العراق يسعى إلى وقف نزيف استيراد المشتقات النفطية

22 مارس 2024
4.5 مليارات دولار واردات وقود سنوية للعراق (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- تعمل الحكومة العراقية على تحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية بحلول العام المقبل لوقف استيراد 25 مليون لتر يوميًا من زيت الغاز والبنزين، مما يوفر 4.5 مليار دولار سنويًا، رغم تحديات تأهيل المصافي وزيادة الاستهلاك.
- تشغيل مصفى كربلاء وخطط لتشغيل مصافي أخرى مثل بيجي قد يخفض الاستيراد ويساهم في الاكتفاء الذاتي بحلول 2025، مع توجه لزيادة إنتاج المشتقات النفطية.
- تواجه الجهود لتحقيق الاكتفاء الذاتي تحديات مثل ضعف البنية التحتية، الفساد، والأوضاع الأمنية، لكن الحكومة ملتزمة بتحسين الاقتصاد وتقليل البطالة من خلال تعيين كوادر محلية.

 

تسعى الحكومة العراقية إلى تسخير إمكاناتها للتوقف عن استيراد المشتقات النفطية، والتي تقدر بحدود 25 مليون لتر من زيت الغاز والبنزين والنفط الأبيض، بمبلغ إجمالي يصل إلى 4.5 مليارات دولار سنويا.

وعلى الرغم من أن العراق يمتلك إنتاجا نفطيا كبيرا على مستوى العالم، إلا أن تأخر تأهيل المصافي النفطية وزيادة الاستهلاك اليومي من الوقود خاصة البنزين يضطرانه للاستيراد من دول عدة أبرزها إيران والكويت المجاورتين له.

وتحاول حكومة رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، معالجة ملف استيراد المشتقات النفطية مع حلول العام المقبل، في محاولة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية.

وأكد رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني، في حديث صحافي، الأسبوع الماضي، أن بلاده ستعلن رسمياً خلال شهرين الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية، وبالتالي وقف الاستيراد، فيما أعلنت وزارة النفط العراقية عن توجهها لزيادة إنتاج المشتقات النفطية، وحددت موعدا لإغلاق ملف استيراد البنزين في مطلع العام القادم 2025، بعد إكمال المشاريع المتعلقة بالمصافي الوطنية.

الاكتفاء الذاتي
أكد مدير شركة توزيع المنتجات النفطية العراقية، حسين طالب، أن الاكتفاء الذاتي للمشتقات النفطية وإنهاء استيرادها مرهون باستكمال المشاريع المتعلقة بالمصافي الوطنية، وأن وزارة النفط وضعت خططا زمنية لإنهاء عملية الاستيراد واستكمال إجراءات المصافي المحلية.

وأضاف طالب في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن العراق كان يستورد بحدود 16 مليون لتر يومياً من البنزين، وبحدود 7 ملايين لتر يومياً من زيت الغاز، بالإضافة إلى استيراد كميات كبيرة من النفط الأبيض في موسم الذروة الشتوية.

وأشار إلى أن تشغيل مصفى كربلاء ساهم بتخفيض استيراد المشتقات النفطية لمنتج البنزين إلى حدود 7 ملايين لتر يوميا، بالإضافة إلى مساع لوقف استيراد مادتي زيت الغاز والنفط الأبيض بعد أن يصل الإنتاج في المصافي النفطية الوطنية إلى الاكتفاء الذاتي.

وأضاف طالب أن "المشتقات النفطية التي ما زالت تستورد من الخارج هي البنزين، وسيسهم تشغيل مصافي الشمال (بيجي)، بخفض استيراد البنزين بحدود ثلاثة ملايين لتر". وأفاد طالب أن الحسابات الإجمالية السنوية لأسعار المشتقات النفطية تعتمد على أسعار النفط ومتغيرات السوق العالمية، إذ يصل المبلغ الكلي لاستيراد العراق للمشتقات النفطية إلى حدود 4.5 مليار دولار سنويا.

