في ظل الفوضى بالمناطق التي تسيطر عليها مليشيات تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، أحكم عدد من قيادات التنظيم السيطرة على سوق السيارات.
وحسب متعاملين في سوق السيارات، لـ "العربي الجديد"، يتعامل التنظيم مع وسطاء وتجار
من جميع الدول المجاورة للعراق، حيث يعقد معهم صفقات لتمرير السيارات بدون أوراق رسمية.
وفي هذا الإطار، أكد خبراء اقتصاد عراقيون لـ "العربي الجديد" أن ثلاثة مسؤولين من داعش يقودون عمليات غير مشروعة في سوق السيارات؛ ما أدى إلى تراجع أسعارها إلى نصف القيمة الحقيقية، لعدم وجود تدقيق أو إجراءات جمركية أو مرورية عند تسجيلها، بسبب سرقة معظمها أو دخولها بشكل غير قانوني.
وقال الخبير الاقتصادي العراقي أحمد سيف الدين لـ "العربي الجديد"، إن "هناك ثلاث شخصيات؛ وهي عراقية وسعودية وسورية تابعة للتنظيم، لم يحدد أسماءهم، تسيطر على السوق التجاري للسيارات في العراق وسورية، موضحاً أن أسعار السيارات تختلف حسب الاتفاق بين التنظيم، ووسطاء يقومون بجلب النوعيات والكميات المحددة.
وأضاف أن هذه التجارة تعتبر أحد أبرز الموارد المالية للتنظيم حالياً، في ظل تصاعد العمليات العسكرية، ويجني من خلالها ملايين الدولارات، لافتا إلى أن داعش يستورد الكميات عبر وسطاء وتجار من العراق وسورية يتعامل معهم، وفق رسوم محددة يفرضها التنظيم.
وكان التنظيم قد كشف في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، عن إقرار موازنته المالية لعام 2015؛ والتي تقدر بنحو ملياري دولار، وبفائض متوقع 250 مليون دولار، إلا أنه يواجه حالياً أزمة مالية خانقة، في ظل تواصل ضربات التحالف الدولي بقيادة أميركا وهجمات الجيش العراقي.
وأكد سيف الدين أن السيارات التي تمكن التنظيم من الحصول عليها تصل إلى أكثر من 15 ألف سيارة ذات الدفع الرباعي، ويستخدمها التنظيم في الهجمات المسلحة والتفخيخ في العراق وسورية، ولكن هذه الكميات تراجعت خلال الشهرين الماضيين، بحسب خبراء يتابعون سوق السيارات، حيث إن التنظيم استولى على الكثير من السيارات من الدوائر الحكومية في محافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك والأنبار، واستفاد منها في مواجهة القوات الحكومية.
وعن معدلات الأسعار أكد الخبير الاقتصادي أن "التنظيم يدير بشكل غير مباشر ساحات بيع وشراء المركبات، ويفرض من خلالها رسوماً جمركية، تساهم بشكل كبير هي الأخرى في توفير الأموال، وعمليات البيع والشراء تتم بالعملة الأجنبية الدولار، والأسعار تنحصر بين عشرة آلاف دولار وصولا إلى ثلاثين ألف دولار للمركبات الحديثة التي تحمل مواصفات عالية (فول أوبشن) وكاملة المواصفات، ويفضل الماركات اليابانية، وخاصة موديلات تويوتا لما تمتاز به من مواصفات عالية تتحمل السير في المناطق الجبلية والوعرة.
ويتابع سيف الدين أن "الطلب زاد من قبل داعش على الصهاريج لغرض تفخيخها وتفجيرها،
وأن التنظيم عقد صفقة مع تجار في العراق وسورية، واشترى أكثر من 350 "صهريجاً" لغرض استخدامها في التفخيخ، وتهريب النفط من المناطق التي يسيطر عليها في مناطق نينوى وأطراف صلاح الدين وكركوك والأنبار في العراق، والحسكة وحلب في سورية".
أحد العاملين في بيع وشراء السيارات في محافظة نينوى، يونس الجبوري، قال لـ "العربي الجديد"، إن "سوق السيارات في نينوي يسيطر عليه تنظيم داعش، وهناك أشخاص من التنظيم يقومون بإدارة ساحات البيع والشراء الخاصة في السيارات، وأن أسعار السيارات انخفضت إلى نصف أسعارها عما كانت عليه قبل دخول داعش إلى المحافظة وباقي المناطق"، مشيراً الى أن "عدم توفر التحويل والتسجيل والترقيم الحكومي يفقد السيارة نصف قيمتها الحقيقية؛ فمثلا السيارة التي كان سعرها 15 ألف دولار الآن تباع بنحو 7500 دولار، يضاف إليها الرسوم التي فرضها ديوان المال التابع للتنظيم، وتصل إلى مائة دولار عن كل سيارة تباع أو تشترى في ساحات بيع وشراء السيارات، والبالغ عددها في نينوى وحدها نحو خمس ساحات، ويجني منها التنظيم موارد مالية كبيرة وينفقها".
ويؤكد الجبوري أن "عمليات توريد السيارات عن طريق تجار تابعين لداعش يجلبون السيارات من الأردن والسعودية والعراق، وتدر عليهم أرباحاً كبيرة"، لافتاً إلى أن هناك "وسطاء وتجاراً في جميع الدول المجاورة للعراق، تتعامل مع التنظيم بشكل غير مباشر، وعقدت صفقات لبيع السيارات مع داعش، وأضاف أن هناك قيادات عربية في التنظيم تقود سيارات يتجاوز سعر الواحدة منها 40 ألف دولار، وجميعها إنتاج العام الحالي 2015".
وكشف أن "هناك صفقات تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومعظمها ينفذها وسطاء وقادة تنظيم داعش المسؤولون عن قطاع السيارات، من حيث الشراء أو البيع في العراق وسورية".
ويقول أحد سكان نينوى؛ ويدعى عمر عبد الرحمن في حديث لـ "العربي الجديد"، إن "حركة
البيع والشراء تراجعت بشكل كبير، وما يتم بيعه في نينوى بين أشخاص نعرفهم، ويفرض داعش علينا الإتاوات تحت مسمى الرسوم لرعايا الدولة الإسلامية، وهناك تراجع كبير في أسعار السيارات"، مشيراً إلى أنه اشترى سيارة من أحد المعارف، ويصل سعرها قبل العاشر من يونيو/حزيران الماضي إلى 20 ألف دولار، وباعها منذ أيام بسعر ثمانية آلاف دولار، في ظل غياب مديرية المرور في المحافظة المختصة ببيع وتسجيل الأرقام والأوراق باسم الحائز أو المشتري، لمنع حدوث عمليات سرقة أو استخدام السيارات في التفجيرات.
وتابع أن "هناك من يتعامل بسيارات مستعملة استولى عليها داعش في المواجهات المسلحة في المحافظات؛ على أنها غنائم فيتاجرون بها ويسجلونها بأرقام جديدة، وهذه الفئة يطلق عليهم "سيارات داعش" وأسعارها تتراوح بين ثلاثة آلاف دولار وصولا إلى ستة آلاف دولار؛ وهي مختصة بالمسلحين الذين يفضلون التعامل بالدولار".
اقرأ أيضاً:
أزمة مواصلات تشل شوارع بغداد