لا تدعو مؤشرات التخبط السياسي العراقي إلى التفاؤل حيال إمكانية إقرار الموازنة المالية للعام الحالي، خاصة مع دخول أزمة تشكيل الحكومة في تعقيدات غير مسبوقة، وفي ظل التقاطعات الحالية داخل البرلمان الذي دخل عطلته التشريعية منذ عدة أيام وتستمر شهراً كاملاً.
وتحدد الموازنة بنود مصروفات الدولة خلال عام خاصة المخصصة للرواتب والدعم وسداد أعباء الديون، كما تحدد المستهدف من إيرادات الدولة. وعلى الرغم من نجاح الحكومة في الحصول على نحو 18 مليار دولار ضمن قانون الأمن الطارئ الذي أقره البرلمان أخيرا لتأمين استيراد الطاقة وتمويل المشاريع الخدمية المهمة، وتمويل صندوق الرعاية الاجتماعية، إلا أن مسؤولين يؤكدون استمرار حاجة البلاد للموازنة التي أعدت مسودتها بوقت سابق عند قرابة 90 مليار دولار.
والثلاثاء الماضي، أكد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في كلمة ألقاها على هامش اجتماع لأعضاء حكومته أن "البلاد بحاجة إلى الموازنة الجديدة كي تمضي الدولة بمشاريعها لخدمة المواطن".
لكن المحكمة الاتحادية جردت حكومة الكاظمي من كافة الصلاحيات، باعتبارها حكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات، ولا يحق لها اقتراح مشاريع القوانين المهمة مع إبطال كافة أوامر التعيين بالدرجات العليا التي صدرت خلال فترة تصريف الأعمال.
وقال النائب في البرلمان العراقي، أحمد حمة رشيد، إن "الحكومة الحالية غير قادرة على إقرار موازنة البلد لهذا العام، وذلك لأنها لا تمتلك الصلاحيات لتشريع قوانين وفقا لما أقرته المحكمة الاتحادية"، واصفاً حديث الكاظمي حول ضرورة إقرار الموازنة "كذر الرماد في العيون لا أكثر".
وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن "موازنة 2022 من المفترض أن تقر منذ نهاية العام الماضي، إلا إن حالة الانسداد السياسي التي يعيشها العراق منذ ما يقارب 8 أشهر حالت دون ذلك".
واعتبرت عضوة اللجنة الاقتصادية في البرلمان عن دورته السابقة، نجيبة نجيب قرار المحكمة الاتحادية الأخير المتعلق بصلاحيات حكومة تصريف الأعمال، بأنه "قيّد يد الحكومة الحالية في ما يتعلق بإقرار الموازنة".
وأوضحت أن "تعقيد المشهد السياسي حول تشكيل الحكومة واستقالة نواب التيار الصدري من البرلمان كانت رسالة واضحة بأن الأزمة تتجه نحو التعقيد، لذلك فإن موازنة 2022 لن ترى النور هذا العام"، مشيرة إلى أنه حتى وإن تشكلت حكومة جديدة فإن الموازنة ستكون جزئية تكميلية لشهرين أو ثلاثة أشهر فقط".
وأشارت إلى أن "دخول العراق في الشهر السادس من العام الحالي من دون تشريع موازنة البلاد العامة سيحرم الحكومة من تسديد التزاماتها الداخلية والخارجية والإنفاق على متطلبات المشاريع والخدمات الضرورية للمواطنين".
كذا، اعتبر الخبير الاقتصادي علي الفريجي أن الأزمة السياسية حول تشكيل الحكومة المقبلة أدخلت العراق في فوضى جديدة حول كيفية استثمار إيرادات ومقدرات الدولة".
وأشار الفريجي لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "من الصعب إقرار الموازنة لهذا العام في ظل ما يشهده العراق من اضطرابات سياسية إلا إذا ما فاجأنا السياسيون بضرب القوانين والدستور وتعليمات الإدارة المالية للدولة"، مشيراً إلى أن العراق يدخل اليوم في فوضى اقتصادية تضاف إلى حجم التراكمات السلبية للسنوات السابقة".