أقبل الصينيون، الذين انقطع اتصالهم ببقية العالم لمدة ثلاث سنوات بسبب القيود المرتبطة بكوفيد-19، على مواقع شركات السفر اليوم الثلاثاء، قبيل إعادة فتح حدود البلاد، وذلك رغم ما سببه ارتفاع عدد الإصابات من إرهاق للنظام الصحي واضطراب للاقتصاد.
وألحقت إجراءات صفر-كوفيد، من إغلاق للحدود وفرض عمليات إغلاق متكررة، أضراراً بالاقتصاد الصيني منذ أوائل عام 2020، مما أدى الشهر الماضي إلى أكبر استياء عام علني في البلاد منذ تولي الرئيس شي جين بينغ السلطة في 2012.
وفي خطوة كبيرة نحو تخفيف القيود الحدودية رحبت بها أسواق الأسهم الآسيوية اليوم الثلاثاء، قالت لجنة الصحة الوطنية في وقت متأخر أمس الاثنين إن الصين ستتوقف عن إلزام القادمين إليها بالحجر الصحي اعتبارا من الثامن من يناير/كانون الثاني.
انتعاش حجز رحلات السفر
وأظهرت بيانات منصة السفر (سي تريب) تضاعف عمليات البحث عن وجهات السفر الرائجة عبر الحدود إلى عشرة أمثالها في غضون نصف ساعة فقط، من تداول خبر رفع قيود الحجر الصحي. وقالت المنصة إن الوجهات الأكثر رواجا هي مكاو وهونغ كونغ واليابان وتايلاند وكوريا الجنوبية.
وأظهرت بيانات من منصة أخرى هي منصة "كيونار" أنه في غضون خمس عشرة دقيقة من انتشار الخبر قفزت عمليات البحث عن الرحلات الجوية الدولية إلى سبعة أمثال المعتاد، وتصدرت تايلاند واليابان وكوريا الجنوبية القائمة.
وشهد موقع حجز الرحلات "Tongcheng" ارتفاعاً بنسبة 850 بالمائة في عمليات البحث عبر الإنترنت وزيادة بعشرة أضعاف في طلب معلومات عن الحصول على التأشيرة.
وأفاد موقع "Trip.com" المنافس أنه في غضون نصف ساعة من الإعلان، زاد حجم البحث عن وجهات خارج البر الصيني بمقدار 10 أضعاف مقارنة بالعام السابق.
ترحيب شعبي ودولي
ولاقى القرار الصيني ترحيبا شعبيا داخليا ودوليا، فعلى موقع "ويبو" الصيني واسع الانتشار والذي يماثل تويتر في الصين، قال مستخدم: "لقد انتهى الأمر.. الربيع قادم!".
وكتب آخر على ويبو: "أستعد لرحلتي إلى الخارج!" فيما علق ثالث: "آمل ألا يرتفع سعر تذكرة العودة مرة أخرى!".
دولياً، قال كولم رافيرتي رئيس غرفة التجارة الأميركية في الصين عن الرفع الوشيك لقيود الحجر الصحي، وفقا لوكالة "رويترز" إننا "أخيراً نشعر كما لو أن الصين قد تجاوزت الأزمة".
وقال توم سيمبسون، المدير العام الصيني لغرفة التجارة الصينية البريطانية إنه "أمر يبعث على الارتياح، سينهي ثلاث سنوات من الاضطراب الكبير للغاية".
غير أن المسؤول لا يتوقع سوى انتعاش "تدريجي"، فشركات الطيران ستزيد ببطء عدد رحلاتها وستحسن استراتيجياتها في الصين لعام 2023. لكن الإعلان "لاقى ترحيباً كبيراً" على ما ذكر سيمبسون لوكالة "فرانس برس".
وقال دان وانغ كبير الاقتصاديين في بنك هانغ سنغ الصيني، إن "معدل السفر الدولي من المرجح أن يشهد طفرة لكن قد يستغرق الأمر عدة أشهر أخرى قبل أن يعود إلى مستوى ما قبل الجائحة".
وأضاف: "لا يزال كوفيد آخذا في الانتشار في معظم أنحاء الصين مما يعطل جدول العمل العادي بصورة كبيرة. يوجد فاقد كبير في الإنتاجية كما أن الضغوط التضخمية في الأشهر المقبلة يحتمل أن تكون حادة بسبب الارتفاع المفاجئ في الطلب الذي سيفوق وتيرة تعافي المعروض".
وقالت لجنة الصحة إن تدابير الصين للسيطرة على كوفيد سيجري خفضها من الفئة (أ) حالياً إلى الفئة (ب) الأقل صرامة اعتبارا من الثامن من يناير/كانون الثاني بعد أن أصبح الفيروس أقل ضراوة. ويعني هذا أن السلطات لن يتعين عليها بعد الآن عزل المرضى ومخالطيهم وإغلاق المناطق.
معاناة على المدى القريب
في الوقت الذي تشير فيه التوقعات إلى أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم سيشهد انتعاشا كبيرا في وقت لاحق من العام المقبل، بمجرد انحسار الموجة الأولى من العدوى، فمن المنتظر أن يواجه الاقتصاد الصيني صعوبات خلال الأسابيع والأشهر المقبلة مع ازدياد المرضى من بين العاملين.
واضطر العديد من المتاجر في شنغهاي وبكين وأماكن أخرى إلى الإغلاق في الأيام الماضية مع عدم قدرة الموظفين على القدوم إلى العمل، بينما منحت بعض المصانع الكثير من عمالها عطلة بمناسبة رأس السنة القمرية رغم أنها تحل في أواخر يناير /كانون الثاني.
وقال محللون من بنك الاستثمار الأميركي "جيه بي مورغان في مذكرة"، إن " القلق لا يزال قائما من حدوث خلل مؤقت في سلسلة التوريد مع تأثر القوة العاملة بالعدوى"، مضيفين أن تتبعهم للحركة في مترو الأنفاق في 29 مدينة صينية أظهر أن الكثيرين قللوا تحركاتهم مع انتشار الفيروس.
وأظهرت بيانات اليوم الثلاثاء، تراجع الأرباح الصناعية 3.6 بالمائة في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى نوفمبر/تشرين الثاني مقارنة بالعام السابق، مقابل انخفاض بواقع ثلاثة بالمائة في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أكتوبر/تشرين الأول، مما يعكس الأثر الذي خلفه رفع قيود مكافحة الفيروس الذي بدأ العمل به الشهر الماضي، ويشمل ذلك مناطق التصنيع الرئيسية.
وسيعطي رفع قيود السفر دفعة للاقتصاد الصيني الذي يبلغ حجمه نحو 17 تريليون دولار لكن ثمة محاذير قوية يجب وضعها في الاعتبار.
(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)