استمع إلى الملخص
- **استمرارية السياسات الاقتصادية لبايدن**: ستستمر هاريس في الاستثمار بقطاع التصنيع، البنية التحتية، والطاقة الخضراء، مع التركيز على "اقتصاد الرعاية" ودعم الطبقة المتوسطة.
- **التحديات والفرص أمام هاريس**: ستواجه هاريس تحديات من ترامب والجمهوريين، مع التزامها بعدم زيادة الضرائب على من يقل دخله عن 400 ألف دولار، واستغلال النجاحات الاقتصادية لأجندة بايدن-هاريس.
خلال الأسبوع الأول من حملتها الانتخابية، لم تتفوه كامالا هاريس، المرشحة المحتملة من الحزب الديمقراطي لانتخابات الرئاسة الأميركية، بكلمة عن توجهاتها الاقتصادية حال وصولها إلى البيت الأبيض، واكتفت بالإشارة إلى الطبقة المتوسطة، وما ستقدمه لها من خدمات، بأنها ستكون على رأس أجندتها الاقتصادية اعتباراً من اللحظة التي ستدخل فيها إلى المكتب البيضاوي.
وقالت أمام حشد هادر من الناخبين في صالة ألعاب رياضية في مدرسة ثانوية في ويسكونسن يوم الثلاثاء: "سيكون بناء الطبقة المتوسطة هدفًا محددًا لرئاستي، لكن دونالد ترامب يريد إعادة بلدكم إلى الوراء". وتتبنى هاريس بالفعل النقاط الأكثر شعبية من خطط الرئيس الحالي جو بايدن وإنجازاته التشريعية، بينما تظهر تعارضاً واضحاً مع مقترحات ترامب، وتسعى في الوقت نفسه إلى تجنب أي شظايا اتهام يمكن أن تصيبها بسبب أزمة تكلفة المعيشة وارتفاع معدل التضخم، التي تكشفت في السنوات الأخيرة، وأضرت بالملايين من المنتمين إلى الطبقة المتوسطة.
ويقول مسؤولون حاليون وسابقون في إدارة بايدن إنه من المتوقع أن تسير هاريس على خطى بايدن للاستثمار في قطاع التصنيع في البلاد، وإصلاح البنية التحتية وتحفيز الطاقة الخضراء، إلا أنها ستركز أيضًا بشكل كبير على ما يسمى "اقتصاد الرعاية"، الذي يشمل زيادة فرص الحصول على رعاية الأطفال، وإجازة الأسرة مدفوعة الأجر، وتمويل التعليم، وهي الخطط التي لم يتمكن بايدن من تمريرها عبر الكونغرس، وكانت دائما في بؤرة اهتمام الطبقة المتوسطة.
ولعل الأهم من ذلك أن هاريس قد تكون مدافعة أكثر فعالية عن السياسات الاقتصادية لإدارة بايدن أمام الناخبين الأميركيين في مواجهة الهجمات المتواصلة من الجمهوريين، بما في ذلك ترامب، الذي ألقى باللوم على بايدن في ارتفاع الأسعار. وكافح الرئيس الأميركي الحالي لإقناع الشعب الأميركي بأنه كان أفضل حالًا تحت إدارته، على الرغم من قيادته البلاد إلى الخروج من أسوأ انكماش اقتصادي منذ الكساد الأعظم، وتحقيقه نموًا قياسيًا في الوظائف.
وقال إيرني تيديسكي، كبير خبراء الاقتصاد السابق في مجلس مستشاري البيت الأبيض الذي يشغل الآن منصب مدير الاقتصاد في "مختبر الميزانية" في جامعة ييل، لصحيفة فاينانشال تايمز: "بدأ ارتفاع معدل التضخم تحت إشراف الرئيس بايدن، لذا أعتقد أن الناس يربطون بين فترة حكمه وارتفاع الأسعار". لكنه أضاف: "أعتقد أن هناك احتمالًا حقيقيًا ألا يلوم الناخبون نائبة الرئيس هاريس بقدر ما فعلوا مع الرئيس بايدن".
ولا تمتلك هاريس، المدعية العام السابقة وعضو مجلس الشيوخ الأميركي من كاليفورنيا، خلفية قوية في الاقتصاد. وبصفتها نائبة للرئيس، فإن لديها مستشارين اقتصاديين رئيسيين هما مايك بايل، خبير الاقتصاد السابق في عملاق إدارة الأصول بلاك روك الذي خدم مؤخرًا في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض وهو الآن في Macro Advisory Partners، وديان ميليسون التي تعمل الآن على سياسة التصنيع في شركة فورد موتور. لكن مسؤولي إدارة بايدن يقولون إن لديها وجهات نظر يسار الوسط السائدة بشأن السياسة الاقتصادية، والتي من المحتمل أن تظهر استمرارية مع نهج بايدن بدلاً من الانحراف عنه.
