تتجه الأنظار نحو المناطق الحرة في اليمن مع حضور صيني دبلوماسي واقتصادي مكثف منذ الأسبوع الماضي، في خطوة إضافية لتعبيد الطريق أمام توسيع نطاق طريق الحرير الصيني، ليشمل مناطق مروية حيوية في المنطقة رغم الصراعات التي يشهدها اليمن.
وتربط اليمن والصين علاقات تجارية واقتصادية واسعة منذ عقود، غير أنها تعرضت لاضطرابات خلال السنوات الثماني الماضية من عمر الحرب والصراع الدائر في اليمن. وعرض وفد دبلوماسي واقتصادي صيني خلال زيارته نهاية الأسبوع الماضي مدينة عدن التي تتخذ منها الحكومة المعترف بها دولياً عاصمة مؤقتة، تطوير عمل هيئة المنطقة الحرة في إطار خطة "مشروع طريق الحرير"، إضافة إلى ميناء عدن وبعض المشاريع والمنشآت الاقتصادية الأخرى.
وأفادت مصادر مطلعة في تصريحات لـ"العربي الجديد"، بأنه جرى بحث العديد من المحاور المتعلقة بتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، وكيفية تقديم الدعم اللازم لتحسين البيئة الاستثمارية في المنطقة الحرة، واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين عمل ميناء الحاويات، فضلا عن تعزيز تعاونها في قطاع النفط والغاز.
يؤكد الباحث الاقتصادي جمال حسن العديني لـ"العربي الجديد"، أهمية استقطاب الاستثمارات الصينية في مختلف المجالات، لكنه يشدد على ضرورة أن تكون الاتفاقات واضحة وفق القوانين والتشريعات اليمنية النافذة وبدون أي اشتراطات أو تنازلات تهدر حق الاجيال القادمة، كما حدث ذلك سابقاً في اتفاقيات ومشاريع كانت أشبه "بالفخاخ" التي وقع فيها اليمن ولا يزال البلد يدفع الثمن حتى الآن مثل اتفاقية مشروع الغاز الطبيعي المسال مع توتال الفرنسية، واتفاقية تشغيل وإدارة ميناء عدن مع شركة موانئ دبي.
وأدى إهمال شركة موانئ دبي في تشغيل وتطوير وإدارة ميناء عدن إلى إلغاء الاتفاقية معها، في حين يتكبد اليمن خسائر جسيمة بسبب اتفاقية مشروع الغاز الطبيعي المسال والتي هضمت حصة الحكومة اليمنية في ظل ما يجري مؤخراً من اهتمام فرنسي بإعادة تصدير الغاز اليمني المسال وفق الآليات السابقة والتي تحدد سعر المليون وحدة حرارية بحوالي 3 دولارات والتي بحسب خبراء اقتصاد بمثابة فضيحة وجريمة بحق اليمن، لأن هناك تغييرات واسعة في السوق الدولية مع سعر المليون وحدة حرارية من الغاز المسال إلى نحو 60 دولاراً.
لكن الخبير الملاحي ميثاق ناصر، يعتبر في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الوضع يختلف بالنسبة للتعاون مع الصين، نظراً لموقع اليمن الجغرافي الاستراتيجي وأهميته في مشروع طريق الحرير، والذي قد يفتح آفاقاً واسعة لليمن في جذب استثمارات وتمويلات صينية ودولية واسعة ستحدث نقله نوعية في انتشال المناطق الحرة المتردية وتطوير الموانئ اليمنية التي تأتي في إطار مشروع طريق الحرير.
ويشير ناصر إلى أن الاهتمام مؤخراً بإعادة تشغيل ميناء المخا غرب تعز الذي تسيطر عليه القوات التابعة لطارق صالح المدعومة من الإمارات، تأتي في هذا الإطار وما يجري من حراك صيني ودولي واسع في إطار مشروع طريق الحرير ودخول اليمن على قائمة اهتمامات هذا المشروع.
بدوره، يصف الباحث الاقتصادي علي العماري، اليمن بـ"الغريق" الذي يتعلق بقشه بالنظر إلى وضع البلاد المتدهور على المستوى الاقتصادي وانهيار العملة المحلية والتردي الذي يطاول معظم القطاعات الخدمية والإنتاجية، مشيرا إلى أن الصين تنضم للاهتمام الدولي في اليمن مؤخراً إلى جانب الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا.