العدوان يُقلق اقتصاد الأردن: توسع الحرب على لبنان ينذر بأزمات مقبلة

28 سبتمبر 2024
سوق تجاري في عمّان، 5 إبريل 2021 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تأثير الأوضاع الإقليمية على الاقتصاد الأردني: تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان وغزة يزيد من احتمالات نشوب حرب شاملة، مما يؤثر على حركة التجارة وارتفاع تكاليف الشحن، ويهدد الأمن الغذائي والاستثمار والسياحة.

- الإجراءات الحكومية لمواجهة التحديات الاقتصادية: اتخذت الحكومة الأردنية إجراءات استثنائية تشمل تخفيض تخزين السلع، تحديد سقوف للرسوم الجمركية، تسريع التخليص في ميناء العقبة، وتوفير تسهيلات مالية للشركات لضمان توفر السلع الأساسية.

- ارتفاع الأسعار والتضخم في الأردن: ارتفع المستوى العام للأسعار بنسبة 1.7% خلال الأشهر السبعة الأولى من العام، مدفوعاً بزيادة أسعار مواد غذائية أساسية، مما يتطلب جهوداً مضاعفة لتعزيز الأمن الغذائي وتحفيز القطاع الخاص.

تترقب الأسواق في الأردن بقلق تطورات الأوضاع في المنطقة وتزايد احتمالات نشوب حرب شاملة بعد تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان واستمراره على قطاع غزة والضفة الغربية، وما قد ينجم عنه من تداعيات جديدة على حركة التجارة من المنطقة وإليها، ما يؤثر على ارتفاعات إضافية في تكاليف الشحن، نظراً إلى ارتفاع المخاطر، إضافة إلى التأثيرات التي تطاول السوق المحلية والاستثمارات وغيرها.

ولا يزال الأردن يعاني من ارتفاع أجور الشحن البحري التي زادت بأكثر من 200% بسبب أزمة البحر الأحمر وباب المندب ضمن التداعيات المباشرة للعدوان على قطاع غزة، إضافة إلى الاختلالات في سلاسل التوريد عولجت بإجراءات حكومية استثنائية واستباقية طُبقت منذ نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي.

وقال عضو غرفة تجارة عمّان علاء ديرانية لـ"العربي الجديد" إن الأردن كباقي دول المنطقة سيتأثر اقتصادياً وبشكل كبير بتصاعد عدوان الاحتلال الإسرائيلي على لبنان، واستمراره على قطاع غزة، وزيادة احتمالات توسع نطاق الحرب، حيث ستتأثر حركة التجارة العالمية، وخاصة التي تمر من خلال باب المندب، ما يعني احتمالات حصول ارتفاعات قياسية جديدة على أجور الشحن واختلال سلاسل التوريد وتعريض الأمن الغذائي للخطر.

وأضاف أن مخاطر الاستثمار سترتفع في المنطقة وستتباطأ المشاريع والحركة السياحية، مع تراجع العديد من الأنشطة الاقتصادية وما يتخللها من ارتفاع للفقر والبطالة. وقال ديرانية إن على الحكومة الاستمرار بحزمة الإجراءات التي اتُّخذت منذ العام الماضي بهدف مواجهة التداعيات التضخمية للعدوان على غزة واضطرابات البحر الأحمر وباب المندب، ما ساهم في انتظام عمل سلاسل التوريد وتعزيز الأمن الغذائي والحد من تأثير ارتفاع الأسعار عالمياً على السوق المحلية وتحفيز القطاع الخاص لمواصلة توريد السلع إلى السوق الأردنية. 

ارتفاع الأسعار في الأردن

وكانت الحكومة قد خفّضت تخزين السلع الغذائية للقطاع الخاص في مستودعات شركة الصوامع الحكومية بنسبة 40%، وتحديد سقوف لغايات احتساب الرسوم الجمركية على السلع الموردة من مناشئ مختلفة، وتسريع إجراءات التخليص في ميناء العقبة، وتوفير حزمة تسهيلات مالية للشركات بأسعار فائدة مخفضة جداً، والعمل على إيجاد مسارات استيراد وتصدير جديدة.

كما أُعيد النظر بشروط استيراد المواد الغذائية، خاصة اللحوم من بعض المناشئ، من دون الإخلال بمتطلبات الصحة والسلامة العامة لضمان توفر السلع الأساسية وعدم حدوث نقص فيها، إضافة إلى تثبيت أسعار السلع في الأسواق التي تملكها الحكومة "المؤسستين الاستهلاكيتين المدنية والعسكرية". ورغم ذلك، شهد الأردن ارتفاعات في أسعار العديد من السلع، بعضها كان امتداداً لجائحة كورونا وتداعياتها، لكن الإجراءات الحكومية ساهمت في احتواء ما أمكن منها.

