قال المستشار المالي والاقتصادي للحكومة العراقية مظهر محمد صالح، اليوم الأربعاء، إن بلاده ستواجه عجزا ماليا بقيمة تصل إلى 130 تريليون دينار (83.5 مليار دولار) خلال العامين المقبلين، في حال تراجعت أسعار النفط إلى 70 دولاراً للبرميل الواحد.
وجاءت تصريحات المسؤول المالي العراقي بعد يوم واحد من انخفاض جديد لسعر صرف الدينار العراقي أمام الدولار، بواقع 1556 دينارا للدولار الواحد، بفارق كبير عن السعر الرسمي المحدد من قبل البنك المركزي، والبالغ 1331 دينارا عراقيا مقابل الدولار الواحد.
وأقر العراق لأول مرة في تاريخه موازنة مالية لثلاث سنوات في مشروع قانون واحد، صوّت عليه البرلمان في يونيو/ حزيران الماضي، ودافعت الحكومة عن الخطوة بأنها تهدف لوضع خطط مشاريع مهمة في البلاد، إلى جانب تلافي مشكلة تأخر إقرار الموازنات المالية كل عام لعدة أشهر.
صعوبات أمام الحكومة
وبلغت موازنة العام الحالي والعامين المقبلين، وفقا لقانون الموازنة، 153 مليار دولار، بعجز متوقع يصل إلى 48 مليار دولار، وتم اعتماد سعر النفط بواقع 70 دولاراً للبرميل، حيث تشكل صادرات النفط العراقي أكثر من 96% من واردات العراق المالية.
واليوم الأربعاء، قال مستشار الحكومة المالي والاقتصادي مظهر محمد صالح إن "الموازنة العامة لثلاث سنوات بنيت على عجز افتراضي مقداره 64 تريليون دينار (48 مليار دولار) لكل سنة"، لافتاً إلى أن "الحكومة لن تواجه مشكلة العجز هذا العام، 2023، في ظل ارتفاع أسعار النفط ووصولها إلى مستوى عال، كما أن هناك وفرة تحققت هذا العام بنحو 23 تريليون دينار، فضلاً عن تأخر الموازنة وبعض المصروفات لم تتحقق".
وأضاف صالح، في حديث أوردته صحيفة "الصباح" الرسمية الصادرة في بغداد، اليوم الأربعاء، أنه "إذا وصل سعر النفط للبرميل الواحد إلى 70 دولارا، فسيتحقق عجز مقداره أقل من 130 تريليون دينار لعامي 2024 و2025، وهذا رقم كبير وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء في موضوع إدارة العجز".
في السياق ذاته، قال مقرر اللجنة المالية في البرلمان العراقي، أحمد الصفار، إن تغير أسعار النفط سيكون من أبرز الصعوبات التي ستواجهها الحكومة، مضيفا، في حديث صحافي الأربعاء، أن "العراق دولة ريعية، والموازنة تعتمد بنسبة كبيرة على الإيرادات النفطية، علماً أن الإيرادات غير النفطية ليست قليلة، ولكن جميع الحكومات المتعاقبة لم تتمكن من السيطرة عليها"، مؤكدا أن النفقات التشغيلية السنوية "بدأت تزداد بشكل كبير، تجاوزت 63 تريليون دينار سنوياً".
مخاطر تقلبات النفط
وأشار الصفار إلى "وجود مشكلة لا بد من الالتفات لها، تتعلق بالبنك المركزي الذي لا يزال غير مسيطر على سعر صرف الدولار، والفرق الشاسع بين السعر الرسمي، البالغ 1300 دينار، والسعر الموازي الذي وصل إلى 1556 دينارا، أي أكثر بـ26 نقطة، وهذه مشكلة كبيرة يجب معالجتها، فكلما زاد الفرق تتحمل الحكومة المزيد من الأعباء".
واعتمد العراق بشكل كبير في موازنته المالية للسنوات الثلاث على الإيرادات النفطية التي بلغت ضمن القانون بحدود 117.2 تريليون دينار، فيما بلغ إجمالي الإيرادات غير النفطية بحدود 17.3 تريليوناً، ما يعني أن الموازنة العراقية باتت رهينة لأسعار النفط العالمية، حيث قدرت سعر برميل النفط عند 70 دولارا، وبكمية صادرات يومية 3.5 ملايين برميل يوميا، منها 400 ألف برميل يوميا من إقليم كردستان العراق.
وكان الباحث الاقتصادي، أحمد صباح، قد حذر في وقت سابق من أن "انخفاض سعر برميل النفط دولارا واحدا يكلف العراق بحدود 1.5 دولار سنويا"، مضيفا، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "تثبيت سعر برميل النفط ضمن الموازنة عند 70 دولاراً يضع العراق في حرج كبير خلال الفترة القادمة، وكان الأجدر أن يكون سعر النفط ضمن الموازنة بحدود 60 - 65 دولارا لتجنب مخاطر تقلبات ارتفاع أسعار النفط.
وأشار إلى أن أي تقلبات في أسعار النفط تزيد فجوة العجز العام في الموازنة أكثر بكثير من العجز الحالي، مما يضطر الحكومة العراقية إلى الذهاب باتجاهين، الأول هو إيقاف جانب من الموازنة الاستثمارية، والثاني التوجه إلى توسيع دائرة الاقتراض الخارجي والداخلي، الذي هو أساساً يعد مشكلة كبيرة تضمنتها الموازنة".