العقوبات الأميركية تدفع روسيا إلى البحث عن شركاء جدد

العقوبات الأميركية تدفع روسيا إلى البحث عن شركاء جدد

07 مايو 2024
الحكومة الروسية ما زالت تحاول التغلب على العقوبات الغربية - موسكو 6 مايو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- روسيا تواجه تحديات كبيرة في التجارة الدولية بسبب العقوبات الأمريكية، مما أدى إلى انخفاض حاد في الشحنات من شركائها الرئيسيين مثل تركيا والصين، وتأثير سلبي على قدرتها على تمويل عملياتها العسكرية في أوكرانيا.
- العقوبات دفعت الشركات الروسية للبحث عن طرق بديلة للتجارة مثل استخدام وسطاء العملات والعملات المشفرة، رغم القيود المفروضة، وذلك بسبب تقليص المؤسسات المالية الدولية تعاملاتها مع روسيا.
- روسيا تعزز استخدام الروبل في التجارة الدولية كاستجابة للعقوبات، حيث أصبح الروبل العملة الأساسية لبعض التجار وقفزت حصة الصادرات المدفوعة بالروبل إلى 40%، مع العلم أن الروبل يواجه قيودًا تحد من قابليته للتحويل.

لم تعد عمليات التجارة الدولية سهلة على روسيا، بعد أن عمد شركاؤها التجاريون الرئيسيون إلى النأي بأنفسهم عن نيران العقوبات الأميركية مما يقلص حجم التجارة الروسية، في وقتٍ تزايدت فيه الحاجة إليها لتمويل وخدمة عملياتها العسكرية في أوكرانيا. ووفقاً لصحيفة فاينانشال تايمز، انخفضت الشحنات من تركيا والصين بشكل ملحوظ في الربع الأول، حيث تراجعت الصادرات من أنقرة بنسبة الثلث مقارنة بالعام الماضي، في حين انخفضت السلع "ذات الأولوية العالية" المرسلة إلى المنطقة بنسبة 40%، وهي من نوعية السلع الاستهلاكية التي تعتبر بالغة الأهمية لآلة الحرب الروسية.

وقالت "فاينانشال تايمز" إن هذا التحول جاء مدفوعاً بضغوط وزارة الخزانة الأميركية، حيث عزز أمر تنفيذي صدر في ديسمبر/كانون الأول الماضي من قوة العقوبات الأميركية على روسيا قبل أن تقوم الوزارة بتضخيم التحذيرات ضد المقرضين الأجانب الذين يقدمون التسهيلات لأطراف منخرطة في عمليات التجارة مع روسيا، ومنها بنوك في بلدان أخرى مثل الإمارات العربية المتحدة والنمسا. ولتجنب التداعيات الغربية، قامت أغلب تلك المؤسسات المالية بتقليص انكشافها على الأطراف الروسية، وهو ما بدأت تظهر تبعاته على الأرض التي يقف عليها التجار والمستثمرون.

ونقلت الصحيفة عن مستثمر روسي كبير قوله: "الأمر يزداد صعوبة كل شهر. شهر بالدولار، وفي الشهر التالي باليورو. وفي غضون ستة أشهر لن تكون قادراً على فعل أي شيء. نقطة النهاية المنطقية لهذا هي تحويل روسيا إلى إيران"، في إشارة إلى العزلة التي فرضت على الأخيرة لسنوات، وقلصت بصورة كبيرة تعاملاتها الدولية بالعملات الكبرى كافة.

وتمثل الصعوبة التي تواجهها روسيا في نقل الأموال أو البضائع تهديداً متزايداً لميزانيتها، حيث زادت موسكو من إنفاقها في وقت الحرب للحفاظ على استمرار اقتصادها.

وفي الصين، بدأت القنوات السرية في الانتشار، حيث تبحث الشركات المحلية عن طرق بديلة للوصول إلى المستهلك الروسي. ونظراً لأن العديد من البنوك لم يعد يسمح بتلك المعاملات، فإن وسطاء العملات والعملات المشفرة، المحظورة أصلاً في الصين، تزايد الطلب عليهم مؤخراً بصورة واضحة.

وعلى الجانب الروسي، يؤدي صعود الوسطاء إلى تقليص الأرباح. ووفقاً لصحيفة فاينانشال تايمز، ألقى فلاديمير بوتانين، أغنى رجل في روسيا ومالك مجموعة شركات متخصصة في تجارة المعادن، مؤخراً باللوم على هؤلاء الوسطاء في انخفاض إيرادات شركته، مشيراً إلى عمولاتهم التي تتراوح بين 5% إلى 7%.

وفي حين أن مثل هذه الوساطات تضيف تعقيدات وتكاليف لأولئك الذين ما زالوا يحاولون التجارة مع روسيا، إلا أنها قد تنجح في نهاية المطاف في إخفاء العمليات عن الجهات الرقابية الغربية، الأمر الذي يجنب الأطراف المتعاملة فيها الوقوع في فخ العقوبات الأميركية. ومن ناحية أخرى، أدت الحملة الصارمة التي شنتها الولايات المتحدة، من خلال فرض العقوبات وتشديدها، إلى انتشار التجارة بالروبل الروسي، مع فقدان العملات الأخرى شعبيتها على نحو متزايد.

وعلى سبيل المثال، أصبح الروبل الآن العملة الأساسية للتجار الهنود الذين يشترون خام موسكو، بعد أن أوقف التجار في الإمارات المدفوعات بالدرهم، حسبما قال مصدر مصرفي روسي للصحيفة، وذلك لأن الأجانب ما زالوا قادرين على شراء الروبل في بورصة موسكو عند تسوية المدفوعات مع الأطراف الروسية.

وقفزت حصة الصادرات الروسية المدفوعة بالروبل إلى 40% من إجمالي صادرات البلاد في فبراير/شباط، بعد أن ظلت دون 15% في سنوات ما قبل الحرب. ومع ذلك، ما زال الروبل يواجه قيوداً على قابلية التحويل، مما يصعب الوصول إلى أحجام التجارة التي كانت موجودة في ظل التعامل بالدولار.

المساهمون