وفي السياق، قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، خلال مؤتمر صحافي في قمة مجموعة العشرين في البرازيل، هذا الأسبوع: "أشعر أن القيم الأساسية التي انعكست في سياسات هذه الإدارة هي القيم التي تعتنقها نائبة الرئيس هاريس بعمق". وأضافت: "من الواضح أنها تدعم أسر الطبقة المتوسطة، وهي تعلم أنها مفتاح القوة الاقتصادية لأميركا. لقد ركزت على خلق وظائف جيدة، وخفض التكاليف للأميركيين في مجالات حاسمة، مثل رعاية الأطفال والرعاية الصحية، وتدريب العمال في صناعات المستقبل". وكانت السياسات التي تدافع عنها هاريس لتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي الأميركية جزءاً من خطة بايدن التاريخية لإعادة البناء بشكل أفضل لعام 2021 بقيمة 3.5 تريليونات دولار، لكنها استُبعدت من إقرارها النهائي عبر الكونغرس.
وقال تيديسكي: "يمكنني أن أتخيل أجندة قصيرة جدًا وقوية مصنوعة من القطع التي تركز على الأسرة في أجندة بايدن، والتي كانت تنتظر ما كنا نتوقعه أن تكون فترة ولاية ثانية". وقال بن هاريس، الذي كان في السابق أحد كبار مساعدي بايدن الاقتصاديين والذي يعمل الآن في مؤسسة بروكينغز، لصحيفة فاينانشال تايمز، إن هناك مجالًا أيضًا لهاريس للتركيز على الإسكان، نظرًا لخبرتها في الدعوة إلى خفض تكاليف الإيجار خلال فترة وجودها في مجلس الشيوخ. وأضاف: "سيؤدي ذلك إلى توسيع العمل الذي تقوم به الإدارة الحالية، والتي ركزت على القضايا المتعلقة بالإسكان في الأشهر الأخيرة". وأعلن البيت الأبيض مؤخرًا عن خطة للحد من زيادات الإيجار على مستوى البلاد، كما خصص المزيد من الأموال لتوسيع نطاق المعروض من المساكن بأسعار معقولة.
وتتوقع فيليسيا وونغ، التي عملت في المجلس الاستشاري لبايدن، أن تدافع هاريس بقوة أكبر عن النقابات الأميركية. وكان أحد التجمعات الأولى لنائبة الرئيس، بعد أن أُعلن عن الدفع بها في الانتخابات القادمة، مع أعضاء الاتحاد الأميركي للمعلمين، ثاني أكبر نقابة للمعلمين في البلاد. وقالت هاريس في الحدث الذي أقيم في هيوستن بولاية تكساس يوم الخميس: "إن إحدى أفضل الطرق للحفاظ على تقدم أمتنا هي إعطاء العمال صوتًا لحماية حرية التنظيم، والدفاع عن حرية التفاوض الجماعي، وإيقاف الهجوم على النقابات".
وسيكون التحدي الأكبر الذي تواجهه هاريس هو محاولة فضح الجهود التي يبذلها ترامب والجمهوريون لتصوير أنفسهم أنهم حزب للعمال، وبصفة خاصة في الولايات المتأرجحة. وانتقدت هاريس بالفعل ترامب بشأن السياسات التي تقول إنها ستضر بالأسر العاملة، بما في ذلك التخفيضات الضريبية للأميركيين الأثرياء والشركات، والتعريفات الجمركية الشاملة على الواردات، والترحيل الجماعي للمهاجرين. ومن المتوقع أن تلتزم هاريس بتعهد بايدن بعدم زيادة الضرائب على أي شخص يقل دخله عن 400 ألف دولار سنويًا.
وقال بهارات رامامورتي، نائب مدير المجلس الاقتصادي الوطني السابق لبايدن، لوسائل إعلام أميركية: "في نهاية المطاف، في نوفمبر/تشرين الثاني، سيكون أمام الناخبين خيار بشأن مسارين مختلفين للمستقبل". وأضاف: "كلما زاد التركيز الذي يمكن للحملة أن تضعه على أجندة ترامب الفعلية، اعتقدت أنهم سيكونون قادرين على إقناع الناخبين بأن هذا هو المسار الخطأ".
ومع تراجع التضخم من أعلى مستوياته في أكثر من أربعة عقود في عام 2022، واستعداد بنك الاحتياط الفيدرالي لخفض تكاليف الاقتراض، فإن الخطط الاقتصادية المحسنة قد تسمح لحملة هاريس بالترويج للنجاحات الاقتصادية لأجندة بايدن-هاريس، مع تزويدها ببعض التفاؤل بشأن توجهاتها الخاصة لدفع الاقتصاد الأميركي للنمو. ووجد استطلاع حديث أجرته شركة بلوبرينت، وهي شركة استطلاع رأي ديمقراطية، أن الناخبين انقسموا بالتساوي بين هاريس وترامب عندما سئلوا عن المرشح الذي سيقوم بعمل أفضل في خفض أسعار السلع والخدمات.