ما زال نشاط البنوك الإسلامية في المغرب، الموصوفة بالتشاركية، لم يصل إلى مستوى يجعلها بوضع تنافسي جيد. ورخصت هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي لستة مصارف من أجل تسويق منتجات التأمين التكافلي، الذي يتيح تغطية المخاطر المنصوص عليها في عقد التأمين التكافلي أو الاستثمار التكافلي بواسطة صندوق التأمين التكافلي.
وكان المغرب شرع في العمل بالصيرفة الإسلامية قبل خمسة أعوام، حيث رخص لبروز خمسة مصارف تشاركية وثلاث نوافذ بمصارف تقليدية، وهو ما جاء استجابة لانتظارات فئات من المغاربة. ووصلت تمويلات المصارف التشاركية إلى حوالي 1.9 مليار دولار في العام الماضي، مسجلة زيادة بنسبة 50 في المائة، مقارنة بعام 2020، حيث استفادت العقارات بـ1.6 مليار دولار من تلك التمويلات، والاستهلاك بـ 113 مليون دولار والخزانة بـ3.5 ملايين دولار وقطاعات أخرى.
واستفادت المصارف الإسلامية من صندوق ضمان في ذروة الأزمة، ما أتاح لها تسهيل الولوج لعرض التمويلات من قبل الأسر والشركات، وذلك على غرار ما خصص لتمويلات الكلاسيكية منذ بداية الجائحة، حيث جرى تبني ضمان تمويلات تلك المصارف بعد أخذ رأي المجلس العلمي الأعلى، الذي وافق على تلك التدابير.
وتتجه مصارف نحو توفير التأمين التكافلي الذي كان ينتظره العديد من العملاء، ما من شأنه أن يساهم في نظر مراقبين بإنعاش نشاط تلك المصارف الذي مازال دون التوقعات التي كانت تتحدث عن توقعات كبيرة لدى عملاء المصارف.
وكان العديدون انشغلوا بالتأمين التكافلي الذي تأخر، رغم شروع المصارف في توفير التمويلات، خصوصاً أنّ ذلك التأمين يسمح بطمأنة العملاء في حالة المرض المزمن أو فقدان العمل أو الوفاة، حول عدم فقدان عقاراتهم والمنقولات مثلاً.
وأعلن الرئيس التنفيذي لبنك الصفاء التشاركي، يوسف البغدادي، بعد الحصول على ترخيص للقيام بعمليات "تكافل الأسرة" و"تكافل الاستثمار" و"التكافل العام"، مؤخراً عن إطلاق حملة من أجل إبرام عقود التكافل مع العملاء الذين كانوا استفادوا تمويلات، من دون أن يتأتى لهم ذلك التأمين، التي تأخر إخراجها إلى حيز الوجود بالمغرب.
وينتظر من ذلك التأمين، حسب تصريح الاقتصادي الخبير في المالية الإسلامية، عمر الكتاني، لـ"العربي الجديد"، سدّ فراغ كان يعاني منه القطاع، باعتبار أنّ عملاء كانوا يحصلون على تمويل عقارات من تلك المصارف، من دون أن يتأتى لهم الاستفادة من عقد التأمين التكافلي.
ويشدد الكتاني على ضرورة التوجه نحو إحداث شركات لإعادة التأمين وإضفاء نوع من التنافسية بين المصارف التشاركية في تقديم خدمات التأمين وغيرها من المنتجات التي تميز ذلك الصنف من الصيرفة. ويعتقد الكتاني أنّه بعيداً عن التأمين الذي أضحت المصارف التشاركية ضامنة له، فإنّ هذا النوع من المصارف لم يتمكن من تركيز حضوره في المغرب، بسبب عدم التعريف كفاية بمميزاته، حيث يظل بارزاً في المشهد المصرفي العام، علماً أنّ أغلبه فروع أو نوافذ تابعة لمصارف تجارية.
ويتصور الباحث في العلوم السياسية، طارق بوتقي أنّ تفعيل التأمين التكافلي سيدعم قطاع العقارات الذي يعاني من تداعيات الأزمة.
وتتجه مصارف نحو توفير التأمين التكافلي الذي كان ينتظره العديد من العملاء، ما من شأنه أن يساهم في نظر مراقبين بإنعاش نشاط تلك المصارف الذي مازال دون التوقعات
ويلاحظ في تصريح لـ"العربي الجديد" أنّ هذا التوجه نحو طلب تمويلات يدعمه أنّ أغلب تلك التمويلات التي وفرتها المصارف التشاركية، همت العقارات، حسب ما تؤكده بيانات بنك المغرب منذ إطلاق الصيرفة الإسلامية قبل خمسة أعوام. وأنجز بنك اليسر دراسة لدى ثلاثمائة شركة، حيث تجلى ضعف معرفة رؤساء الشركات بالمصارف التشاركية، بل إنّ من لديهم معرفة بهم، يظنونها شركات تمويل، وليست مصارف قائمة الذات يمكنها تقديم تمويلات وتعبئة الادخار.
ولم تغب وضعية تواضع نشاط البنوك التشاركية عن البنك المركزي، منذ إطلاقها قبل أكثر من خمسة أعوام، إذ كان اقترح، في ظل محدودية التجربة، خاصة على مستوى الودائع لأجل، بإطلاق دراسة للوصول إلى تفسيرات حول تطورها.
وكان محافظ البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، أشار إلى أنّ هناك مساعٍي جرت من أجل توسيع حلقة المساهمين في بعض المصارف التشاركية، لكنّه أكد أنّه يجب الانكباب قبل ذلك على تحديد أسباب ضعف النشاط من أجل إعطائه دفعة جديدة. ويعتبر البنك المركزي أن التجربة التي أطلقت منذ سنوات، مازالت محدودة فيما يتصل بتعبئة الودائع لأجل، ما يساهم في ضعف السيولة لدى تلك المصارف، مقارنة بالتمويلات التي توفرها للعملاء.
وحسب مراقبين، لا يفترض أن يقتصر نشاط المصارف الإسلامية على تمويل العقارات أو السيارات، إذ يتوجب توسيع مجال تدخلها كي تتولى تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، ما يقتضي الانفتاح على حساب الاستثمار مع إصدار سندات إسلامية وإيجاد صناديق استثمار.