية السريلانكية. وساعدت على تعزيز قيمتها الموارد المالية لـ"طالبان"، في الوقت الذي يكافح فيه النظام للتعامل مع البطالة المنتشرة على نطاق واسع.
وأدى استيلاء حركة طالبان على الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة في عام 2021 إلى انهيار اقتصادي تاريخي في أفغانستان، حيث تقلّص الناتج المحلي الإجمالي للبلاد على الفور بمقدار الخمس، مع سحب القوى الدولية الدعم وفرض العقوبات على الحركة.
وقد محت السياسة النقدية الصارمة التي اتبعتها "طالبان" الخسائر التي لحقت بالعملة الأفغانية، لتحقق مكاسب كبيرة في الربع الثالث، لكن البلاد أصبحت الآن من بين "أفقر دولتين أو ثلاث دول في العالم"، وفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
وأظهر الاقتصاد الأفغاني علامات استقرار، إذ عزّزت حركة طالبان سيطرتها على الاقتصاد واتخذت خطوات لدعم العملة "أفغاني"، التي انخفضت في البداية بشكل حاد بعد الاستيلاء على السلطة.
وقد ساعدت تدفقات الدولارات من الأمم المتحدة وغيرها من المساعدات من الجهات المانحة الدولية على تحقيق الاستقرار في العملة، كما ساهمت ضوابط العملة التي فرضتها حركة طالبان، والتي تقيّد وصول الأفغان العاديين إلى معاملات النقد الأجنبي، في ارتفاع سعرها مقابل الدولار.
وقال غاريث ليذر، وهو خبير اقتصادي كبير يركز على الأسواق الناشئة في مؤسسة كابيتال إيكونوميكس، لـ"فاينانشال تايمز": "لقد فرضوا ضوابط صارمة للغاية على رأس المال، لذا لا يمكنك استبدال أفغاني بالدولار الآن، وهذا، إلى جانب أموال المساعدات التي وصلت إلى البلاد ودعمت العملة".
كما اتخذت السلطات الأفغانية إجراءات صارمة ضد المضاربين في العملة والفساد في مكاتب الجمارك، وفقاً لكبير المستشارين في مجموعة الأزمات، غرايم سميث. ومجموعة الأزمات منظمة أممية لمنع الصراعات. وسمح ذلك بدعم الاقتصاد المحلي بالدولارات.
وقال سميث إنّ هذا ساعد في جعل المواد الغذائية المستوردة، مثل القمح، في متناول الأفغان العاديين، الذين يعاني الكثير منهم من الجوع، مضيفاً أنّ "العملة القوية تنقذ الأرواح".
ولكن رغم الأداء القوي للعملة تظل آفاق البلاد قاتمة، إذ لا تزال الولايات المتحدة تواصل تجميد الاحتياطيات الخارجية للبنك المركزي الأفغاني، مما حرم السلطات من مصدر حيوي للعملة الأجنبية.
وتمكّنت الأمم المتحدة حتى الآن من جمع حوالي 25% من أكثر من 3 مليارات دولار من المساعدات الإنسانية المطلوبة لتلبية احتياجات أفغانستان هذا العام.
وقال سميث إنه من المتوقع أن يتفاقم هذا النقص في المساعدات مع استمرار "طالبان" في قمع حقوق المرأة، مما أدى إلى تدهور العلاقات مع الجهات المانحة.
وأوضح أنّ "الشحنات النقدية لدعم عمليات الأمم المتحدة تتباطأ، وسوف تستمر في التراجع، وهذا يمكن أن يترك الاقتصاد الأفغاني يعاني من نقص خطير في السيولة".
وحذر ليذر، من "كابيتال إيكونوميكس"، من أنه على الرغم من ارتفاعها الأخير، فإنّ العملة الأفغانية ستظل متقلبة للغاية، نظراً للوضع الجيوسياسي.