وقد ارتفع المستوى العام للأسعار في الأردن، مقاساً بالتغير النسبي لأسعار المستهلك خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، بنسبة 1.7% مقابل ارتفاع نسبته 2.7% خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وذلك نتيجة للزيادة التي طرأت على أسعار العديد من السلع الغذائية والخدمات الأساسية. وقال البنك المركزي الأردني في أحدث تقرير له اطلعت عليه "العربي الجديد" إن ارتفاع نسبة التضخم جاء مدفوعاً بالزيادة التي طرأت على أسعار مواد غذائية أساسية مثل اللحوم والدواجن بنسبة 3.5%، بالمقارنة مع تراجعها بنسبة 0.6% خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الماضي 2023.

كما ارتفعت أسعار الخضراوات والبقول الجافة والمعلبة بنسبة 4% بالمقارنة مع انخفاض نسبته 13.4%. وكذلك ارتفعت أسعار السكر ومنتجاته والحبوب ومنتجاتها بواقع 2.6% و2.1%، بالمقارنة مع ارتفاع نسبته 2% و4.2% على التوالي خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الماضي. وزادت أسعار بند الإيجارات بنسبة 4% بالمقارنة مع ارتفاع نسبته 4.6% خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الماضي، إضافة إلى ارتفاع بند التبغ والسجائر بنسبة 3.1% مقابل ارتفاعه بنسبة 2.2% للفترة المقابلة من العام الماضي.

وقال البنك المركزي إن السلع والخدمات أعلاه ساهمت برفع معدل التضخم بواقع 1.3 نقطة مئوية، بالمقارنة مع مساهمة 0.7 نقطة مئوية خلال الفترة نفسها من العام الماضي. وفي المقابل، تراجعت أسعار عدد من البنود، أبرزها الزيوت النباتية والدهون والوقود والإنارة. 

انتكاسة اقتصادية

الخبير الاقتصادي حسام عايش قال لـ"العربي الجديد" إن الاحتلال الإسرائيلي أدخل المنطقة من خلال عدوانه على لبنان في مرحلة جديدة من الصراع والأعمال العسكرية التي تزيد من احتمالات نشوب حرب شاملة واتساع نطاقها، ما يؤدي إلى انتكاسة كبيرة للوضع الاقتصادي في الأردن، وستكون حركة التجارة أول المتأثرين بذلك والتداعيات المختلفة التي ستنجم عن الصراع.

وأضاف أن دول المنطقة برمتها معرضة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لأزمة أمن غذائي نظراً إلى ارتفاع مخاطر الشحن البحري وتزايد التكاليف، وعلى الأرجح، عزوف الشركات العالمية عن تسيير بواخرها في البحر الأحمر لتفادي المخاطر، وإن استمرت في عملها، فإنها ستقوم برفع الأجور، وتقابلها زيادة كبيرة في بوالص التأمين.

وقال إن مواجهة ذلك أردنياً تتطلب مضاعفة الجهود لتعزيز الأمن الغذائي وتحفيز القطاع الخاص للتحوط على أكبر كميات ممكنة من المواد الغذائية للفترة المقبلة، مشيراً إلى أن الحكومة تحتفظ بمخزون مريح من مادة القمح يزيد عن 10 أشهر، وهذا يعود إلى نجاحها في السنوات الأخيرة بالتوسع في إنشاء المستودعات لزيادة القدرات التخزينية من الحبوب. 

تأثير على الاستثمارات

ورغم ما بذله الأردن من جهود خلال السنوات الأخيرة لاستقطاب الاستثمارات وتهيئة بيئة جاذبة للاستثمار من خلال إصدار قانون البيئة الاستثمارية، إلا أن الخبير عايش يرى أن التوجهات الاستثمارية للمنطقة بأكملها ستتراجع على الأقل في هذه المرحلة، وترقب ما ستؤول إليه الأوضاع وتطورات العدوان على لبنان واستمراره على غزة.

وكانت الحكومة قد أكدت قدرة الاقتصاد الأردني على مجابهة التحديات الطارئة، وأن هناك العديد من المؤشرات الإيجابية المتعلقة بالاحتياطي من العملات الأجنبية التي بلغت 20 مليار دولار، وهي غير مسبوقة في تاريخ الأردن، وكذلك حجم الودائع في البنوك التي تقارب 60 مليار دولار، والسيولة المحلية، واستقرار السياسة النقدية وثبات سعر صرف الدينار الأردني لارتباطه بالدولار الأميركي، ومتانة الجهاز المصرفي.

المساهمون