- الحكومة العراقية تعمل على مراجعة وتعديل الموازنة لتقليص العجز المالي، مع التركيز على تعديل كلف المشاريع وحجم الإنفاق الاستثماري.
- البرلمان العراقي ينتقد تأخر الحكومة في إرسال الموازنة، مما يعرقل دراستها والتصويت عليها، مع التأكيد على ضرورة معالجة التأخير لتجنب تعطيل المزيد من المشاريع الخدمية.
تواجه الدولة العراقية تحديات كبيرة في ظل تأخر إقرار موازنة الدولة الاتحادية لهذا العام 2024، والبالغة نحو 228 تريليون دينار (الدولار = 1.320 ألف دينار) على الرغم من انقضاء خمسة أشهر من هذا العام، وانعكس هذا التأخير على تعطل المشاريع الخدمية والبنية التحتية البالغة حوالي ألف و300 مشروع تمت إضافتها إلى جداول الموازنة وبنودها.
ودخلت الدولة الشهر الخامس من السنة من دون موازنة، رغم أن قانون رقم 16 لسنة 2009 ينص على أن الموازنة تعد قبل ثلاثة أشهر من نهاية السنة المالية.
وأكد مسؤولون عراقيون أن جميع القطاعات الخدمية بما فيها الصحية والتعليمية تعاني عدم الإنفاق وتأخر الكثير من التخصيصات المالية المتعلقة بالمشاريع الخدمية والاستثمارية. فيما كشفت مصادر سياسية عن أن التصويت على بنود الموازنة سيتم في مجلس الوزراء قريباً، ليتم إرسالها إلى البرلمان من أجل دراستها وعرضها على التصويت التشريعي بصورة نهائية.
وكان مجلس النواب العراقي قد صوّت في 12 حزيران/يونيو 2023، على قانون الموازنة الاتحادية للأعوام 2023 و2024 و2025، في بادرة هي الأولى من نوعها في تاريخ البلاد من حيث حجم الموازنة وعدد السنوات المالية، بقيمة 197 تريليوناً و828 مليار دينار سنوياً، بعجز مالي قدره 63 تريليون دينار، لكن القرار منح الحكومة حق التعديل والمراجعة على موازنة كل عام وفقاً لما يتطلبه المشهد المالي للبلاد بما فيها أسعار النفط.
تعديلات حكومية
قال مصدر حكومي في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن الموازنة العامة للدولة العراقية لهذا العام 2024 تحت مراجعة الحكومة، وسيتم إقرارها خلال جلسات مجلس الوزراء القادمة، لأنها في حاجة إلى تعديل جداولها وتقليص نسبة العجز المالي.
وأوضح المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن وزارة المالية العراقية أرسلت جداول الموازنة قبل أكثر من شهر إلى مجلس الوزراء، وتم العمل على تسوية الخلافات المتعلقة بقيمة المشاريع وحجم الإنفاق الاستثماري. وأشار إلى أن جداول الموازنة الثلاثية تتطلب مراجعة دورية في كل سنة مالية من أجل تعديل كلف المشاريع وحجم الرواتب والتعيينات والتقاعد وإدراج مشاريع جديدة.
وأضاف، أن التعديلات الحكومية تشمل أيضاً تخصيصات الوزارات وموازنات المحافظات غير المرتبطة بالإقليم من دون المساس بالنصوص والبنود القانونية وسعر برميل النفط وأسعار الصرف كونها سارية منذ بداية العام الحالي.
انتقادات برلمانية
حملت اللجنة المالية في البرلمان العراقي، الحكومة العراقية مسؤولية تأخر إرسال الموازنة إلى مجلس النواب لغرض دراستها ومعرفة أبواب الصرف المالي وجداوله والقوانين التي أضيفت إليها قبل عرضها للتصويت النهائي.
وقال عضو اللجنة معين الكاظمي، إن أرقام الموازنة المرتقب وصولها إلى البرلمان قد ارتفعت من 197 تريليون دينار العام الماضي إلى أكثر من 228 تريليوناً، وإن هذه الزيادة ستكون على الأرقام وليس البنود. وأنتقد الكاظمي في تصريحات للصحافيين السبت، التلكؤ الحاصل من وزارة المالية في صرف مستحقات المحافظات المالية على الرغم من دخول الشهر الخامس من السنة، وهذا ما سبّب تعديل الكثير من المشاريع الخدمية في الدوائر البلدية والتعليمية والصحية.
تأخر الموازنة
من جهته، أوضح النائب محما خليل، أن السنة الأولى من الموازنة الثلاثية واجب الالتزام بها، أما السنتان التاليتان 2024 و2025 فهما قابلتان للتغيير، لكن دخلت البلد حالياً في الشهر الخامس ولم ترسل الحكومة الموازنة إلى مجلس النواب رغم مطالبته بها.
وقال خليل، في حديث صحافي، إن اللجان البرلمانية المعنية بالموازنة والمتمثلة باللجنة المالية ولجنة التخطيط الاستراتيجي حاولتا مع الجهات المختصة في الحكومة العراقية تذليل المعوقات أمام التغييرات في جداول الموازنة. وحمّل خليل، مجلس الوزراء العراقي مسؤولية تأخر إرسال الموازنة إلى البرلمان.
العجز المالي
يرى مختصون، أن نسبة العجز المالي في موازنة الدولة العراقية المرتقبة تقدر بحدود سبعة في المائة من إجمالي الحجم المالي لبنود الموازنة العامة وجداولها للعام الحالي التي تترقب التصويت عليها في أروقة مجلس الوزراء العراقي.
وبين الباحث الاقتصادي، أحمد صباح، أن كثرة المشاريع المُدرجة في جداول الموازنة التي تبلغ حوالي 1300 مشروع تمت إضافتها إلى موازنة 2024 ولم تكن واردة في موازنة 2023، بالإضافة إلى مليون موظف جديد تم تعيينهم في الوزارات والهيئات.
وأضاف صباح، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تأخر موازنة العام الحالي سيشكل ضغطاً على حجم النفقات ويرفع من نسبة العجز المالي، بالإضافة إلى غياب فرص التنمية المستدامة. وبحسب الباحث الاقتصادي فإن التراكمات المالية والمشاريع والسيولة النقديَّة وأبواب الصرف غير المبرر بعيداً عن مشاريع التنمية الحقيقية، أسباب أدت إلى تفاقم حالة العراق في تعزيز وجود المخاطر الاقتصادية والمالية التي سيخلقها العجز المالي.
وأكد صباح، أن نسبة العجز في جداول الموازنة كبيرة جداً، وتتطلب تعديلات جوهرية من خلال تقليص حجم النفقات العامة، ودعم القطاع الخاص، وفتح مجالات جديدة لتعزيز الإيراد القومي وزيادة حجم الكتل النقدية التي يقدمها الناتج الوطني الإجمالي.