وأكد أن وزارة النفط جادة في إنهاء ملف استيراد المشتقات النفطية خلال بداية عام 2025، لأن استيراد المشتقات النفطية استنزف مالية الدولة وكلفها أموالاً طائلة يمكن أن تستثمر في مجالات تنموية أخرى.
الخبير في مجال الطاقة، كوفند شيرواني، قال إن "إعلان وزارة النفط تحقيق الاكتفاء الذاتي مطلع العام القادم ما زال خطة لم تدخل حيز التنفيذ، وتعتمد مرحلة الوصول إليها من خلال طبيعة وآلية التنفيذ، ولا يمكن تحقيقها إلا من خلال إنشاء مصفى آخر بطاقة إنتاجية توازي مصافي بيجي وكربلاء. وبين شيرواني، لـ"العربي الجديد"، أن العراق يعاني أزمة مشتقات نفطية على الرغم من إنتاجه النفطي البالغ 4.2 ملايين برميل يومياً، وتصدير 3.5 ملايين برميل وفقاً لالتزاماته مع منظمة أوبك.
وأضاف، أن تشغيل مصفى كربلاء النفطي ساعد إلى حد كبير بتخفيض حجم استيراد البنزين من الخارج، مبيناً إعادة تشغيل مصفى بيجي الذي افتتح مؤخراً بطاقة إنتاجية تبلغ 150 ألف برميل بعدما كان ينتج 300 ألف برميل قبل تعرضها للنهب على أثر العمليات العسكرية التي شهدتها مناطق واسعة من العراق سنة 2014.

أطراف مستفيدة
كذلك أفاد الباحث الاقتصادي علي عواد بوجود أطراف مستفيدة من استمرار عمليات الاستيراد كانت تعرقل إنشاء أو تطوير مصافي إنتاج المشتقات النفطية في محافظات وسط وجنوب العراق.

الخبير في مجال الطاقة، كوفند شيرواني، قال إن "إعلان وزارة النفط تحقيق الاكتفاء الذاتي مطلع العام القادم ما زال خطة لم تدخل حيز التنفيذ"

وأضاف أن "الأطراف المستفيدة تتمثل بمجموعة شركات ووسطاء ومتنفذين استطاعوا التأثير على مراكز القرار في الدولة العراقية من أجل عرقلة الإنتاج والبقاء رهن الاستيراد بهدف تشغيل شركاتهم أو تحقيقا لرغبات وأجندات خارجية"، وفقا لقوله. وأكد أن سلطة القرار السيادي في العراق قد تتحرر في ظل السياسة التي تنتهجها حكومة السوداني، والحد من سلطة المتنفذين والمكاتب الاقتصادية للفصائل المسلحة أمر ضروري، لأنها تمتلك محطات تعبئة وقود "خاصة" قد تتأثر من هذا القرار. وأشار إلى أن، إنتاج المشتقات النفطية محلياً والوصول إلى مستوى الاكتفاء الذاتي يحقق عوائد اقتصادية مهمة، تتمثل بالحفاظ على الأموال العراقية وتعيين كوادر محلية تحد من مستوى البطالة.

أسباب تأخر الاكتفاء
بدوره، أوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة السليمانية، خالد حيدر، أن أسباب تأخر تحقيق العراق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية عديدة، منها ضعف البنية التحتية لمنشآت ومصافي التكرير النفطي، وضعف التخطيط في مجال الاستثمار البترولي والوقود.

وأضاف، حيدر، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة ومنها القطاع النفطي، والمعارك وسوء الأوضاع الأمنية التي شهدتها مناطق متفرقة من العراق حالت دون تطوير القطاع النفطي العراقي.
وبيّن أن عدم دعم المشتقات النفطية الوطنية واستيراد المشتقات النفطية وبيعها بالأسواق بأقل من سعرها الحقيقي وعزوف المستثمرين عن الاستثمار في مجال الاستثمار النفطي، من أسباب تأخر العراق في تحقيق الاكتفاء الذاتي.

المساهمون